يبدو أن حالة الرعب التي تسيطر على قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، بعد الحملات الدولية المتتالية، لحظرها في مختلف دول العالم، آخذة في التصاعد، لا سيما بعد إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية، قرب إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب الدولي. حالة الرعب المشار إليها، دفعت قيادات التنظيم الدولي للجماعة، إلى التحرك في كل مكان، من أجل تسول المساندين، خاصة في أوروبا التي يقصدها الآن كبار قادة التنظيم، بحثا عن العون لدى بعض دولها، في مواجهة الغضبة العالمية التي تقودها الولاياتالمتحدة. وعلى إثر ذلك بدأ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، التي تعد ذراع جماعة الإخوان في شمال إفريقيا، زيارة تستمر أسبوعا إلى فرنسا، مصطحبا وفدا من كبار قادة الحركة، بهدف لقاء كبار المسؤولين الفرنسيين، فما دوافع هذه الزيارة، وأغراضها غير المعلنة؟ التقارير الواردة من فرنسا تشير إلى أن الغنوشي، اختار فرنسا، باعتبارها مهد معظم التحركات الدولية التي تستهدف حشد الرئيس العام العالمي، لحظر الإخوان، من أبرز هذه التحركات المبادرة التي أطلقها النائب المصري، الدكتور عبد الرحيم علي، والتي تحظى باهتمام إقليمي ودولي كبيرين. زيارة الغنوشي وفقا للمراقبين، تشمل جدولا مزدحما، حيث بدأت الثلاثاء الفائت، بلقاء لوفد الجماعة الإرهابية، مع المستشار السياسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو أورليان لوشوفاليه، وكذلك لقاء مع باتيست لومواني، كاتب الدولة للشؤون الخارجية. وتشمل الزيارة أيضا، لقاءات مع العاملين بإدارة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالخارجية الفرنسية، وأعضاء لجنة الصداقة الفرنسية التونسية بالجمعية الوطنية في باريس، وغيرهم من أصحاب الرأي المؤثر على السياسة الخارجية لفرنسا. المتابعون لتطورات وضع الجماعة في الشرق الأوسط، والعالم، يؤكدون أن زيارة الغنوشي ورفاقه إلى فرنسا، ليست سوى بداية لسلسلة من التحركات، التي تستهدف استباق القرار الأمريكي بحظر الجماعة، وتقليل تأثيراته، واستقطاب دول أوروبا لعدم السير وراء أمريكا بحظر الجماعة. وتهدف أيضا إلى نيل رضا فرنسا، بحيث لا تتحول إلى منبر لمناهضي الإخوان، في ظل ما تتمتع به من ثقل عالمي، نتيجة صلتها القوية بمعظم دول العالم، بالإضافة إلى الوجود الإسلامي الكثيف على أراضيها. ويرى محمد تهامي، الباحث في الشأن السياسي الإقليمي، والدولي، أن زيارة راشد الغنوشي إلى فرنسا، تستهدف تخفيف الضغط عن الجماعة، بعد أن شعر قادة تنظيمها الدولي، بقرب نهاية وجودها الدولي، في ظل التحركات الأمريكية لحظرها، والتي تلقى ترحيبا ودعما، من معظم الدول والمجتمعات، باستثناء تلك التي ترتبط أنظمة حكمها بالجماعة عضويا، مثل: تركيا وقطر. وأشار تهامي، إلى أن الغنوشي يستهدف من زيارته إلى فرنسا، تحقيق هدفين، الأول تخفيف الضغط عن الجماعة، ومنع فرنسا من أن تحذو الحذو الأمريكي، فإن نجح في الحصول على وعود صريحة بذلك، فسيتجه إلى ألمانيا وبريطانيا وغيرها من دول أوروبا. وأضاف: "أما الهدف الثاني، فهو تبييض وجه حركة النهضة، وإطلاع حكومات أوروبا على أنها شهدت تغييرات، تجعلها تستحق أن تستثنى من مصير باقي أتباع الجماعة". وتابع: "بمعنى آخر فإن الغنوشي يفكر في القفز من سفينة الجماعة التي أوشكت على الغرق، إذا لم يستطع إنقاذها". وقلل تهامي من تأثير التحرك الإخواني، مؤكدا أن أوروبا باتت على يقين من خطورة جماعة الإخوان الإرهابية، على الأمن العالمي، وأنه لن يكون هناك استقرار في أي بقعة من العالم، ما لم يتم القضاء على تلك الجماعة، التي تمثل الحاضن الرئيس لكل الجماعات الإرهابية، التي اصطلى العالم بنيران عنفها، وآخرها داعش. بدوره أيد الدكتور فتحى العفيفى الخبير فى شئون الشرق الأوسط، الرأي السابق، موضحا أن العالم بات على يقين من أن منع ظهور المزيد من الجماعات الإرهابية الشبيهة بداعش، يبدأ من حيث يتم حظر جماعة الإخوان، التي تمد كل هذه التنظيمات الإرهابية، بالفكر الأصولي، الذي يعتمدون عليه للسير قدما في هذا الطريق الخطير. وتوقع العفيفى، أن يعود راشد الغنوشي ورفاقه من فرنسا، بخفي حنين، مضيفا: "لن يحققا من أهدافهم أي شيء، لسببين الأول أن العالم أصبح قادرا على كشف ألاعيب هذه الجماعة، والثاني أن الجميع يترقب القرار الأمريكي في هذا الشأن، وبالتالي فلن تتخذ أي دولة أوروبية موقفا منفردا، حتى لا تهدد مصالحها مع واشنطن، أو تقع تحت طائلة العقوبات التي ستترتب على صدور القرار الأمريكي باعتبار الجماعة كيانا إرهابيا.