تراجع مهرجان القاهرة السينمائي بشكل مفاجئ، أمس، عن قراره تكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش، بجائزة فاتن حمامة التقديرية. وجاء هذا التراجع إثر ما أثاره سينمائيون من أن المخرج متهم بمحاباة الصهيونية. وقال بيان، أمس، إن إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وأعضاء اللجنة الاستشارية العليا للمهرجان تابعوا عن كثب وعلى مدار الساعة كل ما حركه السينمائيون والمثقفون على وسائل التواصل الاجتماعي، بخصوص محاباة المخرج الشهير للصهيونية. ومضى البيان قائلا: «ولما كان المهرجان ملتزمًا بدوره الإنساني قبل الفني والسياسي، ومؤمنًا بمسيرة طويلة كان موقف المهرجان واضحًا خلالها تجاه دعم القضية الفلسطينية والشعوب العربية بشكل عام، فإن اللجنة الاستشارية عقدت اجتماعًا عاجل، أمس الأول، لبحث المواد المنشورة والتي تدين ليلوش باتهامات بالصهيونية». وقال: «إن المهرجان تلقى العديد من المواد المهمة، وعلى رأسها ما يتعلق بزيارة المخرج لإسرائيل عام 1990 لأسباب غير فنية، وهذه الزيارة لم تكن معروفة أو مثارة قبل عقد الاجتماع، وتختلف كثيرًا في سياقها وأغراضها عن أي زيارة فنية أو ثقافية اعتاد أغلب الفنانين العالميين القيام بها لإسرائيل». وأضاف: «وبناءً عليه، ونظرًا لما يبثه الأمر من شك حيال استحقاق ليلوش لتكريم مرتبط بالقيم الراسخة لمهرجان القاهرة السينمائي، ورغم تقديرنا له على المستوى الفني واعترافنا بقيمته كمبدع، فإننا رأينا أن من الأفضل إلغاء تكريمه بجائزة تحمل اسم فاتن حمامة نظرًا لمواقفه السياسية». وشكر البيان الفنانين والمثقفين المصريين، الذين كانوا ولا يزالون شريكًا أساسيًا فى أي قرار أو حراك يتخذه المهرجان، مؤكدًا التزامه بدوره الفني والثقافى والسياسي، وقبل ذلك الإنساني، في دعم القضايا الوطنية والانحياز لأصحاب الحق في كل مكان بالعالم. وكانت اللجنة الاستشارية للمهرجان بررت في وقت سابق قرار تكريمها ليلوش، وقالت إنه لا توجد قرائن في تورطه في دعم إسرائيل. ووصف نقاد تعامل اللجنة الاستشارية أنه يتبنى منطق «خذوهم بالصوت»، ووصفوا بيانها بالمستفز، وبعيد كل البعد عن المقاطعة الثقافية للكيان الإسرائيلي، التي انتهجها المهرجان منذ بداية انطلاقه. وتابعت اللجنة في بيانها، أنها اطلعت على كل ما نُشر خلال الأيام الماضية من تصريحات أدلى بها ليلوش لمطبوعات إسرائيلية خلال تلقيه دكتوراه فخرية من قبل إحدى الجامعات، تمت ترجمتها لعدة لغات، ووجدت أن كلها يأتي في نطاق المجاملات المعتادة من الفنانين عند زيارة أي دولة. الناقد السينمائي نادر عدلى، قال: إن هناك نقطتين في غاية الأهمية، الأولى هي استخدام رئيس المهرجان «محمد حفظي» لكلمة عزلة مهرجان القاهرة، فإذا كان «حفظي» يتصور أنه جاء للمهرجان ليخرجه من عزلته التي لا أعرف ما هي بالظبط، فهذا مهرجان معترف به دوليًا، وليس معزولًا، وسبق أن شارك فيه عشرات النجوم والمخرجون الكبار من كل أنحاء العالم. وأضاف عدلى: أما النقطة الثانية فهي خاصة بالمخرج الفرنسي كلود ليلوش الذي يفتخر بأنه على علاقة جيدة جدًا مع الكيان الإسرائيلي، وبالتالي لماذا هذه الشبهات في مهرجان ما زال يخطو فيه حفظي خطواته الأولى. وتابع: «دعنى أؤكد أن من حق أي فرنسي أن يذهب إلى إسرائيل وأن يأتي إلى مصر أيضًا، لكن مرفوض تمامًا أن يناصبنا العداء أو ينحاز إلى آخرين على حسب وطننا.. فلماذا أكرمه إذن؟». المخرج والناقد السينمائي أحمد عاطف، قال: «أعترض على بيان مهرجان القاهرة السينمائي بخصوص كلود ليلوش، ألا يكفي كل ما سبق أن قاله وهو منشور؟ وما الوثائق التي يجب أن يتقدم بها الجميع -على حد قول «البيان»- هل القائمون على المهرجان لا يجدون أي مشكلة في زيارة ليلوش نفسها لإسرائيل في وقت أغلبية فناني العالم قاطعوا الذهاب إليها». وتابع: «لا يصح توصيف ما قاله ليلوش في زياراته المتعاقبة لإسرائيل باعتباره كلام مجاملات، فليس على سبيل المجاملات أن يقول على دولة الاحتلال إنها وطنه، في وقت كل الفنانين المحترمين في العالم يقولون على إسرائيل إنها دولة الظلم والفصل العنصري والتطهير العرقي».