نشر الموقع الإليكتروني لصحيفة "زمان اليوم" التركية، اليوم الأحد، أن مجلس أوروبا يرى أن حكومة "رجب طيب أردوغان"، رئيس الوزراء التركي، قد انتهكت قواعد الاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب نية "أردوغان" القيام بإصلاحات قضائية تتنافى مع استقلال السلطة القضائية، وهو الأمر الذي يتعارض مع معايير الاتحاد الأوروبي. ونوهت الصحيفة عن أنه على الرغم من أن كلا من الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا قد رحّبا بتغييرات عام 2010 لمجلس القضاء التركي، ونصحا باتّخاذ مزيد من الخطوات لضمان استقلال القضاء بشكل أكبر عن الحكومة، إلا إذا قرر حزب العدالة والتنمية - وهو الحزب الحاكم في تركيا - القيام بعكس ذلك عبر اعتماد تغييرات في السلطة القضائية تؤكد تحكم وفرض سيطرة الحكومة على السلطة القضائية بدقة بالغة، ما يمحي استقلال القضاء. وأشارت الصحيفة إلى أن القرار جاء متسرّعا من قبل "أردوغان" لإصلاح المجلس الأعلى للقضاة والمدّعين العامين على خلفية من التحديات القانونية الخطيرة، والتي ولدت من قبل التحقيقات بقضية الفساد الكبرى والتي شهدت تورط ابنه وآخرين على مقربة منه، فقد أمر وزارة الداخلية بإعادة تعيين الآلاف من ضباط الشرطة الذين كان كثيرون منهم من كبار القادة، بينما يضع ضغوطا هائلة على السلطة القضائية من خلال وزارة العدل، وذلك لوقف تحقيقات النيابة العامة في قضية الفساد الكبرى. وأفادت الصحيفة بأن مشروع القانون المثير للجدل قدم إلى البرلمان التركي من قبل معاوني "أردوغان" في الأسبوع الماضي، وهو الأمر الذي أثار غضب الكثيرين في تركيا، بما في ذلك أعضاء المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين وكبار رؤساء القضاء العالي والمعارضة والمثقفين، الذين قالوا إن حكومة "أردوغان" تحاول السيطرة على القضاء مستخدمة قبضة من حديد، وذلك لإنقاذ نفسها من التعرض للمساءلات القانونية. وأوضحت الصحيفة أنه قد اعترض 15 عضوا من المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين على مشروع القانون، مشددين على أن الاقتراح ينتهك المبدأ الدستوري لاستقلال ونزاهة القضاء، وأيضا يهدف لإخضاع المجلس إلى سيطرة وزير العدل التابع ل "أردوغان". وقد أصدر "أحمد هامسيكي"، نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، بياناً مكوّناً من 66 صفحة في الأسبوع الماضي، مشدِّداً فيه على أن الاقتراح المقدم من قبل حكومة العدالة والتنمية - وبرعاية رجب طيب أردوغان - يهدف إلى تدمير استقلال المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وكذلك محو الفصل بين السلطات في البلاد. ووفقا للبيان، ففي حال اعتماد مشروع القانون، فإن القانون سيضع المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين تحت سيطرة وزير العدل التابع ل "أردوغان"، وبالإضافة إلى ذلك فإنه سيجبر أعضاء المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين على الاعتماد على السلطة التنفيذية، وبالتالي فإنه "سيسيّس" المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، كما اشتكى ال 15 عضوا أيضا من أن حكومة "أردوغان" ستبتعد كل البعد عن عدد من التغييرات التي أدخلت على هيكل المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، بعد الاستفتاء الذي أجري في يوم 12 من شهر سبتمبر لعام 2010، والتي تجعل القضاء التركي يخطو خطوة نحو معايير الاتحاد الأوروبي. وذكرت الصحيفة أن مشروع القانون يوجه ضربة خطيرة للمعايير المذكورة في شهر مارس 2011 من قبل لجنة البندقية، والتي تعتبر تركيا عضوا مؤسسا فيها وتتألّف من خبراء في مجال القانون الدستوري، وقد قالت لجنة البندقية - في بيان لها - "إن العنصر المهم في التعديلات والأحكام، هو نقل صلاحيات الإشراف من وزارة العدل إلى المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وإن هذه التغييرات هي موضع ترحيب كبير، كما أنها تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، حتى لو كانت متواضعة نسبيا"، وقد اقترحت لجنة البندقية أيضا أن قدرة وزير العدل على التصرف كرئيس المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين في التحقيقات التأديبية يجب محوها، وذلك من أجل الحفاظ على السلطة القضائية مستقلة عن الحكومة. وقد حذر "جياني بوكيشيو"، رئيس لجنة البندقية، من الوقوف ضد مثل هذه النتيجة هذا الأسبوع، مشدِّداً على أن حكومة "أردوغان" يجب أن تتجنب التعجيل في التغييرات لطريقة عمل المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، كما نصح بعدم تنفيذ مشروع القانون حرصا على استقلال القضاء، موضحا أنه إذا تم تمريره من البرلمان، وإذا لم يتحقق وينظر فيه بدقة من قبل المحكمة الدستورية العليا للحكم في مدى توافقه مع الدستور، فإن التعديلات المقترحة للتشريعات القضائية، ولا سيما لطريقة عمل المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، ستتسبب في المزيد من القلق بشأن استقلال وحيادية القضاء، ونوه عن أهمية وجود سلطة قضائية مستقلة، مؤكدا أن القضاء يجب ألا يكون - تحت أي ظرف من الظروف - خاضعا لسيطرة السلطة التنفيذية، وأن حكومة "أردوغان" عليها أن تتجنب التشريع في هذه المسألة أو تنفيذ مثل هذا القانون قبل دراسة وافية، حرصا على توافقه مع المعايير الدولية والدستورية. وشدّدت الصحيفة على أن الرابطة الأوروبية للقضاة من أجل الديمقراطية والحرية، والتي تمثل جمعيات القضاة من 22 دولة أوروبية، انتقدت بشدة أيضا تحرك حكومة "أردوغان" لتغيير هيكل وطريقة عمل المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين - عبر بيان لها - حيث أوصى "أنطونيو كلوني"، رئيس الرابطة الأوروبية للقضاة من أجل الديمقراطية والحرية، بضرورة سيادة القانون واستقلال القضاء، وأن مشروع القانون الذي أعدته حكومة "أردوغان" سيسمح بتدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية مباشرة، ما سيؤثر في الحياة المهنية للقضاة والمدعين العامين، وكذلك في الشؤون الداخلية للسلطة القضائية، وجاء في البيان: "الرابطة الأوروبية للقضاة من أجل الديمقراطية والحرية تحتج بشدة ضد هدف الحكومة التركية من السيطرة على السلطة القضائية، وسنقدم تقريرا إلى جميع المؤسسات الأوروبية حول العواقب الخطيرة والوخيمة الناتجة عن هذا الإصلاح المقترح، والذي ينتهك أقل المعايير التي تضمن استقلال السلطة القضائية، والتي تعد مقبولة من قبل مختلف المؤسسات الأوروبية، بما في ذلك مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي".