ربما سمعت يومًا عن جملة تتردد تقول «من ذهب إلى دهب عقله ذهب» وهى جُملة ليست بعيدة عن الواقع، فمن يذهب هناك يتمنى العودة مرة أخرى في أقرب فرصة بسبب طبيعة المكان والأماكن الساحرة التى تحبس أنفاس كل من يزورها. وسُميت «دهب» بهذا الاسم نسبة إلى لون رمالها الذهبى المُميز، وتجمع دهب بين الحياة البدوية البسيطة والأسواق والأماكن الترفيهية في مدينة متكاملة تُمكنك من الاستمتاع بسحر الطبيعة برًا وبحرًا، وتعتبر أيضًا من أفضل الأماكن في العالم للغطس ومشاهدة عالم ما تحت المياه بسبب مياهها الصافية وشعابها المرجانية المميزة. وتحتوى دهب على العديد من الأماكن السياحية المميزة، منها البلو هول ومحمية رأس أبو جالوم والكانيون وجزيرة كورال، ويعتبر البلو هول تحديدًا أشهر الأماكن التى تشتهر بها دهب والتى تجعل السياح تأتى خصيصًا لزيارة هذا المكان. «البلو هول».. الجمال القاتل منذ نحو 4000 سنة، سقط نيزك عملاق على مدينة دهب تسبب في حفرة طبيعية عملاقة عمقها نحو 130 مترًا ملأتها مياه البحر الأحمر، وأصبحت جزءا من الطبيعة في دهب، وأطلق عليها اسم «البلو هول» أو الحفرة الزرقاء، وكان هذا النيزك السبب في تكوين أفضل مكان للغطس في العالم، ومن وقتها أصبحت منطقة البلو هول من أجمل المناظر الطبيعية التى يُمكن أن تشاهدها عينك. ولفتت «البلو هول» أنظار محبى الغطس من جميع أنحاء العالم، وحتى المصريين، حيث تحتوى المنطقة على العديد من الشعاب المرجانية والأسماء النادرة التى تترك ذكريات لا تنسى لكل شخص يقوم بالغطس فيها. و«البلو هول» ليست مجرد مكان جميل للغطس، ولكنه يحمل العديد من التحديات، فيوجد قوس تحت المياه على عمق نحو 60 مترا، يصعب على أعتى الغواصين الخروج منه، فلم يوجد أى غطاس حتى الآن استطاع الخروج منه على قيد الحياة، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب فالبعض يقول إنه يسبب حالة من السكر للغطاسين بسبب جماله الفاتن الذى يسحر كل من يذهب هناك. ويرجح الكثيرون أن صعوبة الخروج منه تكمن في الظلام الدامس في الأسفل، بالإضافة إلى المتاهات المُميتة وتأثير تيارات الهواء المعاكسة، وأيضًا سكر الأعماق وانتهاء الهواء من الغواصين، وبالرغم من ذلك ما زال الكثيرون يذهبون إلى هناك بحثًا عن المغامرة. ولقى الكثير من المغامرين والغطاسين المحترفين مصرعهم في هذه المنطقة، وكان كل واحد منهم يرغب في أن يكون أول غطاس ينزل إلى هذا القوس والخروج منه على قيد الحياة، ويؤدى هذا القوس إلى الخروج من «البلو هول» والوصول إلى مياه البحر الأحمر المفتوحة. أما عن أشهر الغطاسين الذين لقوا مصرعهم في محاولة الخروج من القوس، فمنهم ديف شو وتشيك اكسلي، ويتم تسجيل اسم الغطاس وتاريخ نزوله إلى القوس مدونة بلغته الأم على لوحة رخامية تحمل اسم بلده، ويتم وضعها على الجبل المتواجد أمام البلو هول، ويزور أقاربهم هذه المنطقة تخليدًا لذكراهم. سفينة الصحراء.. وسيلة تنقل صديقة للبيئة عند ذهابك إلى منطقة «البلو هول»، فبالتأكيد سيخبرك قائد الرحلة ببعض التعليمات التى يجب اتباعها للحفاظ على الأسماك النادرة في هذه المنطقة، فمنطقة «البلو هول» محمية طبيعية يمنع المساس بها، لذلك لن تجد زحام السيارات المتسببة في تلويث البيئة، فالتنقل هناك عند العودة يكون عبارة عن رحلة سياحية بالجمال، تستمتع فيها بجمال المنطقة. وما يُميز الجِمَال هناك أنّها ودودة جدًا وتعامل الجميع بود وكأنها تعرفهم منذ فترة طويلة، ورحلتك للعودة من «البلو هول» تكون عادةً عن طريق ركوب الجِمَال، وتعرف هذه الجِمَال طريقها، حيث تسير خلف بعضها وتقودها مجموعة من أطفال البدو الذين يطلبون عادةً منك في النهاية ما يسمونه «إكرامية». ولطف هؤلاء الأطفال يجعلك تدفع لهم هذه الإكرامية وأنت مبتسم، ويقول أحد أطفال البدو إنه يستطيع التحدث بأكثر من لغة مع السياح، ويدفع لهم بعض السياح الإكرامية حبًا فيهم وليس ثمنا لتوصيلهم. سياح من كل مكان في العالم رحلة البلو هول لا تكتمل إلا عن طريق رحلة بحرية باللنش داخل المياه، ويمكنك من خلالها التقاط العديد من الصور التذكارية الرائعة في المنطقة، وأيضًا ممارسة الغطس في وسط المياه في تجربة مميزة لن تجد مثلها. ويقول أحد سائقى اللنشات، هناك ويدعى «محمد» إن السياح من جميع الجنسيات بدءوا يعودون تدريجيًا للمنطقة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية وممارسة الغطس، وبالرغم من ضعف أعداد السياح في الفترات الماضية إلا أنهم بدءوا يعودون تدريجيا للمنطقة مرة أخرى. ويضيف «محمد» أنّ المنطقة آمنة ولا يمكن بأى شكل من الأشكال مضايقة السياح أو سرقة متعلقاتهم، ويستدل بذلك بأنه يترك متعلقاته بما فيها اللنش بدون أية سرقة. ويؤكد «محمد» أن المكان والغطس في المنطقة آمن جدًا حيث يوجد غطاسون محترفون يستطيعون الغطس لعمق 7 أمتار بدون أي أدوات، وقد يصلون إلى 40 مترا عند توافر الأدوات اللازمة.