"لم أعد أستطيع الصمت، ولا أستطيع أن أبقى صامتًا" بهذه الكلمات كتب الكاردينال روبرت سارة، عميد مجمع العبادة الإلهية وتنظيم الأسرار في الفاتيكان، مقدمة كتابه "لقد حان المساء، وأوشك النهار على الإنقضاء"، والذى وجه فيه رسالة لمن أسماهم "الكاثوليك المشوشين" جراء تعرضهم للأذى بسبب الأزمة العميقة التي تمر بها الكنيسة فيما يتعلق بالإعتداءات الجنسية ووصف " سارة" الأزمة التى تمر بها الكنيسة ب"ليلة قاتمة السواد"، وبأن الكنيسة قد أصبحت "معصوبة ومتشحة بسر الإثم". وتحدث المسئول الفاتيكانى عن "دخان الشيطان" الذي غزا الكنيسة، واصفًا بشكل علني "الخونة" الذين أصبحوا، مثل يهوذا الإسخريوطي، مضيفًا: لقد سعوا إلى تشويه النفوس الصافية للمؤمنين الأصاغر، لقد أذلوا صورة المسيح المتجسد في كل طفل، وفي الوقت ذاته، أهانوا وخانوا الكثير من الكهنة المؤمنين". وأضاف: لا يمكن العثور على سبب فضيحة الاعتداء الجنسي إلا في خيانات سابقة، كما أن الأزمة التي يمر بها الإكليروس والكنيسة والعالم، هي أزمة روحية متجذرة، وأزمة إيمان". واستطرد: فإن نفس الأخطاء، ونفس الخيانات، ترتكب اليوم لقد تركنا الصلاة، وتسلل شر النضال الفعّال في كل مكان، وأصبحنا نسعى لتقليد تنظيمات الشركات الكبيرة، وننسى بأن الصلاة فقط هي الدم الذي يمكن أن يروي قلب الكنيسة، مؤكدًا: من ترك الصلاة فقد خان بالفعل، بل هو على أتمّ الاستعداد لمسايرة مع العالم، إنه يسير على نهج "يهوذا". واكمل: أن ترك العقيدة الكاثوليكية هو السبب وراء فضائح الاعتداء الجنسي الحالية، كما أن النسبية هي قناع يهوذا المتنكر كمثقف، متسائلًا: كيف يمكن أن نتفاجأ من أن الكثير من الكهنة يخرقون نذورهم؟ نحن نخفف من معنى البتولية، ونطالب بالحق في حياة خاصة، وهو عكس رسالة الكاهن. وأضاف: يذهب البعض منهم إلى حد المطالبة بالحق في ممارسة الشذوذ الجنسي، وتتبع فضيحة تلو الفضيحة، وتشمل كهنة وأساقفة، محذرًا زملائه الكهنة بأنهم سيتعرضون جميعًا للاتهامات، والتي هي على نحو صحيح بالنسبة للأقلية منهم فقط. ووجه الكاردينال رسالة إلى الكهنة بألا ينجرفون وراء "البحث المتحيز" الذي يقدّم الرعاة، ممن هم على رأس الكنيسة، على أنهم "رجال كنيسة غير مسؤولين، يعانون فقر دم في حياتهم الداخلية. ويضيف الكاردينال روبرت سارة إن الكهنة والأساقفة والكرادلة المنحرفين لن يشوهوا بأي حال من الأحوال أكثر من 400،000 من الكهنة المنتشرين حول العالم، والذين يخدمون الرب كل يوم، وبكل فرحٍ وسرور، مشددًا: وعلى الرغم من عنف الهجمات التي تتعرض لها، فإن الكنيسة لن تموت. إنه وعد الرب، وستبقى كلمتها معصومة". وأكد " سارة": الكنيسة لا تخون الكنيسة ذاتها ممتلئة بالخطأة، لكنها هي، بنفسها، من دون خطيئة، سيكون بداخلها دائمًا ما يكفي من النور لأولئك الذين يبحثون عن الله". وأضاف: إن الكنيسة تحتضر لأن الرعاة يخشون التحدث بكل صدق ووضوح، نحن نخاف من وسائل الإعلام والرأي العام وإخواننا، إن الراعي الصالح يبذل ذاته من أجل خرافه"، مستطردًا: بقاء الكنيسة لم يقتصر على رجل بسبب قدراته الاستثنائية، لكننا على ثقة، بأن هذا الرجل سوف يسانده الراعي الإلهي لكي يتمسك بقاعدة الإيمان". وأختتم: "إن كنتم تعتقدون أن كهنتكم وأساقفتكم ليسوا قديسين، فكونوا أنتم قديسين لأجلهم، قدموا التوبة والصوم كفارة لإصلاح الأخطاء والتخاذل، هذه هي الطريقة الوحيدة لتحمل عبء الآخر".