كانت الاضطرابات السياسية التى واجهت مصر وسائر البلدان العربية والشرقية، بمثابة وقود النجاح لاستعراضات نجيب الريحاني، وذلك عقب سقوط الدولة العثمانية، وأعلنت فرنسا وبريطانيا تقسيم الولايات والأراضى العثمانية السابقة، وهذا ما نتج عنه ردود أفعال غاضبة من قبل الشعب ورفضه لهذه القرارات الأوروبية والهيمنة الاستعمارية على بلادها، وقد ساهم الريحانى وبديع خيرى وسائر المسرحيين فى مصر فى إزكاء روح ثورة 1919، وذلك من خلال مجموعة من الاستعراضات المسرحية التى تقدم على المسارح فى تلك الفترة، وقد قام الثنائى بتخصيص وظيفتيهما فى إثارة الكراهية ضد الاستعمار البريطاني، وأخذت الروح الوطنية والقومية تتغلغل بين الشعب، بعد تفتيت الدولة العثمانية وانقسام ولاياتها إلى عدة دول مستقلة، وقدم المسرح عروضا تناولت تلك الأحداث فى ذلك الفترة، وتعد مسرحية «العشرة الطيبة» لنجيب الريحانى التى مثِّلت فى مارس 1920، بمثابة باكورة إنتاج فى المرحلة الجديدة، وكان الهدف منها هو تجسيم مساوئ العثمانيين فى عين المصريين، وتقريب البريطانيين إلى قلوبهم أو أى اساءه للأتراك، وقد كلف بترجمتها الكاتب المسرحى المعروف «محمد تيمور»، عن مسرحية فرنسية بعنوان «اللحية الزرقاء» بالفرنسية، وتعهد بأن بديع خيرى يكتب أزجالها، سيد درويش بتلحين موسيقاها، وأسند إلى عزيز عيد إخراجها، وبعد هزيمة الدولة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى، وكان البريطانيون أكبر عقبة فى سبيل استقلال مصر فى 1920، كما يفعلون هذا الأمر مع احتلال فلسطين والعراق وتركيا، وسافر الريحانى إلى البرازيل مع زوجته. بعد عودة نجيب الريحانى وفرقته من رحلته إلى البرازيل فى أكتوبر 1925، حيث أحيا موسما فنيا بدار التمثيل فى أواخر 1925 وأوائل 1926 كان هذا المسرح لا نظير له فى القاهرة مصمما على طراز مسارح الأحياء بباريس، وافتتح المسرح فى نوفمبر 1926 بمسرحية «المتمردة»، وقد حدث سوء تفاهم بين نجيب الريحانى وصاحب المسرح، وألغى على أثره الريحانى العقد المبرم بينهما، واستأجر الريحانى مسرح الكورسال لتمثل به فرقته حتى توقف المسرح عن تقديم العروض المسرحية وتحول إلى مقصف للجنود الإنجليز، حتى أزيل هذا المبنى وشيدت مكانه عمارة سكنية، وفى عام 1952 أطلق اسم الريحانى على مسرح ريتس تخليدا لذكراه حيث استقر الريحانى بفرقته عام 1935 وقدمت الفرقة نحو 50 عرضا مسرحيا حتى عام 1980، ومنذ أواخر السبعينيات توقفت عروض مسرح الريحانى وأصبح المسرح مؤجرا لفرق أخرى، وقد دون الريحانى فى مذكراته، أنه كان يفخر بتقدير الزعيم سعد زغلول لحضوره العروض المسرحية الذى يقدمها الريحانى وفرقته، والتردد الدائم على مسرحه، الذى يتسم بالروح الوطنية والشعبية التى تغنى بمجد الوطن، لكى تساعد فى إيقاظ شعور الجمهور وتعمل على غرس مشاعر حب الوطن وإعلاء روح المواطنة.