ناقش عدد من خبراء التطوير الحضري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اليوم الاثنين، ضمن أنشطة الملتقى العربي الأول للتنمية الحضرية الذي تستضيفه دائرة التخطيط العمراني والبلديات في أبو ظبي، وبالشراكة مع موئل الأممالمتحدة، وضع أجندة استشرافية حول مستقبل المدن العربية لتمثيلها في المنتدى الحضري العالمي العاشر المقرر انعقاده عام 2020 في العاصمة الإماراتيةأبوظبي، حيث دارت النقاشات حول التحديات التي تقف أمام تحقيق التنمية المستدامة للمدن العربية وتطويرها، وكيفية مواجهتها ووضعها كأولوية ضمن الخطط المستقبلية. وركز الملتقى على ضرورة تحسين مستوى المعيشة في المدن العربية وجعلها آمنة تمتلك القدرة على التعامل مع المتغيرات، والاستفادة من التصاميم المبتكرة وفق أعلى المعايير التقنية مع الحفاظ على الهوية الثقافية المتميزة للمدن العربية، والتأكيد على جمع البيانات والمعلومات بدقة كبيرة، ووفق أولويات محددة لتوجيه التنمية الحضرية وفق استراتيجية ونهج واضحين. وقالت ليلى إسكندر، رئيسة مؤسسة التنمية المجتمعية والمؤسسية للاستشارات بمصر، لم نوفر في الماضي مساحات للمستوطنات العشوائية؛ واليوم نعيش في زمن تغير فيه مفهوم المدينة من مجرد بيئة عمرانية للمشاريع السكنية إلى بيئة تلزمنا بضرورة توفير نسيج من الخدمات والمرافق يضمن شروط العيش الكريم للسكان ويعزز عمل الشركات الصغيرة والمتوسطة وتطورها." من جانبها قالت سلمى خليفة الدرمكي، الوكيل المساعد لقطاع المعرفة والسياسات الثقافية في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة: "علينا أولا، عندما نتحدث عن الاستدامة، النظر إلى التجارب السابقة لضمان عدم التسبب بمشاكل جديدة يكون لها تأثير على المستقبل؛ ونحن بحاجة إلى تغيير طريقة تفكيرنا وأخذ الاستدامة في عين الاعتبار كواحدة من معاييرنا التصميمية." وقال محمد السفياني، عمدة مدينة شفشاون، بالمملكة المغربية، "قبل التفكير في الابتكار والإبداع سعينا إلى المحافظة على استدامة المكون الثقافي المحلي في مدينة شفشاون من خلال تشجيع السكان على المشاركة في طلاء واجهات بيوتهم باللون الأزرق الذي يعتبر عنصرًا مهما من عناصر هوية المدينة، والتي أسهمت بشكل غير مباشر في تعزيز اقتصادها من خلال جذب أعداد كبيرة من السياح." وضمن فعاليات الملتقى شكَل "مختبر الأفكار" الركيزة الأساسية للحدث، حيث نال النصيب الأكبر من حلقات النقاش لصناع القرار والمسؤولين الحكوميين ونخبة من الخبراء في مجال التطوير العمراني في الوطن العربي بما فيها المملكة العربية السعودية والجمهورية اللبنانية وجمهورية مصر العربية والمملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والذين أغنو الجلسات بخبرتهم في مناقشة ودراسة طرق الاستفادة من الابتكار والثقافة لخلق بيئة حضرية تستوعب المجتمعات المتعددة الثقافات على نحو متزايد، كما أنها ترحب بالتنوع ومشاركة البيانات مع القطاع الخاص والمجتمع لتمكين الحكومات من صياغة حلول للتحديات طويلة الأجل. وقال بيبوب جريستا، الشريك المؤسس ورئيس مجلس إدارة هايبرلوب ترانسبورتيشن تكنولوجيز،"تساعدنا البيانات على فهم الصورة كاملة، وتسمح لنا بتقدير كلفة الأشياء اجتماعيا وبيئيا وثقافيا واقتصاديا. كما تسمح لنا أيضا بالتنبؤ بالمستقبل إلى حد ما؛ ولكن لتطبيق ذلك على أرض الواقع علينا في البداية تأسيس قاعدة بيانات مشتركة بين القطاعين العام والخاص." كما عمل المشاركون في"مختبر الأفكار" على التعاون في تحديد وتصنيف أهم الأولويات المتعلقة بالمحاور الأربعة للتنمية الحضرية المستدامة (الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية)؛ كما أدت مناقشات المختبر إلى صياغة فكرة شاملة فحواها أن المدن العصرية ليس مكانًا بل مجموعة من العمليات. وقال موريتسيو ترافالييني، مؤسس آركيتكس أوف جروب جينيوس: " لا توجد حلول سهلة للتخطيط العمراني ولكن يوجد أساليب ونهج أكثر فعالية من غيره، ومن بين هذه الأساليب هو التركيز على الإنسان والاستفادة من تجارب المواطنين". قال فلاح محمد الأحبابي، رئيس دائرة التخطيط العمراني والبلديات، لقد كان هذا اليوم مناسبة خاصة حقًا، حيث يتعاون ولأول مرة خبراء من جميع أنحاء العالم العربي في سبيل اتخاذ الخطوة الأولى نحو إيجاد حلول لبعض التحديات طويلة الأمد أمام بناء مدن عربية مستدامة، وأعتقد جازما أن التعاون والابتكار سيكونان المفتاح لبعض أكثر التحديات إلحاحًا والاستفادة من الفرص الناشئة. وأود بشكل خاص أن أعرب عن خالص الامتنان لجميع المشاركين في فعاليات الملتقى العربي الأول للتنمية الحضرية، والذي هو بالشراكة مع موئل الأممالمتحدة على أفكارهم ومساهماتهم القيّمة". ومن جهتها قالت مديرة المكتب الإقليمي لمنطقة الدول العربية في موئل الأممالمتحدة زينة علي أحمد:"إن وجود أكثر من نصف سكان المنطقة العربية في مستوطنات حضرية، يفرض تحديات كبيرة للمدن ولكنه في المقابل يُعد مصدرًا لفرص كبيرة. كما يشكل الملتقى العربي الأول للتنمية الحضرية علامة فارقة في تحديد أولويات المنطقة العربية في هذا المجال وضمان تقديمها على الساحة العالمية من خلال المنتدى الحضري العالمي العاشر الذي تستضيفه أبوظبي عام 2020. إن الملتقى العربي الأول للتنمية الحضرية يعتبر مكونًا أساسيًا لإعداد أجندة عربية متكاملة كخطوة تحضيرية للمنتدى الحضري العالمي ومبادرة إقليمية رائدة برعاية دائرة التخطيط العمراني والبلديات وبشراكة مع مكتب موئل الأممالمتحدة الإقليمي للدول العربية، وهو الأول من بين العديد من الأنشطة التي سيتم تطويرها بشكل مشترك في المنطقة العربية قبل وخلال وبعد المنتدى الحضري العالمي العاشر. ونحن نتطلع إلى تطوير رؤية مشتركة وتعزيز الشراكات والإجراءات التعاونية لتحقيق التنمية الحضرية المستدامة من أجل مستقبل عربي أفضل في هذا المجال. " يعدّ المنتدى الحضري العالمي الذي تأسس في عام 2001، أوّل تجمّع عالمي يُعنى بالقضايا الحضرية. ويبحث في تأثير التحضّر السريع وانعكاساته على السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في المجتمعات والمدن والبلدات. ويعد برنامج "موئل الأممالمتحدة"، منظّم المنتدى، جهة الأممالمتحدة المعنية بشؤون التنمية الحضرية المستدامة والتي تعمل من أجل مستقبل حضاري شامل ومزدهر. وسيجمع المنتدى حوالي 20 ألف مندوب من أكثر من 150 دولة. وسيوفر فرصة لتعزيز العلاقات والمشاركة وإثبات جدوى إدماج الممارسات المستدامة والقائمة على نفس السياق في البلدان المتقدمة والنامية. وسينتج عن المنتدى الحضري العالمي عقد شراكات ومشاريع جديدة لمواجهة تحديات المناطق الحضرية في إطار عنوانه المقترح: "الموارد المستدامة لمدن المستقبل". وسيتم خلال المؤتمر، الذي سيستمر مدة خمسة أيام، مناقشة عدد من المواضيع الرئيسية بما فيها الموارد البشرية، وإدارة الموارد، والتعليم والثقافة، والنقل، والبيانات، وغيرها الكثير.