هل يمكن تبرير شرعية الأمن حال تعرض الدولة للخطر؟ وما انعكاس ذلك على العلاقة بين سلطات الدولة" ؟ وهل يجب في هذه الحالة إعادة التفكير فى هذه العلاقة؟ أسئلة تطرحها حالة الاستثناء التى يعيشها المشهد المصرى الراهن، وهو يواجه حربا ضد التطرف الارهاب و القتل ، بهدف الايحاء للرأى العام، المحلى والدولى، بعدم قدرة النظام القائم علي إدارة شئون البلاد، و تعطيل خارطة الطريق، وإثبات أن مصر دولة فاشلة كاليمن والسودان والصومال وتونس، وهو أمر يعني هروب السياح و المستثمرين ورجال الاعمال، ما يؤدى الى تحقيق أهداف المتآمرين. وفى ادبيات العلوم السياسية، تواترت مؤخرا عبارة جديدة ضمن مفردات مواجهة الاضطرابات و الحرب ضد الارهاب، هى عبارة " حالة الاستثناء "، و تلك حالة رأى فيها بعض المشتغلين بعلم الاجتماع السياسي، مدعاة لتبرير شرعية الأمن، وتأكيد مسئولية السلطة التنفيذية أكثر من غيرها. وهذه النظرة تذهب الى أبعد من النظرة القانونية، ما يوحى بأنها قد تأتى بتطلعات جديدة، فيما يتعلق بدراسة السلطات. والأصل ان الدولة تتأسس على سلطات ثلاث : السلطة التشريعية وتتولى مهمة التشريع، والسلطة التنفيذية وتقوم على إدارة الدولة، والسلطة القضائية وتتولى الفصل فى المنازعات، فيما انفصال هذه السلطة وحيدتها تعدّان ضمانتين تنصبّان معا على ادارة العدالة بما يكفل فعاليتها . على الجانب الاخر، هناك من يرى أن تبرير شرعية الأمن ، وبخاصة مع محاولات سن قوانين تدعمه، يفضى الى انتاج تركيبة، تصبح فيها العلاقة بين الاستثناء والقاعدة، العنف والقانون غير واضحة، ومن ثم يتم اخضاع العلاقة بين السلطات الثلاث أمام املاءات الضرورة، ويهدم منهج الفصل بينها، وهو المنهج الذى تبنته دساتير مصر المتواترة منذ دستور سنة 1923، كيف السبيل اذن الى توفير مستلزمات بناء علاقة توازن بين السلطات، حتى لو كان الأمر يتعلق بحالة الاستثناء؟