تحل غدا الأحد الذكرى السادسة لثورة 30 يونيو المجيدة التي أنقذ فيها المصريون دولتهم الوطنية من السقوط بقدر ما انتصروا لثقافتهم الوطنية وتاريخهم وهويتهم ومنظومة قيمهم الحضارية ومستقبلهم وفرضوا إرادتهم الشعبية الحرة لتدخل مصر عصرا جديدا وتتبوأ هذه الثورة مكانة سامية في التاريخ العالمي للثورات الإنسانية. وفيما تحتفل وزارة الثقافة والصروح الثقافية والفنية ومن بينها دار الأوبرا بالذكرى السادسة لثورة 30 يونيو التي جاءت بشيرا بعصر جديد لإعلاء إرادة الشعوب تتفق الجماعة الثقافية المصرية على أن هذه الثورة المجيدة انتصرت للهوية المصرية والثقافة الوطنية بفضل "جسارة قائد وبسالة شعب في مواجهة طغمة ظلامية دُبرت بليل لإسقاط أقدم دولة في التاريخ وتقسيم شعبها الواحد الذي لا يقبل القسمة ومسخ هويتها الأصيلة ورسالتها الحضارية الخالدة للعالم بأكمله". وثورة 30 يونيو التي تشكل تحولا نوعيا ينتصر لإرادة الشعوب في المشهد العالمي المعاصر حملت عبر هتافها الخالد: "تحيا مصر" رسالة تفاؤل وأمل في الثقافة السياسية المصرية ورفض الشعب المصري للفاشية الظلامية ومشروعها التسلطي والمضاد للمعايير التاريخية والحضارية المصرية. ومن ثم فإن هذا اليوم الذي صنع المصريون حدثا من أعظم الأحداث أملا في تاريخهم المديد سيبقى علامة تاريخية تؤكد انتصار الهوية المصرية والثقافة الوطنية وقدرة شعب عظيم على دحر كل المؤامرات والحروب الإرهابية والعمليات النفسية والشائعات وحملات التشكيك ومحاولات بث اليأس في النفوس. وتتوالى طروحات وتعليقات المثقفين في الصحف ومختلف وسائل الإعلام حول هذا الحدث التاريخي الذي أنقذ مصر من السقوط في مستنقع الأفكار الظلامية وحال دون سقوط دولتها الوطنية فيما تحل الذكرى السادسة لثورة 30 يونيو المجيدة والنجاحات تتوالى على أرض الواقع لكل من يقرأ المشهد المصري بتجرد وموضوعية. ويسترجع المثقفون دروس وعبر هذه الثورة الخالدة التي وصفها الكاتب مرسي عطاالله "بملحمة الخروج الكبير لحماية الوجود وحماية الهوية" فيما يستعيد الكاتب والسيناريست مصطفى محرم حضور المثقفين مع جماهير شعبهم في ثورة 30 يونيو في سياق دورهم في الثورات الكبرى في التاريخ. وفيما رأى الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة أن المصريين حققوا في ثورة 30 يونيو بدعم من جيشهم "إنجازا تاريخيا لتدخل مصر عصرا جديدا" يقول الكاتب والمحلل البارز الدكتور عبدالمنعم سعيد انه منذ 30 يونيو 2013 بات المواطن يعرف "العقد السياسي والاجتماعي" معددا مشاهد دستورية وانتخابية ولافتا لرؤية السير حتى عام 2030 برؤية تقتحم المشكلات المزمنة في قطاعات كالصحة والتعليم والاقتصاد. وكانت وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم قد رأت كمثقفة مصرية أن ثورة 30 يونيو التي صنعها الشعب وباتت عيدا لكل المصريين تؤكد وعي وثقافة الشعب المصري وتطلعه إلى مستقبل أفضل برسم خارطة الطريق لمسيرة التنمية الشاملة. وإذ حضر مع مثقفين اخرين وقائع تفقد وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم متحف نجيب محفوظ تمهيدا لافتتاحه في وقت لاحق من الشهر الحالي وبالتزامن مع احتفالات مصر بالذكرى السادسة لثورة 30 يونيو كان الكاتب والروائي والنائب البرلماني يوسف القعيد قد أكد على أهمية توثيق أحداث ثورة 30 يونيو. ولاحظ يوسف القعيد أننا نحتفل بمرورسنوات على هذه الثورة بينما لاتتناسب قلة الكتابات الثقافية والأفلام والمسرحيات بشأنها مع هذا الحدث بدوره الجوهري في حياتنا وأوضح أن ما وجده من محاولات توثيق ما جرى في الثلاثين من يونيو "أقل من القليل" مضيفا: "نحن جميعا نتحمل هذه المسؤولية" ليخلص إلى أن "الواجب الذي لايحتمل مناقشة يفرض علينا أن نوثق لما جرى". وفي الاتجاه ذاته دعا الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة "لأن نحفظ للتاريخ قدسيته ولهذا الشعب دوره وإنجازاته" مؤكدا أن ثورة 30 يونيو "لم تكن خروجا عاديا للملايين ولكنها كانت تمثل التحدي الأكبر لإنقاذ وطن" ومعيدا للأذهان أن مصر كانت "على أبواب فتنة كبرى يمكن أن تعصف بكل مقوماتها وتدمر كل ماقامت عليه ثوابتها الفكرية والدينية والاجتماعية والتاريخية". وهكذا حق للكاتبة والأديبة سكينة فؤاد ان تصف يوم الثلاثين من يونيو 2013 بأنه "يوم من اعظم ايام مصر في تاريخها القديم والحديث" تماما كما يحق لها أن تقول: "خابت كل الظنون والتوقعات التي حلمت بالفوضى الخلاقة تجتاح مصر وتدمرها والحرب الأهلية تحرقها وانتصرت إرادة وصلابة شعب أصبحت حرفة من حرفه وإبداعاته الأساسية صناعة النصر في لحظات مصيرية وفاصلة ومليئة بالمخاطر والتحديات". وفيما تواصل ثقافة ثورة 30 يونيو طرح أسئلتها تستدعي هذه الذكرى الكثير من الدروس والعبر على امتداد مصر المحروسة مؤشرة من جديد على أهمية "الاصطفاف الوطني" واستلهام المبادئ والقيم الإيجابية للثقافة الوطنية المصرية في مواجهة التحديات واستحقاقات العصر وعملية التطور الديمقراطي التي سعت جحافل الظلاميين التكفيريين لإجهاضها وتوهمت أن بمقدورها ترويع المصريين. وإذ تشكل ثورة 30 يونيو انتصارا لارادة شعب بقدر ما تشكل إنجازاتها قصة نجاح ملهمة لكل الباحثين عن الغد الأفضل يؤكد الكاتب والباحث التاريخي أحمد الجمال الإنجازات العملاقة التي حققتها هذه الثورة في مجالات متعددة من بينها البنية الأساسية والخدمات الصحية والتعليم والقضاء على العشوائيات. وهذه الإنجازات ما كانت لتتحقق لولا حالة الأمن والاستقرار التي أخرجت مصر من المأزق التاريخي الذي حقق أهدافه في دول عربية أخرى انقسمت وتشرذمت وهاجرت شعوبها أمام مؤامرات دولية مرسومة كما يقول الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة. وفيما يقول أحمد الجمال ان ثورة 30 يونيو "ما زالت مستمرة وتمضي بثبات من أجل رفاهية وعزة وقوة هذا الوطن"، فإنه يوضح أن الإرهاب يستهدف ضمن شروره المتعددة "الوعي السياسي والثقافي والعقيدي أي مجمل الوجدان الإنساني للمصريين" ويؤكد على أهمية دور المفكرين والمثقفين والفنانين والأدباء ضمن الجهود الوطنية التي تتصدى لحرب آثمة يشنها أعداء مصر والمصريين بهدف كسر الإرادة المصرية. وكان الكاتب الصحفي الكبير في جريدة الأهرام مرسي عطاالله قد أشار "للروايات والحكايات الملفقة التي طرقت أسماع المصريين عبر أثير شاشات الفتنة والتحريض على مدى السنوات الأخيرة" معيدا للأذهان هذا النوع من الحروب "باستخدام قذائف الأكاذيب والشائعات بهدف إحداث خلخلة في جدار التماسك الوطني وكسر إرادة الصمود" كعنوان لسلوك المصريين بعد ثورة 30 يونيو. وبرؤية تتفق مع لرؤية العامة للمثقفين المصريين وصفت الكاتبة والأديبة سكينة فؤاد ما حدث في يوم الثلاثين من يونيو عام 2013 "بالخروج العظيم لملايين المصريين لاسترداد ثورتهم واسقاط حكم الجماعة التي لا تؤمن بفكرة الوطن" مؤكدة أن "الأرصدة الشعبية الحامية لثورة 30 يونيو لن يستطيع أحد أن يزيف وعيها أو يهزم صمودها الأسطوري". ورأى الكاتب مرسي عطا الله أن ثورة 30 يونيو لم تكن "ثورة تقليدية بالمعنى التقليدي للثورات التي يسيطر فيها الغضب على العقل بقدر ما هي رمز للانقاذ والخلاص" فيما استرجع محاولات فلول الظلام "لإثارة الانقسام المجتمعي". ويقف المثقفون الوطنيون المصريون صفا واحدا في مواجهة فلول جماعات ظلامية حاولت خطف إرادة المصريين، بل وخطف وطن بأكمله والعدوان على هويته بمكوناتها الثقافية البالغة الثراء والتنوع فيما تبقى من أهم المعاني التي انطوت عليها ثورة 30 يونيو أنه لا أحد يستطيع قهر إرادة المصريين وهم الذين خرجوا منذ ست سنوات في "ملحمة شعبية ستبقى دوما في ذاكرة التاريخ". ولئن حق القول بأنه لا عودة للماضي فمن الحق القول أيضا إنه لا يمكن عودة حكم الفاشية الظلامية المتسترة بشعارات تتمسح بالدين والتي أطاحت بها الثورة الشعبية في الثلاثين من يونيو 2013 وهاهي مصر تخوض حربا لاقتلاع جذور الإرهاب ليس فقط دفاعا عن حقوق شعبها وإنما دفاعا عن حقوق كل شعوب العالم في الحياة الآمنة وتهيئة المناخ الملائم للتنمية المستدامة باعتبارها أحد أبرز حقوق الإنسان التي تحول هذه الظاهرة الآثمة دون تحقيقها. وفي ذكرى هذه الثورة المجيدة لن تنسى الذاكرة الإنسانية أبدا الحشود المليونية غير المسبوقة وهي تتصدى منذ ستة أعوام للجماعة التي حاولت التسلط على المصريين ليصنع شعب مصر ثورة إنسانية خالدة في أنصع صفحات التاريخ الإنساني وسجل الثورات العالمية ويمضي بخطى واثقة للمستقبل الواعد والأفق النبيل.. أفق يبارك خطى شعب عظيم.