تسعي إسرائيل منذ نشأتها نحو إسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين, ضاربة بعرض الحائط جميع القرارات الدولية التي صدرت في هذا الشأن, وذلك وسط تقاعس المجتمع الدولي الذي لم يتخذ أي إجراء لاجبار إسرائيل علي السماح للاجئين بالعودة. هذا في الوقت نفسه الذي تعطي فيه إسرائيل لنفسها الحق في فتح باب الهجرة إليها من سائر دول العالم, بل تتعمد خلط الأوراق من خلال اختلاق أكذوبة اللاجئين اليهود من الدول العربية, وذلك بهدف مقايضة حق اللاجئين الفلسطينيين بحق اللاجئين اليهود. ويرتكز الهاجس الإسرائيلي من مخاطر حق العودة علي ما يمثله من تهديد ديموغرافي( النمو السكاني) بما يؤدي إلي اختلال التركيبة السكانية للدولة اليهودية, وتتزايد تلك المخاوف مع تزايد أعداد اللاجئين الفلسطينين; حيث تشير آخر بيانات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين( أونروا) حتي2012, إلي أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين يبلغ نحو خمسة ملايين و115 ألفا و755 لاجئا فلسطينيا- يعتبرون أكبر وأقدم مجموعة لاجئين في العالم- يتوزع غالبيتهم علي ما يعرف بدول الطوق وتحديدا لبنان وسوريا والأردن, والباقي في الضفة الغربية وقطاع غزة وعدد من الدول العربية, حيث بلغ عدد اللاجئين المسجلين في الأردن2 مليون و90 ألفا و762 لاجئا, متضمنا140000 لاجئ أصلهم من غزة, وفي لبنان470 ألفا و604 وفي سوريا518 ألفا و949 لاجئا فلسطينيا, وفي الضفة الغربية886 ألفا و716 لاجئا, وفي غزة مليون241 ألفا و794 لاجئا. ووفقا للأونروا فإن ما يزيد عن5,1 مليون لاجئا, يعيشون في58 مخيما رسميا للاجئين, في كل من; الأردن حيث يوجد بها10 مخيمات, ولبنان12 مخيما, وسوريا9 مخيمات, والضفة الغربية19 مخيما, وغزة8 مخيمات. ومن ثم استهلت الحكومة الإسرائيلية التي مازالت في طور التشكيل عملها بمساع من أجل انتزاع صفة اللاجئ عن أبناء وأحفاد اللاجئين الذين عرفتهم الأونروا بأنهم الفلسطينيون الذين هجروا من وطنهم نتيجة حرب عام.1948 حيث كشفت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية في العاشر من مارس الحالي, النقاب عن مساعي الحكومة الإسرائيلية في الأممالمتحدة لإسقاط حق العودة, من خلال ما أعلنه رون بريسور ممثل إسرائيل في الأممالمتحدة بأن منح صفة لاجئ لأبناء اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا فلسطين بعد إقامة إسرائيل هو أمر مضلل, مشيرا إلي أن عودة هؤلاء اللاجئين إلي بيوتهم يمكن أن تقود إلي تدمير إسرائيل. وقد جاءت تلك التصريحات- وفقا للصحيفة- خلال مؤتمر عقد في نادي هارفارد في مانهاتن بالولاياتالمتحدة يوم الخميس الموافق7 مارس, تحت عنوان تغيير سياسة الولاياتالمتحدة نحو الأونروا وقضية اللاجئين الفلسطينيين قام بتنظيمه منتدي الشرق الأوسط في فيلادلفيا. وتشتمل تلك الحملة التضليلية علي دلالات, يمكن من خلالها استشراف سياسات الحكومة الجديدة فيما يخص التعاطي مع ثوابت القضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة من أجل التقليل من أجواء التفاؤل التي سادت جراء الفوز المحدود لنيتانياهو في مقابل يمين الوسط, الذي لا يختلف كثيرا عن اليمين المتطرف فيما يخص حقوق الفلسطينيين, حيث يوجد شبه اتفاق بين الأحزاب الرئيسية التي تشكل الائتلاف الحكومي الجديد, بشأن رفض حق العودة, حيث يري كل من الليكود بيتنا والبيت اليهودي أن العودة تمثل خطرا علي دولة إسرائيل; وكارثة ديمغرافية, علاوة علي يائير لابيد رئيس حزب هناك مستقبل الذي سبق انتقد في حملته الانتخابية الأونروا, واعتبر أن حق العودة مجرد اختراع. ومن ثم يمكن القول أن تلك الحملة بمثابة خطوة استباقية تريد إسرائيل من ورائها بعث رسالة للمتفائلين من نتائج زيارة أوباما لإسرائيل في الحادي والعشرين من الشهر الحالي, مفادها أنه لا يوجد لدي الطرف الإسرائيلي النية لتقديم ما هو غير متوقع لدفع المفاوضات, وأن عودة اللاجئين خط أحمر لا يمكن التفاوض بشأنه, علاوة علي غلق الباب أمام أي مطالب لعودة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات بسوريا إلي فلسطين, وخاصة بعدما اضطر غالبيتهم إلي اللجوء للمخيمات الفلسطينية في لبنان والأردن, جراء المجازر التي ترتكبها قوات نظام الأسد.