ترامب يصف محاكمة بولسونارو ب"العار" ويقر رسوماً جمركية 50% على البرازيل    المبعوث الأمريكي: طريق واحد أمام "قوات سوريا الديمقراطية" هو دمشق    إعلام: الولايات المتحدة تستأنف إمداد أوكرانيا بالقذائف والصواريخ    إصابة 4 أشخاص إثر انفجار إسطوانة فريون بمركز صيانة بالفيوم    تشييع جنازة المطرب الشعبى محمد عواد اليوم من المسجد الكبير بالقنطرة شرق    بالأسعار والمساحات، الإسكان تطرح أراضي تجاري إداري سكني    الضل، رحلة أدبية إلى قلب الإنسان وحقيقته الغائبة للكاتب خالد الشربيني    فاصل زمني يقطع جرائم الاحتلال وآمال فلسطينية لإنهاء الإبادة    نجم الأهلي السابق ينصح برحيل ثلاثي الفريق    الزمالك: شيكابالا اعتزل بدون ضغوط من أحد    اليوم، غلق باب تقديم طلبات الترشح لعضوية مجلس الشيوخ    شركة البرلس للغاز تنجح في إضافة البئر الثاني "سبارو ويست-1" إلى خريطة الإنتاج بمعدل 40 مليون قدم مكعب يومياً    تشابي ألونسو: مررنا بيوم صعب أمام باريس سان جيرمان    نتيجة تخبرنا أين نقف الآن، ألونسو يكشف سبب الهزيمة أمام باريس سان جيرمان    رسالتان مؤثرتان من أرني سلوت وروبرتسون ل ديوجو جوتا    "محل شكوك".. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على شركة الزمالك    تفاصيل تحرك الزمالك لضم جوهرة تونس    برعاية ممدوح عباس.. الزمالك يضع الرتوش الأخيرة على صفقة من العيار الثقيل (تفاصيل)    السفير صلاح حليمة: البحر الأحمر هو المنطقة الرئيسية في صراع الشرق الأوسط    ارتفاع نسب الرطوبة.. تعرف على طقس اليوم الخميس 10-7-2025    "4 وفيات وخسائر خسائر وأبطال خلف الدخان".. حريق سنترال رمسيس من الاشتعال للسيطرة    "ثبتها بسكينة ومفك".. حكم قضائي ضد المتهم بسرقة سيارة سيدة بالإكراه في الجيزة    محكمة كورية جنوبية تؤيد القبض على الرئيس السابق    حماس توافق على إطلاق 10 محتجزين.. وخلاف في ثلاث نقاط" و"القسام" تكشف عن محاولتها أسر جندي صهيونى    "اللعبة كبرت".. طرح التريلر الرسمي لفيلم "الشاطر" بطولة أمير كرارة    شيكابالا يدعم إبراهيم سعيد بعد خروجه من السجن.. ماذا قال؟    ما أحكام صندوق الزمالة من الناحية الشرعية؟.. أمين الفتوى يوضح    «مستقبل وطن» يختتم اجتماعاته اليوم بلقاء مرشحي الشيوخ 2025    لرسوبه في التاريخ.. أب يعاقب ابنه بوحشية    سعر السمك والكابوريا والجمبري ب الأسواق اليوم الخميس 10 يوليو 2025    أهالي المفقودين في «غرق الحفار»: «منتظرين جثامينهم.. عايزين ندفنهم»    النائب العام يشارك في اجتماعات «اليوروميد» بلاهاي ويبحث مع رئيس «يوروچست» تعزيز التعاون القضائي والتدريب المشترك    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم ب السعوديه ب بداية تعاملات الخميس 10 يوليو 2025    بورصة الدواجن.. أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس 10-7-2025 في قنا    جامعة كفر الشيخ: مركز التطوير المهنى نموذج خدمى متكامل    نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: العوائق كانت كثيرة في قطاع غزة    ضياء رشوان: الرؤية المصرية بشأن "اليوم التالي" في غزة الأكثر واقعية    الهيئة العليا للوفد توافق على طرح الثقة في رئيس الحزب و"عمومية" غير عادية 25 يوليو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    مستشار الرئيس لشؤون الصحة: ظهور متحور كورونا الجديد «نيمبوس» في 22 دولة    عميد القلب السابق يكشف المؤشرات الأولية ل الإصابة ب الجلطات (فيديو)    منذ أكثر من 30 عاما..الولايات المتحدة تشهد أسوأ تفش للحصبة    أحمد سعد يثير الجدل بحقيبة هيرمس.. لن تتوقع سعرها    أحدث ظهور ل آمال ماهر على السوشيال ميديا بفستان زفاف    أصيب به الفنان إدوارد.. 5 علامات تكشف إصابتك بسرطان الكلى    رسميا خلال أيام عبر بوابة التعليم الفني.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025    شهادات عمال وفنيون على رصيف سنترال رمسيس: «كلنا نازلين نِلحَق نِرجَّع الخدمة»    «الدفع كاش فقط».. ارتباك في بنزينات القاهرة بعد حريق سنترال رمسيس    سعر طن الحديد والأسمنت ب سوق مواد البناء اليوم الخميس 10 يوليو 2025    «ترقب ومعاناة».. طلاب الثانوية العامة يروون ل«المصري اليوم» رحلة البحث عن الإنترنت    ارتفاع نسب السرطان بين الشباب.. عميد القلب السابق يحذر من الموبايل (فيديو)    فتح باب التقدم للالتحاق بمدارس التمريض «بنين وبنات» في الشرقية (الشروط والأماكن)    رئيس محكمة النقض يستقبل نقيب المحامين    77 مترشحًا يتقدمون لخوض انتخابات مجلس الشيوخ في اليوم الخامس لتلقي الأوراق    وكيل الأزهر: «المشروع الصيفى القرآنى» مبادرة تعزز دور الأزهر فى خدمة كتاب الله    بدايًة من 12 يوليو.. أماكن امتحانات كلية التربية الفنية في المحافظات لتأدية اختبارات القدرات لعام 2025-2026    أفضل دعاء للرزق بالولد وفقًا للقرآن والسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة سقوط "مافيا البطاطس".. "التموين" تطرح كميات كبيرة بالأسواق.. وضبط أطنان من المحصول لدى "معدومي الضمير".. وخبير زراعي: كيف يكون إنتاجنا أكثر من استهلاكنا ب30٪ وتحدث أزمة؟
نشر في البوابة يوم 29 - 10 - 2018

أصبح سعر كيلو البطاطس هو حديث الساعة فى بر مصر من الصعيد إلى الدلتا مرورًا بالقاهرة، وتحاول الحكومة عبر مختلف أجهزتها السيطرة على الأزمة ما بين مطاردة للمحتكرين وضخ كميات كبيرة فى الأسواق بأسعار تناسب المواطن العادي.. وفى هذا الملف ترصد «البوابة نيوز» الأزمة من مختلف الزوايا، وتعرض ما قدمه أهل الاختصاص لمواجهة هذه الأزمة.
وفى الوقت الذى طالب فيه نقيب الزراعيين بتدخل الدولة كطرف فى عملية التسويق، حذر خبير زراعى من تكرار الأزمة مع الطماطم. وزارة الزراعة من جهتها عن أعلنت بدء تنفيذ خطتها للخروج من الأزمة، وذلك عن طريق حصر جميع الكميات الموجودة بثلاجات البطاطس، مع وضع جدول زمنى بترتيب ضخها فى الأسواق بواقع 5% يوميا حتى لا يكون هناك تعطيش للأسواق.. وإلى تفاصيل أكثر..
بدأت الحكومة فى اتخاذ خطوات جدية، نحو خفضّ أسعار البطاطس، بعدما ارتفع سعر الكيلو منها لأكثر من 14 جنيهًا، خلال اليومين الماضيين، وارتفعت أصوات تنادى بضرورة التدخل الحكومي؛ معتبرةً أن هناك «مافيا للبطاطس»، يقفون وراء رفع الأسعار.
بعض الخبراء، اعتبروا أن السبب الرئيسى فى الأزمة هو قيام عدد كبير من التجار بتخزين كميات ضخمة من المحصول؛ حيث تمكنت الأجهزة الرقابية من ضبط 1400 طن من محصول البطاطس، فى محافظة واحدة وهى الغربية، مما تسبب فى ارتفاع أسعار البطاطس من 6 أو 7 جنيهات إلى 15 جنيهًا، خلال أسبوع واحد، نتيجة قلة المعروض.
وتزرع مصر البطاطس 3 مرات، وهى العروة النيلية فى شهرى أغسطس وسبتمبر، والعروة الشتوية فى شهرى أكتوبر ونوفمبر، والعروة الصيفية فى شهرى يناير وفبراير، فى حين يبلغ إنتاج مصر من البطاطس بين 5 و6 ملايين طن بطاطس، وتُصدِّر ما يقرب من 850 ألف طن بطاطس إلى الخارج، بحسب غرفة الخضر والفاكهة باتحاد الغرف التجارية.
ولتقويض الاحتكار والتحكم فى أسعار البطاطس، من قبل التجار طالب النائب محمد المسعود، عضو مجلس النواب، بمعاقبة محتكرى البطاطس عقابًا جماعيًا بمصادرة مخزون البطاطس الذى كشفته الرقابة الإدارية والأجهزة الرقابية، وبيعها للمواطنين، وتقديم محتكرى البطاطس إلى محاكمة عاجلة وتطبيق قانون الطوارئ عليهم، ليكونوا عبرة لغيرهم ممن يتاجرون فى قوت الشعب.
وقال «المسعود»، إن أزمة ارتفاع أسعار البطاطس فى السوق المصرية، سببها الأساسى هو احتكار بعض التجار لتلك السلعة الاستراتيجية، وأنه لا توجد أزمة فى نقص محصول البطاطس، ولكن الأزمة الحقيقية اتضحت فى أن هناك مافيا تخصصت فى التلاعب بأقوات المصريين لتعطيش السوق، ثم طرح كميات قليلة مما جعل سعر كليو البطاطس الواحد وصل إلى 15 جنيهًا، وهو ما ظهر بعد الكشف عن مئات الأطنان مخزنة فى بعض المحافظات.
ومع استمرار الأزمة؛ بدأت منذ مساء الخميس الماضي، حملات مشتركة شنتها وزارة الزراعة من جهة، وهيئة الرقابة الإدارية بالتعاون مع وزارات الداخلية والزراعة والتموين، بتشكيل عدة حملات بالمحافظات المختلفة لضبط الكميات المخزنة لدى بعض التجار، بالمخالفة للقرارات المنظمة بعدم تخزين البطاطس.
وتمكنت الحملات التى شنتها مديرية الزراعة، والإدارة المركزية للبساتين بالغربية من ضبط 5698 طن بطاطس بالغربية مخزنة بالثلاجات، وتم إمهال مسئولى جمعية البطاطس أسبوعًا لطرحها بالأسواق وبيعها للجمهور، فى حين أسفرت حملات هيئة الرقابة الإدارية عن ضبط كميات كبيرة ببعض الثلاجات بمحافظات الدلتا، وجارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين، وسيتم طرح الكميات المضبوطة بمنافذ الشركة القابضة للصناعات الغذائية ومنافذ وزارة الزراعة.
ومنذ 20 أكتوبر الجاري؛ نفذت وزارة الزراعة، بالتعاون مع الجمعية العامة لمنتجى البطاطس، جولة بأسواق الجملة للتحكم بأسعار البطاطس المخزنة بالثلاجات بسوق الجملة، وفقًا لوكيل وزارة الزراعة.
وبدأت وزارة التموين؛ منذ الأربعاء الماضي، فى توفير خضروات بأسعار مخفضة فى المجمعات الاستهلاكية، والعربات المتنقلة، من بينها البطاطس، بقيمة 9.5 جنيه للكيلو.
وتوقعت شعبة تجار الخضر والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية تراجع أسعار البطاطس بنسبة 50 ٪ على الأقل خلال الأيام القليلة المقبلة مع وصول المحصول الجديد، حيث سيصل سعر كيلو البطاطس مع بداية موسم حصاد المحصول إلى 7 جنيهات للكيلو، وشددت على أن سعر كيلو البطاطس سيسجل أدنى مستوى له، فى منتصف ديسمبر، وسيبلغ سعر الكيلو من 3 إلى 4 جنيهات.
حسين عبدالرحمن أبوصدام
من جانبه؛ يرى حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، أن السبب وراء أزمة البطاطس، هى عزوف قطاع كبير من المزارعين على زراعة البطاطس، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وأضاف «أبو صدام»، ل«البوابة»، أن تكاليف زراعة البطاطس ارتفعت بشكل غير مسبوق، خلال الشهور الماضية، حيث خسر الفلاحون أموالًا طائلة، بعد ارتفاع تكاليف زراعة الفدان الواحد، وصلت إلى 25 ألف جنيه فى الدورة، وتراجع سعر البيع، حيث وصل سعر طن البطاطس فى المزرعة ل900 جنيه، وصول خسائر الفدان ل7500 جنيه، علاوة على ارتفاع تكاليف الزراعة من أسعار الأسمدة والتقاوى وأجور العمالة المتواصلة.
وأوضح، أن «انحسار المساحة المنزرعة من البطاطس كان سببًا مباشرًا وراء انخفاض المعروض من محصول البطاطس، حيث تراجعت المساحة المنزرعة من 600 ألف فدان، إلى حوالى 400 ألف فدان، الأمر الذى أدى لقلة المعروض، مقابل ارتفاع الطلب، فزادت الأسعار».
نقيب الزراعيين، عماد أبوحسين
فيما قال نقيب الزراعيين، عماد أبوحسين، إن البطاطس فى مصر ليست لها تسعيرة، وليس لأى شخص أن يقوم بتسعيرها، ولكن مافيا التجار هى من أريكت السوق المحلية، وما حدث هذا العام فى أزمة البطاطس، أن الفلاح باعها ب90 قرشًا، وتحمل الكثير من الخسائر والمعاناة وخسر أموالًا طائلة، ولم يكن يتوقع أن يصل سعر البطاطس التى باعها الفلاح من 60 إلى 90 قرشًا، إلى 1500 ضعف، حتى تصل إلى 15 جنيهًا للكيلو الواحد.
وأضاف «أبو حسين»، أن البطاطس كبدت الفلاحين خسائر كبيرة، والمستفيد الوحيد هم التجار الكبار، وهم 5 أو 6 تجار، تسببوا فى الأزمة برمتها، والجميع يعرفهم، ويعرف ما الجريمة التى اقترفوها فى حق الفلاح والمواطن، حيث جمعوا محصول البطاطس بأزهد الأسعار، وخزنوه فى الثلاجات، فى أكبر صور الاحتكار، وهو ما تمت مصادره على مدار الأيام الماضية، فماذا يعنى استحواذ تاجر واحد على أكثر من 1400 طن بطاطس فى الغربية فقط.
وأشار إلى أن «البطاطس المخزنة التى تم احتكارها هى السبب وراء الأزمة، فليس هناك من التجار من يستطيع أن يحتكر السوق بمفرده، فمصر بلد كبيرة، ولكن ما حدث أن مجموعة من التجار اتفقوا على أن يجمعوا محصول البطاطس من المزارعين، ويتم تخزينه بالثلاجات حتى يعطشوا السوق».
ويرى نقيب الزراعيين، أن حل هذه الأزمة يكمن فى تدخل الحكومة كطرف ثالث فى التسويق، لأنه كما حدثت أزمة فى البطاطس، ربما تلحق بها أزمة فى أسعار الطماطم، ومن الممكن أن تلحق بأصناف ومنتجات جديدة، والهدف هو حل هذه الأزمة، ومنع حدوثها مرة أخرى.
ويؤكد «أبوحسين»، ضرورة ضبط الأسواق، وأن تدخل الحكومة كطرف ثالث، بتسعيرة المحاصيل (تسعيرة البطاطس بسعر ثانٍ غير السعر المطروح بالسوق)، فالذى باع البطاطس ب 200 قرش خسر، لأن الفدان خسر كثيرًا، وليس هناك فلاحون قاموا بزراعة بطاطس جديدة، فهذه عروة شهر 4، وهى عروة صيفية، ولكن عروة شهر 8 وشهر 9 لم تحصد حتى الآن، وسيتم حصدها بعد شهر ونص».
ويضيف، أن «كيلو البطاطس بيكلف على الفلاح حتى يخرج من أرضه 2 جنيه، ويتم بيعه بمبلغ 2.5 للحكومة، حتى يحقق للفلاح هامش ربح معقولًا، ولو ظهر فى السوق تصدير يتم بيع الكيلو ب3 جنيه، ولو مفيش تصدير فى السوق ستشتريه الحكومة ب2.5 للكيلو، وعندما تشتريه الحكومة بهذا المبلغ ستستخدم البطاطس فى صناعة الشيبسي، وصناعة النشا، ويتم تصديره للخارج، كما أنها تُصَنِّع المخلفات أعلافًا للمواشي، وهناك استخدامات كثيرة للبطاطس إذا تم بيعها ب2.5 للكيلو، وهذه تسمى «بالزراعة التعاقدية»، بمعنى يتم التعاقد على المنتج قبل زراعته، وليس بعد الزراعة أو وقت الإنتاج، وهذا لعمل كمية إنتاج من البطاطس.
ويختتم نقيب الزراعيين حديثه ل«البوابة» قائلًا: «مستوردو البطاطس تكون لديهم أزمة أيام الزراعة فقط، وليس فى أيام الإنتاج، وهذا وقت إنتاج البطاطس، لأن زراعتها كانت فى شهر 4، وهذا إنتاج محلى وليس مستوردًا، ولأن فدان البطاطس بيصرف على الفلاح 20 ألف جنيه، وبينتج حوالى 15 طن، ولذلك يتم بيع الفدان ب12.5 ألف جنيه، إذا خسر الفلاح بقيمة 7.5 ألف جنيه للفدان الواحد، فالفلاح مظلوم لأنه بين شقى الرحى، لأن مستلزمات الإنتاج زادت جدًا، وهو يبيع بأقل الأسعار، ومعظم السلع معاه غير مضبوطة، فالفلاح ليس له تدخل فى رفع أسعار البطاطس، لأنه ليس عنده منتج من البطاطس الآن».
الخبير الزراعى الدكتور جمال صيام
ارتفاع كُلفة الإنتاج
يرى الخبير الزراعى الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن ارتفاع تكاليف زراعة المحاصيل بشكل عام، والطماطم والبطاطس بشكل خاص، كان سببًا رئيسيًا فى ارتفاع أسعارها، خلال الفترات الماضية.
وقال «صيام»، ل«البوابة»، إن مصر لديها اكتفاء ذاتى من البطاطس، بل ونصدر كميات كبيرة من المحصول، وهناك مساحات كبيرة تتم زراعتها بأصناف معينة عالية الجودة خاصة بالتصدير، إلا أن ارتفاع التكاليف مؤخرًا كان سببًا فى تقلص المساحة المزروعة، نتيجة عزوف المزارعين، حتى لا يتحملوا مصاريف إضافية فى الإنتاج، من أسمدة وتقاوي، كذلك ارتفاع تكاليف النقل، بعد رفع أسعار المحروقات والمواد البترولية.
ويعتبر، أن للتجار دورًا كبيرًا فى أزمة البطاطس، فالفترة الحالية هى فترة تسمى فاصل عروات، ويكون المعروض قليلًا، ويلجأ أصحاب الثلاجات إلى التخزين، لاحتكار المحصول، من أجل رفع أسعاره، ومن هنا يجب مكافحة جشع التجار بتكثيف الحملات التفتيشية على مخازن وثلاجات البطاطس، من أجل إنهاء الأزمة؛ متوقعًا أن تنخفض أسعار البطاطس، خلال الفترة المقبلة، وبالتحديد فى النصف الثانى من نوفمبر، مع جنى محصول بطاطس العروة النيلية.
أما الدكتور سعيد خليل، مستشار وزير الزراعة الأسبق، ورئيس قسم التحوّل الوراثى بمركز البحوث الزراعية، فيرى أن أزمة المحاصيل الزراعية بدأت بمشكلة الطماطم، والآن بالبطاطس، كل ذلك يرجع لعدم وجود استراتيجية محددة وواضحة لإنتاج المحاصيل فى وزارة الزراعة، وتخبط القرارات داخل القطاعات المختلفة للوزارة، مما أدى لانهيارات متتالية فى الزراعة.
وأضاف «خليل»، ل«البوابة»، أن «ما لا يصدقه عقل هو أن إنتاج مصر من البطاطس 130٪، أى يزيد على احتياجنا بنسبة 30٪، وتحدث هذه الأزمة ويصل كيلو البطاطس إلى 14 جنيهًا للكيلو الواحد، والأمر نفسه فى محصول الطماطم، فإنتاج مصر من الطماطم 120٪، ومع ذلك لا تزال أسعار الطماطم هى الأخرى مرتفعة، الأمر الذى يوضح مدى الأزمة والتخبط الموجود بين جدران وزارة الزراعة».
وتابع الخبير الزراعى قائلًا: «لا توجد استراتيجية واضحة لدى وزارة الزراعة المصرية، فنحن نتكلم عن محاصيل الخضروات، وهى بسيطة بالمقارنة مع محاصيل أخرى مثل المحاصيل الاستراتيجية التى وصلت فيها الفجوة إلى 68.7٪، وهى محاصيل استراتيجية مهمة جدًا، مثل القمح والذرة الصفراء وفول الصويا والقطن وقصب السكر والبنجر، والمحاصيل الزيتية».
ويحذر «خليل» من أن «الأمر المثير للقلق، ويعد كارثة كبرى أيضًا، هو أن مصر تستورد 100٪ من احتياجاتها من الزيوت، وهى كارثة بكل المقاييس، كما أن مصر تستورد 10.8 مليون طن قمح، لدعم رغيف الخبز فقط، وهو الجزء الحكومى فقط، بدون حساب المستورد من القطاع الخاص، والذرة الصفراء نفس القضية».
ويلفت مستشار وزير الزراعة الأسبق، إلى ضرورة تفعيل القوانين الصادرة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، بشأن الزراعة التعاقدية، فيقول: «لو تم تنفيذ القرارات الصادرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى لما كنا وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، حيث تم إنتاج كميات ضخمة من الذرة الصفراء، إلا أن الفلاحين لم يجدوا من يشتريها منهم، فى الوقت الذى تشترى مصر 8.7 مليون طن من الذرة الصفراء، بما يعادل 2 مليار جنيه».
وأوضح «خليل»، أن القرار الجمهورى رقم 14 لسنة 2015، والخاص بتنفيذ الزراعات التعاقدية لا يزال معطلًا، وهى كارثة أيضًا، وهو المفروض تنفيذه منذ 2015، ولكن توالت الحكومات والوزراء، ولم يتم تنفيذ القرارات، بل تركت الوزارةُ الفلاحَ ليكون ملطشة للتجار، والمتحكم الأساسى الآن فى قرارات الوزراء وأصحاب القرار، هم رجال الأعمال، والمافيا المتحكمة فى كل محصول، وفى كل قطاع، فاستيراد القمح له رجاله، واستيراد الذرة له رجاله، واستيراد فول الصويا له رجاله، وكذلك استيراد الأمصال والأسمدة والمبيدات..إلخ، وهى فى النهاية مافيا تتحكم فى وزارة الزراعة».
ويردف قائلًا: «لا توجد استراتيجية للزراعة المصرية، منذ عام 1983 حتى الآن، وكذلك الخطط الخمسية التى وضعت لمركز البحوث الزراعية، كلها خُطط مكررة دون فكر جديد، يتماشى مع ما يحدث حولنا فى العالم، ومن 2008 تم وضع استراتيجية 2010/2030، ولكنها لم تُنَفَذ حتى الآن، ولا تزال الوزارة تعمل دون خطط حقيقية، ودون استراتيجية واضحة».
ويقول «خليل»: «والدليل على ذلك زراعة القطن؛ حيث زرع الفلاحون، العام الماضي، 336 ألف فدان، أنتجنا منه 2.1 مليون قنطار قطن، وهو حتى الآن موجود لدى الفلاحين، ولم يجدوا من يشتريه منهم، ولم يتم تسويقهم إلى وقتنا هذا، وحتى الآن يتم استيراد قطن شعير 2.2 مليون قنطار، وكذلك نستورد 6.7 مليون قنطار غزل لتشغيل المصانع المحلية، فى الوقت الذى يبحث فيه القطن المصرى عن مشترٍ».
ويطالب بضرورة وضع استراتيجية عاجلة للزراعة، فيقول: «لابد من وضع استراتيجية واضحة لوزارة الزراعة، يتبناها الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصيًا، لأن الرئيس يعمل فى اتجاه، وقيادات الزراعة يعملون فى اتجاه آخر، فما مشكلة البطاطس إلا نقطة فى بحر مشكلات الزراعة المصرية، والمواطن الذى يشكو من السعر المرتفع للمحاصيل ما هو إلا جرس إنذار بضرورة وضع الزراعة المصرية كأولوية فى الخطط الحكومية والقومية، فوزارة الزراعة هى وزارة الأمن الغذائي، ومن لا يملك قوته لا يملك حريته، ولابد من محاكمة المافيا والتجار المحتكرين، ويجب بدايةً محاكمة المسئولين الذين يقوضون القرارات لخدمة رجال الأعمال، ويسهلون لهم هذه المخالفات، كما يجب تفعيل القوانين، فوزارة الزراعة المصرية بها ترسانة من القوانين، لو تم تطبيقها، جنبًا إلى جنب مع وضع استراتيجية للزراعة التعاقدية، سننجو من العديد من الكوارث، التى قد تواجهنا فى المستقبل، فى ظل العشوائية التى تُدار بها الزراعة المصرية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.