طالب المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، تصحيح معدلات الأجور الأسمية وفقًا لمستويات التضخم، للوقوف على الزيادة الحقيقية فى الأجور، مما يساعد على تحديد مقدار الزيادة أو التراجع فى القوة الشرائية للقطاع العائلى. وكشفت بيانات رسمية صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع متوسط الأجر الأسبوعى للقطاع الخاص خلال عام 2018 إلى 877 جنيهًا، مقابل 779 جنيها فى عام 2017، بينما بلغ هذا المتوسط للقطاع العام/ الأعمال العام 1278 جنيهًا، مقابل 1247 جنيهًا فى 2017. وأوضحت البيانات الصادرة ضمن نتائج النشرة السنوية لإحصاءات التوظف والأجور وساعات العمل لعام 2018، أن متوسط الأجر الأسبوعى للعاملين فى كل من القطاع العام/ الأعمال العام والقطاع الخاص (10 عاملين فأكثر) معًا، بلغ 1104 جنيهات، بينما كان 1050 جنيهًا فى عام 2017. وأكد «المصرى للدراسات الاقتصادية»، أن مستويات الأجور الممنوحة فى أى اقتصاد والرفاهية المتحققة منها هى نتاج مجموعة من السياسات المباشرة وغير المباشرة، والتى بدورها تؤثر على إنتاجية الفرد ونصيبه من الناتج المحلى من جانب، وعلى مستويات الأسعار للسلع والخدمات من جانب آخر. وأوضح المركز، أنه بتصحيح المعدلات الأسمية يتضح أن متوسط الأجر الأسبوعى الحقيقى للقطاع العام/ الأعمال العام قد تراجع فى 2018 إلى 465 جنيها مقابل 519 جنيها فى 2017، كما تراجع متوسط الأجر الأسبوعى الحقيقى للقطاع الخاص فى 2018 إلى 319 جنيها مقابل 324 جنيها فى 2017. وبتفصيل بيانات الأجور الحقيقية للقطاعات الاقتصادية، يتضح أن اتجاه تراجع الأجر الحقيقى هو اتجاه مشترك بين معظم القطاعات الاقتصادية حتى القطاعات التى يرتفع بها متوسط الأجر الأسبوعى عن المتوسط الإجمالى، مثل التعدين والوساطة المالية والتأمين، حيث تراجع متوسط الأجر الأسبوعى الحقيقى للعاملين فى قطاع التعدين بحوالى 11٪ سواء قطاع عام أو خاص، كما تراجع متوسط الأجر الأسبوعى الحقيقى للعاملين فى قطاع الوساطة المالية والتأمين بنسبة 9٪ فى القطاع العام/ الأعمال العام، مع ثباته تقريبا فى القطاع الخاص. أما القطاعات الاستثنائية التى شهدت نموا إيجابيا للأجر الحقيقى فكان قطاع النقل والتخزين بنسب تتراوح بين 1-2٪ للقطاع العام/الأعمال العام والخاص، بالإضافة إلى القطاع العام/الأعمال العام فى التشييد والبناء. وكان متوسط الأجر الأسبوعى لكل من القطاع العام/ الأعمال العام والقطاع الخاص قد شهد نموا حقيقيا موجبا خلال عام 2017 مقارنة بعام 2016 وهو بداية إجراءات الإصلاح الاقتصادى، بمعدل 3.9 و11.8٪ على التوالى، وقد رفعت هذه الزيادة مستويات الأجور الحقيقية عن المستوى التى كانت عليه فى 2016 ولكنها لم تستطع استعادة مستويات عام 2015. ويؤكد «المصرى للدراسات»، أن الضغوط التضخمية التابعة لإجراءات الإصلاح الاقتصادى تمثل عبئا ثقيلا لتحقيق زيادة حقيقية فى متوسط الأجور، ورغم ذلك لا يجب النظر إلى تراجع الأجور الحقيقية بعيدا عن المكون الهيكلى بالاقتصاد المصرى، والذى يشهد تركزا للعمالة فى قطاعات منخفضة الإنتاجية والأجر مثل الزراعة والصيد، والتجارة، والتشييد والبناء، مع وجود استقطاب واضح للمهارات المطلوبة لسوق العمل، وبالتالى لن يكون توقع ارتفاع معدلات الأجور للقطاعات منخفضة الإنتاجية بشكل يسمح بدفع أو الحفاظ على مستوى الأجر الحقيقى مستداما، طالما أن تكنولوجيا الإنتاج لم تتغير ولم يتم رفع قدرات ومهارات العاملين بالقطاع بالدرجة التى تدفع من تنافسيته وبالتالى عوائده. وشدد المركز، على ضرورة وجود نظرة شاملة لهيكل الاقتصاد والقطاعات الرائدة فى التوظيف والمستوى التكنولوجى الذى تستخدمه هذه القطاعات، وبالتالى مستوى المهارات المطلوبة للوظائف. ويتطلب ذلك إصلاحا مؤسسيا واقتصاديا شاملا يسمح بوجود بيئة أعمال مشجعة وداعمة للابتكار والمنافسة، كما يجب العمل على دفع ثقافة التعلم مدى الحياة والتدريب وتوفير هذه الخدمات بتكلفة تستطيع الفئات منخفضة الدخل الحصول عليها.