على الرغم من العذابات والآلام الكبيرة التي يتحملها اللاجئون الفلسطينيون منذ العام 1948 وحتى الآن على خلفية اقتلاعهم وتهجيرهم من أرضهم وبيوتهم قسرا.. إلا أن القيادة الفلسطينية والدول المضيفة لهم وخاصة الأردن صاحبة النصيب الأكبر من أعدادهم تعتبر حق العودة والتعويض حقا لا يمكن التنازل عنه وفق ما أقرته قرارات الأممالمتحدة وبشكل خاص القرار (194). وتعاملت الأردن مع موجات اللاجئين الفلسطينيين بما يتفق مع الروابط التاريخية والدينية والقومية..وتحتل هذه القضية أهمية عليا في سياسة المملكة باعتبارها تشكل ركنا أساسيا من مكونات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وكان للأردن النصيب الأكبر من استقبال هؤلاء اللاجئين حيث تشير أحدث الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مكتب وكالة الغوث الدولية (الأونروا) في عمان - والتي حصلت وكالة أنباء الشرق الأوسط على نسخة منها - إلى أن أعداد اللاجئين في المملكة والمسجلين فقط لدى الوكالة يبلغ مليونين و110 آلاف و114 لاجئا يعيش منهم 369 ألفا و949 لاجئا في عشرة مخيمات. وقد أتاح الأردن للاجئين الفلسطينيين فرص الاندماج الكامل في نسيج المجتمع من خلال منحهم الجنسية الأردنية بعد اتفاق الوحدة بين الضفتين عام (1950) ، دون أن ينتقص ذلك من حقوقهم المشروعة المتمثلة بحق العودة والتعويض فيما أكد القرار الذي صادق عليه مجلس الأمة الأردني في 24 أبريل من العام ذاته على كامل الحقوق العربية في فلسطين والدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة. وأينما وردت كلمة الأردني/الأردنية في دستور أو قوانين المملكة تكون دالة على أي مواطن أردني دون الالتفات إلى كونه لاجئا أو نازحا أو غيره..وبالتالي فإن جميع المواطنين الأردنيين من شتى الأصول والمنابت متساوون أمام القانون ويتمتعون بكافة الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدستور السياسية والاقتصادية والاجتماعية كاملة. أما الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فهي تعارض وبشدة فكرة عودة الفلسطينيين وبررت موقفها بإصرار..معتبرة عودتهم بمثابة انتحار للدولة اليهودية..فيما تعتبر القرار (194) شأنه شأن جميع قرارات الأممالمتحدة الأخرى ليس ملزما لها .. وأنه لا يوجد أي أساس في القانون الدولي لحق العودة. ويهدف القانون الأساسي الأول لإسرائيل (قانون العودة) السماح لليهود فقط من جميع أنحاء العالم بالهجرة إليها..فيما تعتبر إعادة توطين الفلسطينيين في البلدان العربية على أنه الحل الوحيد لمشكلة اللاجئين. وحول خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للسلام التي لم تتضمن أي حق لعودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم ومنازلهم داخل حدود إسرائيل وفقا لما تسرب عنها في وسائل الإعلام..قال نجيب القدومي أمين سر حركة فتح في الأردن عضو المجلس الوطني الفلسطيني – للوكالة - "إننا متمسكون بالقرار (194) رغم أنه لا يعطينا كامل حقوقنا أصلا ، فالعودة حق طبيعي كفله الحق التاريخي لفلسطين وللفلسطينيين وكفلته القرارات الدولية". وشدد القدومي على أن موضوع التوطين والوطن البديل قد انتهى ولا يمكن أن يفكر فيه أي إنسان ولا بديل للعودة إطلاقا ، قائلا "إن اهتمام القيادة الأردنية بعودة اللاجئين لا يقل عن اهتمام السلطة الفلسطينية لاعتبارات عديدة جدا .. كما أن اللاجئين أنفسهم لا يمكن أن يقبلوا بديلا عن فلسطين". وحول رأي القانون الدولي في مسألة حق العودة..قال الدكتور أنيس قاسم خبير القانون الدولي الأردني – للوكالة - إن حق العودة بشكل عام هو ثابت في الأعراف الدولية ومقر لكافة اللاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن..موضحا أن القرارات التي تصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يتعلق بالنزاعات المسلحة دائما تؤكد على ضرورة تسهيل عودة اللاجئين. وفيما يتعلق بحق العودة للفلسطينيين..أفاد قاسم بأنه لا يخرج عن هذا المبدأ بل أضيف له جزئية وهي أن القرار الخاص بعودة اللاجئين نص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أملاكهم وديارهم وحقهم في التعويض..لافتا إلى أن عضوية إسرائيل في هيئة الأممالمتحدة كانت مشروطة بقبولها لتنفيذ القرار (194). وأشار إلى أن القرار (194) تم إعادة التأكيد عليه أكثر من 130 مرة حتى الآن وهو ما يجعله جزءا لا يتجزأ من القانون الدولي العرفي..مؤكدا على أن حق العودة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين هو حق فردي ولا يجوز التنازل عنه أو التصرف فيه كما أن كيري وأي رئيس له علاقة بقضية اللاجئين الفلسطينيين لا يملك أن يتنازل عن هذا الحق لأنه لا يملكه. وتساءل "إذا كانت إسرائيل وهي الدولة المغتصبة وتجلس على أملاك وحقوق هؤلاء اللاجئين مازالت قلقة وغير مستقرة لأنها ارتكبت هذه الجريمة فلماذا ينزعج الآخرون بذلك (في إشارة إلى خطة كيري)"؟ ، قائلا "إن الأممالمتحدة وصفت هذا الحق في عدة قرارات بأنه حق غير قابل للتصرف". وشدد على أن اللاجئين الذين مازلوا يسكنون في الخيام مازالوا متسمكين بحق العودة حتى أن حياة الضنك التي يحيونها لم تؤثر على عزمهم ولم تضعف مقاومتهم ..مشيرا إلى أن اللاجيء الذي يريد أن يعود فالقرار (194) يعطيه أيضا حق التعويض الذي يجب أن يكون من الفاعل الذي ارتكب الإثم وهي إسرائيل والدول الأوروبية والولايات المتحدة (أي جميع الدول التي صوتت على قرار التقسيم). أما عن الدول المضيفة لهؤلاء اللاجئين..قال خبير القانون الدولي إن هذه الدول لها الحق في التعويض ولكن على نحو مستقل من الدول التي صوتت على قرار التقسيم والفاعل والعصابات الصهيونية ، منوها بأن الأردن تحمل هذا العبء الكبير وله حق مطالبة هذه الدول بأن تعوضه عن تلك الأعباء ونفس الحال ينطبق على سورياولبنان والحكومة الفلسطينية لأن هناك لاجئين مازالوا في قطاع غزة والضفة الغربية. وينص القرار (194) على أن حق العودة جزء أساسي وأصيل من القانون الدولي ويؤكد على وجوب السماح للراغبين من اللاجئين في العودة إلى ديارهم الأصلية..والخيار يعود إلى صاحب الحق في أن يعود وليس لغيره أن يقرر نيابة عنه أو يمنعه وإذا منع من العودة بالقوة ، فهذا يعتبر عملا عدوانيا. كما ينص على وجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقا لمباديء القانون الدولي والعدالة .. بحيث يعوض عن ذلك الفقدان أو تلك الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسئولة. ويعتبر القرار ، الفلسطينيين شعبا طرد من أرضه وله الحق في العودة كشعب وليس كمجموعة أفراد متضررين من الحروب مثل حالات كثيرة أخرى..وهذا الاعتبار فريد من نوعه في تاريخ الأممالمتحدة ولا يوجد له نظير في أية حالة أخرى. ووفقا لإحصائية الأونروا ، فإن إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الوكالة يبلغ خمسة ملايين و271 ألفا و893 لاجئا منهم 474 ألفا و53 لاجئا في لبنان ..و528 ألفا و711 لاجئا في سوريا ..و895 ألفا و703 لاجئين بالضفة الغربية .. ومليون و263 ألفا و312 لاجئا في غزة منهم 540 ألفا و515 بالمخيمات البالغة ثمانية.