اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 22 مايو 2025    حدث منتصف الليل| أبرز قرارات الحكومة وكشف تجاري ضخم للذهب    كندا تطالب إسرائيل بتحقيق معمّق في واقعة إطلاق النار على دبلوماسيين بالضفة الغربية    نتنياهو يؤكد اعتزامه احتلال غزة ويرفض أي اتفاق لإنهاء الحرب    استشهاد 5 فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على "جباليا" شمال غزة    مراسم تتويج توتنهام بلقب الدوري الأوروبي للمرة الثالثة فى تاريخه.. فيديو وصور    رئيس جنوب أفريقيا: نرحب بالاستثمارات الأمريكية ونتوقع زيارة من ترامب    بيراميدز يشارك في حفل كاف للكشف عن كأس دوري الأبطال    توقعات حالة الطقس اليوم الخميس    بعد صدور لائحته التنفيذية.. عقوبة اصطحاب كلب دون ترخيص    وفاة مسن اختناقًا في حريق شقته بالمحلة الكبرى    قصة سيدة دفعت حياتها ثمنا للثقة في «صلة الدم».. مقتل خمسينية على يد نجل شقيقتها    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    وزير الزراعة يرد على جدل نفوق 30% من الثروة الداجنة في مصر    وزير الزراعة: تكلفة استصلاح الفدان تتجاوز 300 ألف جنيه وفرصة ذهبية للمستثمرين    باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة.. العالم يدين إطلاق الجيش الإسرائيلى النار على الوفد الدبلوماسى بجنين.. وحظر تصدير الأسلحة إلى الاحتلال والتهدئة فى الهند وأوكرانيا والتفاوض مع إيران    وزير الخارجية: هناك تفهم من أمريكا لدور مصر في العالم    السفير ماجد عبد الفتاح: تزايد السخط الدولي بسبب استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين (فيديو)    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 22 مايو 2025    "المهرج" جاء لإزالة الغبار.. توتنام بطلا ل الدوري الأوروبي على حساب مانشستر يونايتد    في الجول يكشف آخر تطورات إصابة ناصر ماهر    الهلال يخطف نقطة ثمينة من الوحدة في دوري روشن السعودي    الهلال ينجو من خسارة جديدة في الدوري السعودي    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و25 مايو    هاني رمزي: رواتب اللاعبين في مصر تفوق بعض لاعبي أوروبا    أسطورة إنتر ميلان: سأتابع الأهلي في كأس العالم للأندية    وزير الزراعة يحسم الجدل حول انتشار وباء الدواجن في مصر    صيادو "البردويل" يضربون بسبب قرار جهاز الجيش .. و"قبائل" تفضل المساومات بصمت وبلا إضراب    مجلس الوزراء يوافق على إنشاء جامعة مصر الجديدة المملوكة ل «أخبار اليوم»    «تشريعية النواب» تناقش تعديل «قوانين الانتخابات» اليوم    بعد مطاردة بوليسية.. ضبط سيارة تهرب 8 آلاف لتر بنزين قبل بيعها في السوق السوداء بدمياط    كيف تعرف أن «الأسانسير» قد يسقط بك؟ 5 علامات تحذيرية    وفاة طفلة في انهيار منزل بالطوب اللبن بسوهاج    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: صندوق النقد الدولى لا يضع شروطا على مصر    ياسمين صبرى فى العرض الخاص لفيلم the history of sound بمهرجان كان السينمائى    كيف تغلبت ياسمين صبري على التصميم الجريء لفستانها في مهرجان كان؟ (صور)    عادات المليونيرات.. 4 مفاتيح مالية يتجاهلها معظم الناس (تعرف عليها)    4 أبراج «حياتهم مستريحة».. مرفّهون لا يركضون خلف الثروة لأنها تأتيهم تلقائيًا    28 يونيو.. ماجدة الرومي تحيي حفلا غنائيا في مهرجان موازين بالمغرب    أسماء بنات على «فيسبوك» توحي بالثقة والقوة.. تعرف عليها    بإطلاله لافته.. درة تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    اليوم.. العرض المسرحي "العملية 007" على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل به شبهة ربا؟.. أمين الفتوى يحسم حكم البيع بالتقسيط وزيادة السعر (فيديو)    محافظ الدقهلية: 1522 مواطنا استفادوا من القافلة الطبية المجانية ب«بلقاس»    كواليس خروج مسمار 7 سم من رأس طفل بمعجزة جراحية بالفيوم -صور    الآن.. رابط نتيجة الصف الثاني الابتدائي 2025 في الجيزة (فور إعلانها)    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    هيئة الدواء: تلقينا 12 ألف استفسار منذ تفعيل منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذهب أهل الشاى
نشر في البوابة يوم 30 - 04 - 2019

تشكل المشروبات أبعادا مختلفة ومتنوعة فى الثقافات المختلفة، وهى مما لا ريب فيه إحدى الطرق البسيطة والراقية فى الوقت نفسه للتواصل بين الناس، إذ تشكل فى حد ذاتها لغة مستقلة عن الأبجديات المتعارف عليها حيث تضمر بداخلها هى الأخرى معانى للتعبير عن الحب والامتنان والتقدير فضلا عن المعانى الروحية التى باتت جزءا لا يتجزأ من معتقدات وثقافات ووعى الشعوب.
بعض هذه المشروبات لا تتعامل معها الشعوب المختلفة باعتبارها مجرد سوائل لإفادة أبدانهم فحسب بل صاغوا منها وحولها الأساطير.. وهنا يبزغ نجم الشاى الذى يقول عنه الكاتب اليابانى «أوكاكور أوكاكوزو»: «يَنطوى الشاى على سحْر خفيٍّ يَجعله لا يُقاوَم، ويَمنحه القدرة على إسباغ الإحساس بالمثالية، فالشاى يَنأى بنفسه عن غطرسة النبيذ، وغرور القهوة، وعن البراءة المتكلَّفة فى نبتة الكاكاو».
أحمد عرابى تذوق الشاى لأول مرة فى منزل السير «ليبتون» ثم أصبح مشروبا للمصريين المشروب رأى النور فى الصين وانتقل إلى اليابان ثم عرفته الهند فى أعقاب حرب الأفيون تتجاوز كمية إنتاجه عالميا مليونين وستمائة ألف طن سنويًا.. ويُحتسى منه خمسمائة مليون فنجان يوميًا
يمثل الشاى الآن ثالث أكبر المشروبات استهلاكا فى العالم بعد الماء الطبيعى والقهوة، حيث تتجاوز كمية إنتاجه عالميا مليونين وستمائة ألف طن سنويا، ويُحتسى منه يوميا خمسمائة مليون فنجان فى أرجاء العالم.
لكن متى رأى هذا المشروب الساحر النور؟ تتعدد الأساطير التى حاكها الإنسان حول الشاى وتقول إحداها إنه وقبل ما يقرب من خمسة آلاف عام وفى جبال «يونان» بالصين كان الإمبراطور «شين نونج» جالسا تحت شجرة يحتسى الماء المغلى كعادة الصينيين بعدما اكتشفوا فوائده الصحية، فسقطت فى وعاء الإمبراطور بضع وريقات من هذه الشجرة فتلون الماء المغلى وانبعثت منه رائحة زكية، فتذوق الإمبراطور بطرف إصبعه المشروب الغريب فطاب له كثيرًا، وهدأت نفسه، وشعر بالسكينة، فأصدر أوامره بزراعة هذه الشجرة فى ربوع الإمبراطورية.. وهكذا رأى الشاى النور. وظل سنوات طويلة مشروبا ووصفة دوائية مجربة ومعروفة لدى أهل الصين.
وتقول أسطورة أخرى إن أحد الرهبان الهنود القدماء ذهب إلى الصين ناذرًا نفسه للعبادة والصوم عن النوم تسعة أعوام ليتمكن من ممارسة التأمل فى الكون الشاسع للإله والوقوف على نعمه وفضائله، وفى العام الثالث غلبه النعاس، وعندما استيقظ عاقب نفسه لأنه أخل بنذره للإله فقام بنزع أجفانه وألقى بها على الأرض، وواصل صيامه عن النوم خمس سنوات أخرى، وحين راوده النعاس مرة أخرى تناول بضع وريقات من إحدى الشجرات القريبة، فمنحته القوة والقدرة على اليقظة ومن ثم واصل أعوامه التسعة متيقظا متأملا فى الكون ونعم الخالق، ومنه عرف الرهبان فى المعابد هذه الشجرة والتى تسمى باللغة الصينية (شا).
شاى أسود
«يتذكر ليلة ما، قبل سنتين تقريبا. تتمدد وحيدة فوق سريره بينما يقوم بإعداد الشاى فوق الغاز الصغير، رفعت أعلى جسدها بواسطة مرفقين متكئين إلى الفراش ونظرت إليه وقالت: «اترك الشاى هلق، راح موت من البرد»
مقطع من رواية «شاى أسود» للروائى والكاتب اللبنانى ربيع جابر».
نبتة الكاميليا الصينية هى النبتة التى ينحدر منها نوعان من الشاي: الأسود وهو المستهلك فى العالم كله، والشاى الأخضر وهو المنتج والمستهلك أساسًا فى الصين واليابان. ويكمن الفرق بين هذين النوعين من الشاى فى أن الشاى الأسود بعكس الشاى الأخضر يخضع لعملية التخمير.
ويُعد المناخ ونوعية التربة عاملين أساسيين فى زراعة الشاى كما أن ارتفاع الأراضى المزروعة عن سطح البحر يلعب دورا حاسما فى جودة المحاصيل. ولا نتوقع محصولا وفيرا بدون انتظام وغزارة الأمطار كما أن درجة الحرارة تمثل خطورة بالغة فى حال ارتفعت أو انخفضت بضع درجات عن 20 درجة مئوية، حموضة التربة أيضا لها أهمية كبيرة لتنمو أشجار الشاي، ولا يجب أن نغفل معدل تعرض هذه الأشجار للشمس والذى يجب ألا يتجاوز خمس ساعات يوميا.
يأتى موسم القطاف الذى يفضل أن يكون يدويا، ثم تأتى عملية سحق أوراق الشاى لإطلاق الأنزيمات ومن ثم تعرضها للأكسجين تمهيدا لتخمير الأوراق وفى هذه المرحلة يتحول لون الأوراق من اللون الأخضر للون الأسود.
بعد ذلك تُجفف الأوراق فى أفران كبيرة أو بتعريضها لمراوح هوائية ضخمة لإيقاف عملية التخمير.
شاى أخضر
«كان جدى يوزع علينا صنوف الشاي، طلبت له شايا أخضر، ولما كانت عواطف أختى والتى تصغرنى بتسعة شهور كاملة، قد طلبت لنفسها من جدها شايًا أحمر، وكنت مدركًا أن الأمر يحتاج من جانبى لقدر من السرعة فى التصرف، لينتهى تمامًا، قلت محدثًا جدى فى صوت منخفض وجعلته مرحًا: هل أنت زمان يا جدى كنت صغير مثلنا؟ وكنت تشرب الشاى الأحمر، والآن كبرت وعرفت أن الشاى الأحمر يحرق الدم، فشربت الشاى الأخضر.
كان جدى يبتسم، كنت أنظر له وكنت أخشى أن أقرأ وجه أبي، قلت مخاطبًا جدي: طيب ليه عواطف الصغيرة تشرب شايا أحمر، والله العظيم ثلاثة يا جدى دمها كله هيتحرق..» الم
المقطع من قصة (جبل الشاى الأخضر من مجموعة ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالا) للكاتب الراحل يحيى الطاهر عبدالله.
إن الشاى الأخضر لا يخضع لعملية التخمير والتجفيف التى تتم مع أوراق الشاى بعد قطافها حيث تظل كما هي، ويُعد الشاى الأخضر المُنتج والمُستهلك أساسا فى الصين واليابان ويستهلك أيضا بكميات هائلة فى بلدان كثيرة بعد اكتشاف فوائده. حيث أفادت الدراسات الطبية الحديثة أنه يساهم بصورة جيدة فى الوقاية من أمراض السرطان وحدوث الجلطات، كما يخفض من ضغط الدم، كما يعمل على زيادة المناعة.
رحلة الشاي
فى عام 806 جلب الراهبان البوذيان «سايتشو» و«كوكاي» بذور نبات الشاى من الصين أثناء رحلاتهما هناك وزرعا مشاتل كبرى لتلبية احتياجات أديرتهما منه، وورد ذكر الشاى للمرة الأولى فى اليابان كما يقول «كريستوف بيترز» فى كتابه (الشاي: ثقافات.. طقوس.. حكايات) بترجمة سمر منير: «فى عام 815 وذلك فى نص نيهون كوكي، وهو النص الثالث فى الترتيب بين النصوص التاريخية الكلاسيكية الستة لليابان، إلا أن هذه الحقبة المبكرة فى تاريخ الشاى اليابانى تقبع فى ظل تاريخ أكثر شعبوية. ووفقا لهذا التاريخ، فقد أحضر الكاهن الشهير «ميوان إيساي» من الصين – عند إقامته هناك للمرة الثانية- إلى اليابان مذهب «الزن» البوذى مصحوبا بأسلوب التأمل الروحى وتعليم مبادئ «الكوان»، كما أحضر معه البذور التى تنحدر منها جميع شجيرات الشاى اليابانية حتى يومنا هذا».
يبدو هذا منطبقا على الأقل على حدائق الشاى الموجودة بالقرب من معبد «كوزان جي» الواقع فى الجبال شمال غربى مدينة «كيوتو» وحدائق الشاى الشهيرة فى مدينة «يوجي» الواقعة جنوب العاصمة القديمة. فقد زرع الكاهن «ميو إى شونين» فى هذه الحدائق البذور التى حصل عليها من الكاهن «إيساي»، وما زالت تتم زراعة تلك الحدائق حتى الآن.
ألف «إيساي» قرابة عام 1211 «كيسا يوجوكي»، وهو فى هذا العمل يعرض عملية معالجة نبات الشاى من ناحية. وأوضح فيه من ناحية أخرى تأثيرات نبات الشاى على الجسد البشري، تكاد الطريقة التى وصفها «إيساي» فى خفق الشاى المسحوق تتطابق مع الطريقة التى تتم ممارستها حتى يومنا هذا فى طقوس الشاي.
بعدما رأى الشاى النور فى الصين ثم انتقل إلى اليابان، عرفته الهند وكان ذلك فى عام 1858 وذلك فى أعقاب حرب الأفيون التى شنتها بريطانيا على الصين، وقد وقع المئات من الجنود الصينيين أسرى فى هذه الحرب وكانوا يحتفظون بنبتة الشاى ومن ثم عرفت طريقها إلى الهند.
انتشرت هذه النبتة أيضا فى كينيا التى تأتى فى المرتبة الأولى فى تصدير الشاى حيث تصدر 224 ألف طن سنويا كما أنها الدولة الرابعة المنتجة للشاى بعد الصين والهند وسيريلانكا، واكتشف الهولنديون الشاى وعن طريقهم عرفت أوروبا كلها هذا المشروب وراق لهم مذاقه وقدروا مزاياه واخترعوا له طقوسا ما زالوا يحتفظون بها حتى هذه الأيام.
الشاي.. هدايا «عرابي» من منفاه
جزيرة سيلان أو ما تعرف الآن ب«سيريلانكا» من البلاد المشهورة بزراعة أشجار الشاي، ويعد الشاى السيلانى من أفخر وأجود الأنواع فى العالم. ومنها صدر «جونسون ليبتون» الشاى إلى بلاده بريطانيا العظمى بعدما اشترى مساحات شاسعة من أراضى الشاى فكافأته حكومته بمنحه لقب «سير». فى هذه الأثناء كان الزعيم أحمد عرابى يناضل من أجل حرية بلاده وتخليصها من الظلم والفقر. ويحاول إقناع الخديو توفيق بأن الأمة ليست ميراثا ولا عقارا له كما يظن. لم يقتنع الخديو على أى حال واستقر الأمر على محاكمة هزلية لعرابى صدر عنها حكم بإعدامه ثم خفف إلى النفى لجزيرة سيلان ومعه كل من عبدالله النديم ومحمود سامى البارودي.
وصل «عرابي» إلى جزيرة سيلان وهناك تعرف على السير «ليبتون» الذى دعاه إلى منزله وقدم له الشاى فتذوقه الزعيم المنفى لأول مرة فى حياته فراق له كثيرا وكان يرسل منه الكثير إلى معارفه وأصدقائه على سبيل الهدايا ومن وقتها لم يتخل المصريون عن حبهم لهذا المشروب.
رسالة فى الشاي
فوائد الشاى بنوعيه الأسود والأخضر كثيرة ومتعددة وقد ذكرها كثيرون أشير هنا إلى أحدهم وهو الشيخ جمال الدين القاسمى أحد أبرز علماء دمشق (1866- 1914 ) فى كتابه الذى جاء بعنوان: «رسالة فى الشاى والقهوة والدخان» حيث ذكر فى الفصل التاسع من الكتاب:
«اعتبروه مهضما للغاية مقويا للمعدة منبها يسبب ثورانا خفيفا فى التصورات بتأثيره على المخ ويزيد فى القوة الجنونية زيادة وقتية ويسبب راحة واطمئنانًا ولكن بدرجة أقل وضوحًا مما يحدث من القهوة وأما بالنظر إلى للاستعمال الطبى فلا يعطى منقوع الشاى إلا لتسهيل الهضم ويعطى كالدواء المعرق وتلك خاصية فيه وإن كانت ضعيفة ولوجود خاصية القبض فى الشاى اعتبره كثير من المؤلفين دواء قابضا فأمروا به فى الفيضانات الريحية ونحوها ومن المؤكد يقينا أن له تأثيرا واضحا على الأعصاب لأنه ينبهها حتى يسبب اضطرابا ونحو ذلك وشوهد شفاء وجع القلب به واعتبروه مانعا لتكون الحصاة ومذيبا لها إذا كانت متكونة، ولذا ذكر بعض الأطباء أنه لم يشاهد أصلا حصاة مثانية فى اليابان لكثرة استعمال أهلها له حتى أنهم يستعملون مسحوقه ويزدرونه بالماء الحار وهو من الأعاجيب، وذكر بعضهم أنه لم يشاهد حصاة ولا نقرسا فى المكثرين من شرب الشاى ولكن يشاهد عكس ذلك فى أوروبا أى أن المصابين بذلك هناك كثيرون فهذا رأى غير مختار واعتبروه أيضا دواء جيدا لضعف البصر والوجع العصبى فى العين ثم إن الصينيين يعتبرون له خواص أخرى فيرون أنه دواء عام قلبى للغاية مقو للمعدة والقلب مثير للحرارة ومزيل لأوجاع الرأس مبرئ للاستسقاء والاستهواء والنزلة وأمراض الكبد والطحال والقولون، ولكن الوثوق بهذا قليل ثم مع المبالغة فى منافعه ذكروا له أخطارا واضحة فإذا استعمل بمقدار كبير فإنه يؤثر على الأعصاب ويثير الدورة ويزيد فى حرارة الجسم ويسبب سهرا وحركات تشنجية فى الأطراف، فهو منبه لا ينبغى الإفراط فيه فيكون مناسبا للسمان والكسالى الثقيلة أبدانهم والمقلين من استعمال الرياضة مع الإكثار من استعمال المآكل الدسمة والدهنية واللزجة ويكون مؤذيا للموصوفين بعكس ذلك وبالأمزجة المخالفة لذلك سيما إذا أكثروا من استعماله.
ومن المشاهد فى الصين أن المكثرين من الشاى يكونون نحفاء ضعفاء وألوانهم رصاصية وأسنانهم مسودة وزعم بعضهم أن الإفراط من الشاى ينتهى حاله بإتلاف حساسية الأعصاب ونسب بعضهم أخطاره لحرارة مائه لأنها تتعب المعدة وغير ذلك وناقض هذا غيره ورأى نسبة ذلك للورق نفسه ونسبوا أيضا لإفراط استعماله رخاوة الصينيين وامتقاع ألوانهم وترهل لحومهم. وفى التذكرة الطبية لأن الشاى بمجرد شربه ينبه المعدة والأمعاء فتزداد الشهية وتنتظم الحركة الديدانية ولذا يستعمل فى عسر الهضم ومتى امتص أثره على المخ فيوقظه ولذا يستعمل ضد التسمم بالأفيون وهو لا يناسب المستعدين للدرن الرئوى والعصبيين إذا يحصل لهم خفقان من استعماله.
قرأت فى بعض المجلات العصرية – ما زلنا فى كتاب الدمشقي- أن الشاى يطهر الدم من مواد مضرة ويعين على الهضم ويساعد على تقطيع البلغم فى السعال، وفى رسالة شراب الشاى أن منافعه كونه مزيلا لعفونة الفم فيطيب النكهة ويذهب السعال ويقوى الباه ويدر البول ويفتح سدد المثانة ويشد العصب ويحلل الأورام وينفع للخفقان ويخرج الرياح التى تتكون بالأحشاء وتمغص فيتألم لها البدن مع ما فيه من المادة المغذية للدم المساعدة لتصفيته، ثم ذكر أن الشاى الأخضر أسمى درجة فى المنفعة وأجود تناولا من الأسود».
تعال اشرب شاى
دائما ما تكمن القيم الرفيعة فى التفاصيل الصغيرة فحينما تبدأ أحد ما بالسلام فإنه لن يجد أفضل من دعوتك لكوب من الشاى لرد التحية.. لا أحد منا لم يختبر هذا الأمر.. فمن منا لم يقل له أحد ما عند إلقاء السلام عليه: تعال اشرب شاي.
بطريقة أو بأخرى يقول لنا «كريستوف بيترز» المعنى نفسه فى مقطع من فصول كتابه الشيق والممتع الذى ننصح بقراءته ( الشاي: ثقافات.. طقوس.. حكايات): «إن الشاى ليس مجرد مشروب أحتسيه فحسب، وإنما يكاد يكون مادة سحرية تحمل الناس على الجلوس معا وسرد الحكايات والإصغاء لبعضهم بعضا ومناقشة الأسئلة ذات الشأن: من أين جئنا؟ وإلى أين سنذهب؟ وكيف نريد أن نحيا حياتنا؟ وذلك بغض النظر تماما عن جنسيتهم ودينهم ورؤيتهم للعالم وطبقتهم الاجتماعية. إن الشاى يشحذ الانتباه وينعش الحواس وفى الوقت ذاته يوضح الأفكار ويبعث القلب على الهدوء. حينما يتم صب الشاي، يسود السلام وكرم الضيافة وتتواصل الأحاديث، كما أن ذلك التبادل بين كل ما يحركنا يُعد من أفضل ما نستطيع أن نفعله بوصفنا بشرًا وذلك بغض النظر الذى نلتقى فيه».
الشاى صديق النساء.. وبه تلتئم الجروح
للشاى فوائد جمة لاحتوائه على عناصر تساعد فى التئام ومعالجة الجروح البسيطة.. ليس هذا فحسب بل له استخدامات أخرى متعددة تستطيع التعرف عليها فى دقائق عند تصفحك شبكة المعلومات الإلكترونية ومن ضمن ما عثرنا عليه من فوائد الشاى واستخداماته الخاصة بالمرأة على سبيل المثال لا الحصر:
- تساعد أكياس الشاى المستعملة فى التخلص من الهالات السوداء والانتفاخات حول العينين حيث يعمل الكافيين الموجود فى الشاى على تقليص حجم الأوعية الدموية الموجودة حول العين.
- لأكياس الشاى المستعملة بعد تركها لتجف قدرة فائقة للتخلص من الروائح الكريهة الموجودة فى الأحذية أو فى الثلاجة فهى تمتص هذه الروائح.
- تزيل أكياس الشاى المستعملة الدهون المتراكمة بأوانى الطهى حيث إن للشاى قدرة كبيرة على إذابة الشحوم.
- بمقدار ملعقة من الشاى الأسود بعد وضعها فى فنجان من الماء المغلى وتركها لمدة 15 دقيقة حتى تبرج ثم تصفية الماء من الشاى أن تنظف البشرة وترطبها. كما يمكن ترطيب الشفاة الجافة بوضع قطعة قطن مبللة بالشاى البارد على الشفاة الجاة لمدة 10 دقائق.
- بوضع فنجانين من الشاى الأسود فى حوض الاستحمام الدافئ بالماء يمكن التخلص من السيليوليت كما يعمل حمام الشاى على توحيد لون الجلد.
- يمكن التخلص من الحبوب والبثور باستخدام أكياس الشاى الدافئة فى عمل كمادات على أماكن البثور 4 لمدة 10 دقائق مرات يوميا ولا يشطف الوجه بالماء حتى يمكن تحقيق أقصى استفادة للبشرة من الشاي.
الشاى فى المنام
يتضح من كثرة تفاسير الأحلام المتناثرة فى كتب التفاسير لرؤيا الشاى فى المنام والموجود منها بغزارة فى شبكة المعلومات أن هذا المشروب يحتل مساحة كبيرة من ثقافة ووعى ومعتقدات الشعوب العربية الذين يستهلكون منه آلاف الأطنان سنويا كما يعد مشروبهم الأساسى كما أنه المشروب الأفضل أيضا لإكرام الضيف والاحتفاء به.. من هذه التفاسير: «من قام بصب الشاى فى كأس واحدة فإنه سعيد وفرح بما يملك ودليل على القناعة وتزايد له فى الخير، وإن صب فى أكثر من كأس متجاورة فإنه سيمر لسنوات بسعادة وراحة، وإن كانت متباعدة فإن سنواته سيشوبها الأحزان بينها والمشكلات والخلافات، أما رؤية كوب الشاى الفارغ فيدل على الانشغال بالأكاذيب، ورؤية الشاى الثقيل فى المنام يدل على إنذار بحدوث مشاكل اجتماعية أوعاطفية، أما رؤية سكب الشاى فينذر بقدوم مشاكل وأحزان فى المنزل، ورؤية كيس الشاى فى المنام يدل على حاجة الشخص للمزيد من الهدوء، أما رؤية الشاى الأخضر فتدل على الشفاء من المرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.