أجاب الدكتور محمد فتحى راشد، مشرف قسم الرسائل النصية والتواصل الإلكترونى بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، على سؤال: ما المقصود بشد المئزر الذي ورد عن النبي صلَّ الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان؟ وردَّ راشد قائلا: "الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وبعد، قد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ». فهذا الحديث يصف لنا حال النبي صلى الله عليه وسلم مع نفسه ومع أهله في العشر الأواخر من رمضان، حتى نتعلم منه ونقتدي به ونفوز برضوان الله تعالى في هذه الأيام المباركات. فمعنى جَدّ وشَد المِئْزر، أي: اجتهد في العبادة زيادة على عادته صلَّ الله عليه وسلم في غيره، وفي رواية الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا. ومعنى شَد المِئْزر أيضًا: التشمير في العبادة، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري، أي: تشمرت وتفرغت له، والمئزر هو الإزار المعروف، وشده كناية عن الاستعداد للعبادة، وإشارة للجد والاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان، فهي فرصة للتقرب إلى الله تعالى بالطاعة وبلوغ الدرجات العلى والحصول على فضل وثواب ليلة القدر، فينبغي علينا أن نسارع إلى الله بالخيرات في هذه الأيام وأن نتنافس سويًا بهمة عالية في اغتنام هذه الفرص. ومعنى أحْيَا اللّيل، أي: استغرق الليل في السهر بالعبادة والصلاة وقراءة القرآن والذكر وغيرها من الطاعات، فالليل فرصة للعبد يناجي ربه ويقترب منه ويستغفره ويتوب إليه، قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:78] ومعنى أيْقَظ أهْلَه، أي: أيقظهم للصلاة والعبادة، وفيه إشارة للمسلم ليهتم بحال أهله مع الله، وأن يأخذ بأيديهم إليه سبحانه وتعالى، وأن يأمرهم بالمعروف ويحثهم على الجد والاجتهاد واغتنام نفحات الله تعالى وأيامه المباركات، حتى تسعد الأسرة كلها برحمة الله تعالى ونعيمه في الآخرة، هذا والله تعالى أعلى وأعلم، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.