ارتفاع الأسهم الأوربية وسط تفاؤل بمصير الفائدة الأمريكية    محافظ مطروح: استقبلنا 3.3 ألف طن قمح بصومعة الحمام    مصدر رفيع المستوى: الوفد المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وحماس    خبير تحكيمي: مستوى البنا في تراجع شديد.. وسموحة يستحق ركلة جزاء أمام الزمالك    بعد مشاركة وسام أساسيا في المباريات السابقة .. هل سيعود محمود كهربا لقيادة هجوم الأهلى أمام الاتحاد السكندري ؟    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    محافظ المنوفية يعلن جاهزية المراكز التكنولوجية لبدء تلقى طلبات التصالح غدا الثلاثاء    محافظ الغربية يتابع استمرار الأعمال بمشروع محطة إنتاج البيض بكفر الشيخ سليم    ارتفاع الأسهم الأوروبية بقيادة قطاع الطاقة وتجدد آمال خفض الفائدة    وزير فلسطيني: مكافحة الفساد مهمة تشاركية لمختلف قطاعات المجتمع    من يعيد عقارب الساعة قبل قصف معبر كرم أبو سالم؟    ماكرون يؤكد ضرورة الحوار الصيني الأوروبي أكثر من أي وقت مضى    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    بالأرقام والتفاصيل.. خطة لتحويل "مناخ" بورسعيد إلى حي أخضر    وزير الرياضة: 7 معسكرات للشباب تستعد للدخول للخدمة قريبا    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج عن القانون    كشف ملابسات مقتل عامل بأحد المطاعم في مدينة نصر    طلاب مدرسة «ابدأ» للذكاء الاصطناعي يرون تجاربهم الناجحة    6 عروض مسرحية مجانية في روض الفرج بالموسم الحالي لقصور الثقافة    «شقو» يحقق 62 مليون جنيه إيرادات في شباك التذاكر    ماجدة الصباحي.. نالت التحية العسكرية بسبب دور «جميلة»    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    وفاة شقيق الفنان الراحل محمود ياسين.. ورانيا ياسين تنعيه: مع السلامة عمي الغالي    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    بعد نفي علماء الآثار نزول سيدنا موسى في مصر.. هل تتعارض النصوص الدينية مع العلم؟    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    انتصار السيسي: عيد شم النسيم يأتي كل عام حاملا البهجة والأمل    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    طريقة عمل سلطة الرنجة في شم النسيم    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخطاء الطبية.. شبح الموت بيد الإهمال.. "ملك" ضحية تنتظر العلاج.. و"اللوز" قتلت مروة.. ووالد فتاة طنطا: ابنتي قتلت نتيجة انفجار في الرئة بسبب محاليل خاطئة
نشر في البوابة يوم 05 - 03 - 2019

يتسبب الخطأ الطبى فى معاناة أسر بالكامل للنتائج الكارثية التى تحدث للمريض، والتى قد تصل إلى حد الوفاة، ورغم أن الأخطاء الطبية فى مصر لم تصل إلى حد الظاهرة إلا أن الفترة الماضية شهدت تزايدا فى عدد الأخطاء الطبية، الأمر الذى يزيد من المعاناة والقلق ليس على المريض وفقط، بل على الطبيب الذى يواجه عقوبة الشطب من النقابة، وحسب تصريحات نقابة الأطباء فإن نحو 20 طبيبا يتم شطبهم من النقابة سنويا بسبب الأخطاء الطبية. يعزو البعض الأخطاء الطبية إلى الإهمال فى مستشفيات مصر الخاصة ونظائرها الحكومية المعروفة بالمستشفيات الأميرية وانعدام الخبرة والكفاءة من قبل الطبيب الممارس أو الفئات المساعدة، فيما يرى آخرون أنها نتيجة ممارسة عملية أو طريقة حديثة وتجريبية فى العلاج أو نتيجة حالة طارئة تتطلب السرعة على حساب الدقة، لكن فى كل الحالات هى خطيئة كبرى..وجريمة..).
«ملك» ضحية تنتظر العلاج.. و«اللوز» قتلت مروة.. ووالد فتاة طنطا: ابنتى قُتلت نتيجة انفجار فى الرئة بسبب محاليل خاطئة التشخيص الخاطئ وانعدام الخبرة والكفاءة.. أبرز الأسباب
مسلسل الأخطاء الطبية يحمل الكثير من الأحداث والشخصيات فأشهر الضحايا بسبب «الأخطاء الطبية» كانت الفنانة الشهيرة سعاد نصر، والتى توفت بعدما دخلت فى غيبوبة عام 2006 بعد إعطائها جرعة مخدر، تمهيدًا لإجراء عملية شفط الدهون ونتج عنها حالة غيبوبة كاملة استمرت مدة عام كامل توفيت بعدها فى عام 2007 عن عمر يناهز 54 عامًا، وتمت مقاضاة طبيب التخدير وأخذ سنة مع إيقاف التنفيذ، لاعتبارها السابقة الأولى من نوعها فى تاريخه.
وواجهت الراقصة «غزل»، أيضًا المصير ذاته، حيث توفيت نتيجة خطأ طبى بالتخدير أثناء إجراء عملية «كحت بالرحم»، داخل مستشفى خاص بمنطقة حدائق الأهرام.
غير أن الطفلة ملك مأساة من نوع خاص فى ملف الأخطاء الطبية فى مصر، وتقول «محاسن العوضي»، خالة الطفلة «ملك»: إن معاناة الطفلة بدأت فى عمر «سنة و7 أشهر»، عندما شاء القدر أن يدهسها سائق عربة نقل، ليحولها من طفلة تحاول المشى واللعب إلى عاجزة عن السير تمامًا نتيجة إصابتها بكدمة فى منطقة النخاع الشوكي، مما أحدث لها شللا وعجزا عن الحركة تمامًا، تنتظر الخلاص بإجراء عملية جراحية دقيقة فى منطقة النخاع الشوكي، حيث عرف أسرتها من الأطباء أن هذه العملية لا يتم إجراؤها فى مصر، مما يتطلب السفر إلى الخارج لإجرائها وعودتها تُمارس حياتها بشكل طبيعي، إلا أن إمكانيات الأسرة المادية لا تسمح لهم بتوفير تكليف السفر وإجراء العملية بالخارج.
فيما كانت مدينة طنطا شاهدة على جريمة أخرى، فتاة فى مقتبل العمر تلقى حتفها بسبب محاليل خاطئة نتيجة الإهمال الطبى وقلة الكفاءة والخبرة فى التعامل مع الحالات أو المرضى، الضحية أنثى فى منتصف عقدها الثانى وساحة الإهمال مستشفى حكومي، حيث دخلت الفتاة فى غيبوبة نتيجة إعطائها محاليل أدت إلى ارتفاع نسبة السكر فى الدم، مما أسقطها فى غيبوبة كاملة.
وقال «أحمد علي»، والد الفتاة، إنه عندما دخلت ابنته المستشفى بدأت الكارثة، حيث قام الأطباء بتركيب محلول لها، لأنها كانت مصابة بإغماء، ولكنه كان علاجا خاطئا، مما أدى إلى إصابتها بغيبوبة كاملة، وقاموا بتركيب محاليل أخرى بطريقة خاطئة، وتسبب الأمر فى انفجار الرئة وقطع الشريان المسئول عن نقل الأكسجين من الرئة للمخ، مما أدى إلى وفاتها على الفور، ما دفع والدها لتحرير محضر برقم 581 لسنة 2019، ولكن بسبب تهديده بتشريح جثة ابنته ما سبب تنازله عن المحضر إكراما للمتوفاة لدفنها.
والفاجعة الأخرى اسمها مروة، ملخص القضية كانت الطفلة «مروة محمود»، 13 عامًا، من محافظة الدقهلية، تشكو من عدم قدرتها على تناول الطعام والشراب، فضلًا عن ارتفاع درجة الحرارة التى كانت تعانى منها، مما استدعى أسرتها لإجراء بعض التحاليل والذهاب إلى أحد الأطباء المختصين، والذى حدد فى النهاية ضرورة إجرائها لعملية «اللوز»، وبالفعل حول الطبيب الطفلة وأسرتها إلى أحد المستشفيات الاستثمارية، لإجراء العملية لها، إلا أنه تدهورت حالتها الصحية كثيرًا، وقد لاحظت الأسرة هذا الأمر، إلا أن الطبيب وفريق التمريض ينكرون الأمر.
وقال «محمود»، والد الطفلة: «الدكتور قال إن بنتى جالها إغماء بس حالتها مستقرة، لكن فى غرفة العمليات وقع المكروه وتدهورت الحالة».
وتابع: «عقب سماعى تدهور الحالة اقتحمت، غرفة العمليات وجدتها ملقاة على الفراش مغطاة الوجه، وقتيلة، وفر الأطباء وفريق التمريض هاربين»، لافتًا إلى أنه حرر محضرا بالواقعة، متهمًا الطبيب بالإهمال فى حالة ابنته وتقصيره لإنقاذ حياتها، وعندما بدأ التحقيق اكتشفت «الصحة» أن سبب الوفاة يرجع نتيجة جرعة زائدة من البنج وعدم تعامل الطبيب لإنقاذ حالتها.
الدكتور محمد حسن خليل، رئيس لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة
الأخطاء العفوية
يقول الدكتور محمد حسن خليل، رئيس لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، أنه لابد من التفريق بين ثلاثة مصطلحات طبية وفقًا لكل المراجع الطبية العالمية، وهى «المضاعفات المنطقية» التى تحدث لأى مرض، و«الأخطاء العفوية أو غير المقصودة»، والتى لها عقوبات إدارية، وهناك «الخطأ الجسيم»، وله عقوبة جنائية، موضحًا أن هذه الأمور مقننة فى القانون المصري، فإن أى فحوص طبية أو إجراءات علاجية تنقسم إلى نوعين، وهما «غير اقتحامي» مثل الموجات الصوتية والأشعة على الصدر وغيرها التى لا تدخل إلى الجسم، وبالتالى ليس لها أى مضاعفات، والنوع الآخر هو الذى يتدخل الطبيب من خلاله إلى جسم الإنسان.
وتابع خليل، بأن النوع الأخير مثل أشعة الصبغة على الكلى وقسطرة القلب وغيرها من الإجراءات التشخيصية أو العلاجية، قد يكون واردا به نسبة معينة من المضاعفات، مشيرًا إلى أنه قبل تطور الطب كانت أشعة الصبغة على الكلى بها نسبة وفيات 1/ 10 آلاف، نتيجة للحساسية الشديدة من الصبغة لا يمكن اكتشافها مسبقًا، ويكون هناك محاولات لعلاجها بأدوية، ولكنها قد تفشل فى بعض الأحيان مما ينتج عنها الوفاة، وبالتالى فى هذه الحالة لا تدخل تحت بند «الخطأ الطبي»، ولكنها مضاعفات إجبارية التى يمكن أن تحدث للمريض، مما استدعى حاليًا إمضاء المريض أو أسرته على إقرار.
وأشار إلى أن ما يظهر كفاءة مستشفى أو طبيب من عدمه هو تعامله مع مثل هذه النوعية من المضاعفات، حيث إن الدراسات العالمية تثبت أن نسبة المضاعفات من عمليات قسطرة القلب على سبيل المثال ثلاثة أضعاف نسبة الوفيات، مضيفًا أنه فى مصر هناك مشاكل فيما يخص الإحصاء الطبي، بالنسبة للمريض والطبيب على مستوى الجمهورية فى كل الإجراءات الاقتحامية، سواء التشخيصية أو العلاجية، وهناك أخطاء طبية غير مقصودة مثل واقعة «شاه إيران» عندما أجرى جراحة استئصال الطحال فى مصر على يد طبيب عالمي، وقام الطبيب بجرح بسيط فى البنكرياس، مما تسبب له فى «خُراج»، ونتج عنه الوفاة فيما بعد.
وقال إنه فى هذه الحالة تدخل تحت بند المضاعفات الممكنة فى العمليات، والتى قد لا يكون لها عقوبة أو لها عقوبة إدارية فقط، ولكن فى حالة «الإهمال الجسيم» الذى ينتج عن الأطباء وإثبات صحة الإهمال وأدى إلى الوفاة تتحول عقوبته إلى جنائية، يعاقب عليها القانون ويعاقب عليها الطبيب إداريًا أيضًا، حيث هناك قسم فى نقابة الأطباء يسمى «شكاوى المواطنين»، ويحققون فى الوقائع المعروضة عليهم ويعرضونها على لجنة متخصصة، ويأخذون أقوال الطبيب، وبعدها يتم المحاسبة سواء بالمنع من مزاولة المهنة، وهذا لا يخل بالشروط الجنائية، فى حالة رفع أهل المريض قضية على الطبيب، بل يجب أن يتقدم الأهل بشكوى للنقابة وأيضًا للشرطة، لمحاسبة الأطباء فى حالة الأخطاء.
الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء السابق
مشاكل المهنة
يرى الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، أن «الأخطاء الطبية» هى ثقافة خاطئة فى مصر، ولكنها تسمى «مشاكل مزاولة مهنة الطب»، والتى بها أنواع متعددة مثل الجرائم الموجودة فى القانون، والنصوص تجعلها خارج مهنة الطب وتحرم القيام بها، وتضع عقوبات على من يقوم بها مثل «ختان الإناث» و«الإجهاض غير الشرعى أو القانوني» و«التجارة بالأعضاء» وغيرها، مؤكدًا أن فاعليها مجرمون وليسوا أطباء، وحدد القانون عقوبات لهذه الجرائم قد تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
وأضاف سمير، أنه هناك ما يسمى ب«المضاعفات» والتى تعد جزءا معروفا من المرض، وموجودة فى الكتب العلمية بنسب محددة، والتى لابد أن يعلمها المجتمع والمواطنون والأطباء، حيث إن إجراء عملية «اللوز» على سبيل المثال يكون لها مضاعفات وتصل نسبة الوفيات بها حوالى 3٪ على مستوى العالم لأسباب مختلفة، أشهرها النزيف أو أعراض التخدير أو العدوى البكتيرية، هذه الأسباب قد لا يعلم عنها المواطنون شيئًا، ويعتقدون أن الأمر بسيط قد لا ينتج عنه أى مضاعفات، الأمر الذى ساهم عبر الجهات المعنية مثل «وسائل الإعلام» فى ترسيخه فى أذهانهم.
وأردف، أن هناك ما يسمى ب«الأخطاء البشرية أو التقنية»، والتى بها نوعان، الأول مختص بمقدم الخدمة وهى «المستشفى»، وهذه الأخطاء تتمثل فى انقطاع الكهرباء أو عدم سلامة الأجهزة أو مكافحة العدوى غير سلمية وغيرها، لافتًا إلى أن المسئول عن تقديم الخدمة الطبية هى المؤسسة وليس الطبيب، فهو يعمل بأجر لدى المؤسسة، والتى توظف طاقم التمريض والأطباء لخدمة المرضى بأجر، ولكن الثقافة الراهنة تحمل الطبيب المسئولية الكاملة لأى أزمة أو مشكلة، بوصفهم «المهملين»، بالرغم من وجودهم فى كل دول العالم دون أن يصدر عنهم أى شكوى، ففى دول الخليج يوجد حوالى 90٪ من فرق الأطباء مصريون، ويقدمون أحسن الخدمات للمرضى.
وأوضح، أن فرق التمريض أيضًا فى مصر يكون لديها التزامات معينة أثناء إجراء العمليات الجراحية، والتى قد تجعل تركيزه منصبا تمامًا على هذه الالتزامات، الأمر الذى لا يحدث فى الدول الأخرى، فضلًا عن الأخطاء البشرية للأطباء مثل اهتزاز يد الطبيب أو لمسه دون قصد أثناء إجرائه عملية ما، مؤكدًا أن هذه الأخطاء موجودة فى جميع دول العالم، ويتم تحميل المسئولية للأطباء والتمريض والمستشفيات لتعويض المرضى فى حالة الضرر، الذى لا ذنب لهم به، وهذا الأمر يختلف تمامًا عن الإهمال الذى قد يقوم من خلاله الطبيب بمزاولة المهنة فى غير تخصصه، مثل إجراء طبيب نساء وتوليد لعمليات المسالك البولية، أو تخدير الطبيب الجراح للمريض دون إحضار طبيب متخصص فى التخدير وغيرها، والتى تدخل تحت مسمى «الإهمال المفرط».
وشدد على ضرورة توعية المواطنين فيما يخص الأزمات والمشكلات الطبية التى قد يتعرضون لها، حيث إن جهل المجتمع يؤدى إلى تدمير الصحة فى مصر، فضلًا عن أهمية عدم إلقاء اللوم من قبل الجهات المعنية على الطبيب فقط، مضيفًا أن نقابة الأطباء فى كل دول العالم يتلخص دورها فى الدفاع عن الطبيب باعتبارها كيانا تعاونيا، إلا أن قانون النقابة المصرى منذ الستينيات، وبه مشكلات عديدة مثل العضوية الإجبارية للطبيب فى الاتحاد الاشتراكي، محاسبة الأطباء عن الشكاوى، بدلًا من تمثيله والدفاع عنه فى حالة الأزمات.
الدكتور أحمد شوشة، عضو مجلس نقابة الأطباء
غياب الرادع
وقال الدكتور أحمد شوشة، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن هناك حالات مرضية طارئة لا يمكن للطبيب أن يتوقعها أو يتقيها، حيث إن الأخطاء الطبية واردة بقدر لا يمكن التوسع به فى مجال الطب، لأنه يتعلق بأرواح المواطنين، مشيرًا إلى أن ما يحدث فى النيابات والمحاكم فى حالة وفاة مريض فإن المهتم الرئيسى هو الطبيب، مطالبًا فى هذه الحالة بإصدار تقرير من قبل لجنة مشكلة من أطباء متخصصين لتحديد عما إذا كان خطأ جسيم أو متوسط أو غياب الخطأ من الأساس.
وتابع شوشة، أن هناك حالات من الممكن أن يُقال عنها خطأ طبي، فإن الطبيب هو إنسان ليس معصوما من الخطأ، مناشدًا بضرورة تقنين قانون المسئولية الطبية أسوةً بدول العالم المتقدم، ولا يحاكم الأطباء بقانون العقوبات الذى يحاكم به المجرمون، كما أنه لابد من عمل نظام تأمينى للمرضى والأطباء فى جميع التخصصات، تحسبًا لحالات المضاعفات وغيرها، كما أنه لابد من التفرقة بين الخطأ الشخصى للطبيب والمرفقى للمرفق الصحى مثل المستشفى والمستوصف، قائلًا: «وتسأل الحكومة عن الخطأ المرفقى قبل أن يسأل الطبيب».
واستكمل، أن الحكومة ممثلة فى وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، أصدرت قرارا بحظر كتابة الأطباء أى علاج من خارج المستشفى، وذلك فى ظل عدم توافر هذا العلاج داخل المستشفى من الأساس، قائلًا: «ففى حالة حضور مريض بكسر مضاعف ووجود نزيف شديد، وليس هناك إمكانيات فى المستشفى سيمتنع الطبيب عن إجراء العملية، أم سيطالب بشراء هذه الأدوات من الخارج وإجراء العملية»، فيجب أن يكون الهدف الأسمى هو إنقاذ حياة المريض، موضحًا أنه يعرض على نقابة الأطباء شكاوى المواطنين، والتى يتم أخذ رأى استشاريين بها، لتتم معاقبة الأطباء بعقوبات قد تصل إلى الفصل ثم من حق الطبيب الاستئناف بعد حكم النقابة.
وأكد، أن هناك أحكاما يتم الحكم بها على الأطباء بالبراءة، بعدما قامت النقابة بفصله من مزاولة مهنة الطب، فهناك وجهة النظر الطبية الأعمق لتحديد عما إذا كان الطبيب مخطئا أم لا، لافتًا إلى أن هناك داخل النقابة لائحة المسئولية الطبية التى تحدد العقوبات المفروضة على الأطباء المخطئين قد تصل إلى الفصل، موضحًا أن هناك حوالى 20 حالة سنويًا يتم شطب عضويتهم من النقابة، مما يعد إعداما معنويا للطبيب، حيث إنها تفتقر إلى التدرج فى العقوبة من «الإنذار أو الخصم أو الغرامة ثم الوصول إلى الفصل»، فقد تكون اللجنة المُشكلة لمحاسبة الطبيب غير متخصصة فى مجال عمله والذى أخطأ به، مقترحًا ألا يكون التحقيق من قبل نقابة الأطباء وأن يكون من قبل جهة مختصة ومعنية، ثم تعرض نتائج التحقيق على النقابة وتتخذ الجزاء المناسب.
المسئولية الطبية
أكد شوشة أن لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، تتابع حاليًا مشروع قانون «المسئولية الطبية»، بعدما تلقت ملاحظات عليه من قبل وزارة العدل، حرصًا على عدم وجود أى شبهة عدم دستورية، حيث ينص مشروع القانون على إنشاء لجنة عليا للمسئولية الطبية، مكونة من ممثل عن كل من نقابة الأطباء ووزارة الصحة والطب الشرعى وكليات الطب ومن رجال القانون والمجتمع المدني، لتلقى الشكاوى والتحقيق مع مقدم الخدمة والبت فيها، بجانب إلزام مقدمى الخدمة الطبية على التأمين الإجبارى للعاملين لديه ضد المسئولية عن الأخطاء الطبية، ليحصل المريض المتضرر على التعويضات المالية المناسبة، خاصةً بعد تكرار الأخطاء الطبية خلال الفترة الأخيرة.
وفى حالات الأخطاء الطبية يحاسب الأطباء حتى الوقت الراهن، وفقًا لقانون العقوبات، المادة رقم 244 من القانون، والتى تصل عقوبتها الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز 200 أو 300 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وفى هذا الصدد، قالت النائبة إليزابيث شاكر، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، ومقدمة مشروع قانون «المسئولية الطبية» للبرلمان، إن الأطباء مثلهم مثل البشر عندما يرتكبون خطأ ما يعاقبون على الفور، مؤكدة على ضرورة حفظ حق المواطنين داخل المستشفيات، إلا أن هناك بعض الحالات التى قد تحدث لها مضاعفات سواء من تناول الأدوية أو إجراء عمليات جراحية، وهذه المضاعفات تكون مدرجة فى المواقع والكتب العلمية على مستوى العالم، سواء بإصابة المريض أو وفاته بعض الأحيان.
وتابعت شاكر، بأن الأزمة تكمن فى حال تقدم أهل المريض بشكوى وتحرير محاضر جنائية يتم التحفظ على الطبيب وحبسه على الفور مثله مثل المجرمين، لحين ثبوت براءته أو إدانته، لافتة إلى أن القانون يتضمن تشكيل لجنة عليا مكونة من أطباء وأساتذة جامعات ومسئولين من وزارة الصحة، يقومون بتقييم المشكلة فنيًا، وتحديد مدى خطأ الطبيب من عدمه، دون التستر على أى أخطاء، فإن الأخطاء تُقسم إلى أنواع، فهناك أخطاء ناتجة عن قلة العلم، أو خطأ بشرى وغيرها، وفى حالة تعمد الخطأ تُطبق أقصى عقوبة، وتوقيع العقوبة فى حالة الخطأ أيضًا.
ولفتت إلى أن قانون المسئولية الطبية يطبق الحساب على الأطباء فى حالة ارتكابهم أخطاء طبية بحق المرضى، ولكن دون إهانتهم بالحبس فى حالة الاتهام لأول مرة دون إثبات وجود خطأ من عدمه، منعًا لتسبب الأمر فى عزوف الأطباء عن ممارسة المهنة وإصابتهم بالخوف، مؤكدة أن نقابة الأطباء ستظل تتخذ موقفها تجاه الأطباء فى حالة ارتكابهم الأخطاء يتم توقيع العقوبات عليهم، وصولًا إلى الفصل وشطب عضويتهم، مطالبة بأن يعامل الأطباء معاملة ليست معاملة المجرمين لحين ثبوت التهمة عليهم، فضلًا عن تحقيق التوازن بين الأطباء والمرضى من خلال هذا القانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.