أكد منتدى برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) التنموي السابع، قرب انضمام مصر لمنظومة "بنوك الأمل" التي يؤسسها ويتبناها البرنامج برئاسة الأمير طلال بن عبد العزيز، والتي تمثل حاليًا أكبر شبكة على مستوى العالم لهذا النوع من البنوك بانتشارها في أكثر من 20 دولة. وأوضح البرنامج - خلال فعالياته التي عقدت بمدينة جنيف السويسرية - أن مشاورات واتفاقيات تجرى حاليًا مع عدد من رجال الأعمال المصريين؛ لتدشين باكورة هذه البنوك قريبًا تعزيزًا لحرص البنوك المصرية على تطبيق مبادرة البنك المركزي في إرساء مفهوم الشمول المالي الهادفة لضم أكبر عدد من فئات المجتمع إلى النظام المالي، وتشجيع المواطنين على فتح حسابات بنكية، وقد خصص أسبوعًا كاملًا للتوعية بالشمول المالي. واحتضن المنتدى - الذي نظمة أجفند على مدى 3 أيام بقصر الأممبجنيف - مناسبتين رئيسيتين أولهما: عقد ندوة دولية حملت عنوان "تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في غرب ووسط أفريقيا من خلال الشمول المالي"، شملت خمس جلسات عمل بمشاركة خبراء تنمويين عن الشمول المالي في غرب ووسط أفريقيا الواقع والتطلعات"؛ مستعرضة قصصًا إقليمية ودولية استهدفت تعزيز الشمول المالي للفقراء، ودور جائزة أجفند في تعزيز أهداف التنمية المستدامة 2030"، بالإضافة إلى دور الجهات المانحة والقطاع الخاص في تحقيق الشمول المالي للأشخاص المهمشين في إفريقيا، وقياس الأداء الاجتماعي لأثر الأدوات المالية، وكذلك المنتجات المالية المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة 2030. وثانيا: تسليم جائزة أجفند الدولية للفائزين بها هذا العام والتي خصصت في مجال "التعليم الجيد" وهو الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030، وتمت مواءمة مواضيع الجائزة مع الأهداف الإنمائية ال 17 للتنمية المستدامة التي حددتها الأممالمتحدة. فيما شهد الافتتاح الدعوة إلى تعزيز مفهوم الشمول المالي في المجتمعات النامية، وضرورة تنميتها. وأوضح الأمير عبد العزيز بن طلال -خلال الكلمة التي ألقاها نيابة عن الأمير طلال بن عبد العزيز- أهمية تضافر كافة الأطراف الحكومية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها سواء دولية أو محلية؛ لرفع معاناة البشر، والقضاء على الفقر الذي يهدد الإنسانية، مشيرًا إلى أن أجفند يساند في جميع برامجه الأممالمتحدة؛ لتحقيق أهداف التنمية الشاملة، وأن هناك اتجاه لتطوير جائزتها والسعي لزيادة توسعها وانتشاره. وتابع أن مفهوم الشمول المالي هو مفهوم ليس جديد على العالم، ولكن الجديد هو فهم بعض الدول في المنطقة العربية لمعناه الصحيح، وهو ما حاولت أجفند العمل عليه من خلال بعض البرامج التي تشرف عليها في عدد من الدول النامية- المتمثلة في بنوك الفقراء أو بنوك الأمل، أو الإبداع- ومحاولة طرحها بشكل أقوى في وسط وغرب أفريقيا، حيث تم الإعلان عن تأسيس 14 بنكًا للشمول المالي في غرب ووسط أفريقيا بالشراكة مع المصرف العربي للتنميةِ الاقتصادية في أفريقيا ( باديا ). ويلعب الشمول المالي -وهو الموضوع المحوري الذي دارت حوله مناقشات ندوة " تحقيق أهداف التنمية " التى نظمها أجفند تلعب دورًا اجتماعيًا مهمًا على الشريحة الأكبر لمحدودي ومتوسطي الدخل، وكذلك المرأة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال ضمان وصول الخدمات المالية لهم، مع عرض جميع منتجات البنوك لشرائح المجتمع المختلفة، ونشرها داخل الجامعات والمعاهد لضم أكبر شريحة ممكنة، وتعمل الحكومات والجهات المانحة وصناع الخدمات المالية، على نحو متزايد، على تعزيز الاشتمال في القطاعات المالية لضمان توافر الخدمات لجميع الأفراد، بما في ذلك أصحاب الدخول المنخفضة. وأثبتت الدراسات وجود علاقة وثيقة بين الشمول المالي والاستقرار المالي والنمو الاقتصادي في المجتمع، حيث يسهم في حل مشكلات اجتماعية واقتصادية، وتمثل جزءًا رئيسًا في اقتصاد الدولة، من خلال إتاحة التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة بهدف دعم النمو الاقتصادي. وأكد المدير التنفيذي لأجفند ناصر القحطاني أن الإدراك المالي كان أداة سحرية في تمهيد الطريق نحو التنمية المستدامة، موضحًا أن "ما نقوله ليس مجرد دراسات ونظريات، بل واقع نعيشه في بنوك التمويل الأصغر في أجفند التي تعمل حتى الآن في 9 دول، حيث أثبتت تلك البنوك نجاحًا كبيرًا، وتركت تأثيرًا قويًا وعميقًا على القطاعات المستهدفة، وقدمت البنوك التسعة مجتمعة خدمات لأكثر من 4 ملايين مستفيد، وتجاوزت المبالغ المقروضة 600 مليون دولار، وفي العام الماضي وحده ( 2017 )، قامت بصرف مبلغ 100 مليون دولار من القروض". وأضاف أنه يتم تقديم مجموعة واسعة من المساهمات عبر تلك البنوك تتراوح ما بين القروض الصغيرة، والادخار على الصغر، والتأمين الصحي، والقروض التعليمية، وتحسين المساكن، وقروض الطاقة الشمسية، وبما أن منتجات الأسر المنضوية تحت مظلة تلك البنوك جاءت فريدة في التصميم، والميزات، والأثر الاقتصادي والاجتماعي، فقد أطلق عليها وصف "بنوك إبداع" وهي في الحقيقة تتعامل مع 11 هدفًا في أجندة التنمية المستدامة. وأبرز دور "الشراكات" فيما تحقق من إنشاء مثل هذه البنوك، مؤكدًا انضمام القطاع الخاص، ومستثمري الأعمال الاجتماعية، ومنوهًا إلى رؤية أجفند الخاصة لتذليل عقبات التنمية التي تواجه الفقراء في إفريقيا، وعلى وجه الخصوص أفريقيا الغربية والوسطى. وأعلن موافقة الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون على دعم الإدماج المالي المسؤول على تمويل مشروعين لأجفند، مؤكدًا على أن المستقبل سيشهد المزيد من التعاون، حيث بات أجفند عضوًا في الصندوق السويسري لبناء القدرات. من جانبها، قالت رئيسة المرفق السويسري للبناء المؤسسي أولقا سبكهارت إن الزراعة من بين الأنشطة الرئيسية المدرة للدخل في أفريقيا، والتي تشجع على الإدماج المالي للفقراء، غير أن ملايين من المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة لا يحصلون على حصادهم، ويفقدون مدخلاتهم وبالتالي يعانون من الديون ويحتاجون إلى مدخلات مأمنة، فالمشكلة ليست مع كبار المزارعين الذين يساهمون في الوقت الحالي بحوالي 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي، لكن المشكلة في أصحاب الحيازات الصغيرة، شارحة الوضع الراهن القائم، حيث يبحث المزارع صاحب الحيازات الصغيرة عن رأس المال في بداية الموسم، ومع قلة التأمين يتعرضون للمخاطرة ويعجزون عن سداد قروضهم. ودعت الحكومات للمشاركة في دعم التأمين كمدخل، قائلة إن هذا لا يبني فقط القدرة على الصمود على مستوى أصحاب الحيازات الصغيرة، ولكنه يمنحهم أيضًا إمكانية الوصول إلى خدمات مالية أوسع؛ لتمكينهم من تطوير مزارعهم والخروج من الفقر. وقالت سبكهارت إن الحلول التي تتمحور حول أزمة المزارعين تتركز في أربعة عناصر أساسية: أولًا يجب تمكين مزارعي الحيازات الصغيرة من تسويق مزارعهم لزيادة الإنتاجية، ثانيًا: يجب أن يحصلوا على خدمات مالية ميسورة التكلفة، ثالثًا يجب الاستفادة من التقنيات الرقمية للوصول إلى المجتمعات النائية بتكلفة معقولة، وفي النهاية تثقيف المزارعين حول متى وماذا يزرعون وكيف يمكنهم حماية محاصيلهم وضمان أفضل سعر ممكن في السوق. وأكد المشاركون في ختام مناقشاتهم أن المشاكل التي تواجه الفقراء لا تتمثل في نقص الموارد المالية التي تمكنهم من تحسين ظروفهم المعيشية فحسب، ولكنها تكمن بشكل أساسي في كيفية توجيه الأموال القليلة التي يقترضونها؛ لتكون أكثر جدوى في خلق حياة حقيقية. كما أكدوا أن الموارد المالية المرتفعة ليست كافية لمعالجة أهداف التنمية المستدامة، فحتى عام 2030 سيحتاج العالم إلى تعبئة الموارد المقدرة بنحو 2.5 تريليون دولار سنويًا لتحقيق ذلك، منوهين إلى أن مخصصات الميزانيات للإنفاق المتعلق بأهداف التنمية المستدامة في البلدان النامية ضئيلة بسبب نقص الموارد المالية. وفى شأن الشق الثاني من فعاليات المنتدى والمتعلق بتسليم جوائز أجفند العالمية عن عام 2017، فقد أعلن عن تخصيص جائزة أجفند للعام الحالي 2018 لموضوع "القضاء على الفقر"، وقامت الملكة صوفيا ملكة إسبانيا والأمير عبد العزيز بتسليم الجوائز للفائزين، حيث فاز مشروع "برنامج التعليم الابتدائي غير الرسمي (بنجلاديش)"، بجائزة الفرع الأول ( 400 ألف دولار)، المخصصة لمشروعات المنظمات الدولية والإقليمية، وفاز مشروع "التعجيل بحل مستدام للتعليم الجيد"،(بيبال ) بجائزة الفرع الثاني وقيمتها 300 ألف دولار، المخصصة لمشاريع الجمعيات الأهلية الوطنية، وتم حجب جائزة الفرع الثالث المخصصة لمشاريع الوزارات الحكومية والمؤسسات العامة؛ لعدم استيفاء المشاريع المرشحة معايير الجائزة، فيما فاز مشروع محاربة الإتجار بالبشر من خلال التعليم المهني (الهند) بجائزة الفرع الرابع للجائزة وقيمته 200 ألف دولار مخصصة لمشروعات الأفراد. وقال الأمير طلال بن عبد العزيز - في رسالته التي وجهها للحضور في حفل توزيع الجوائز- إن برنامج الخليج العربي للتنمية ( أجفند ) لديه قناعة بأن التنمية حق أساسي من حقوق الإنسان، وهى صمام الأمان لعالم أكثر عدلًا، فلا مجال لإحداث التنمية بمعاييرها المحققة للاستدامة في ظل استمرار الصراعات المهدرة للطاقات والموارد، مؤكدًا أن السقف الزمني 2030 الذي حددته الأممالمتحدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة هي مسئولية جماعية تشاركية، والالتزام به واجب إنساني. يذكر أن بنوك الأمل التي ستمتد مظلتها لمصر، هي نشاط تنموي يستند في نظرية عملها على مبدأ الشمول المالي عن طريق تقديم قروض حسنه في شكل مشروعات ذات مردود اجتماعي يحول المجتمع المستهلك لمجتمع منتج ويساهم بفاعلية في رفع معدلات النمو، وخدمة الأشخاص وتوفير متطلبات المعيشة الآدمية البسيطة لكل أسرة، وتتعامل تلك البنوك مع المقترضين بمبدأ من اليد لليد بدون أي تعقيدات بأوراق رسمية، وبحسب ما أعلنه المدير التنفيذي للبرنامج ناصر القحطاني، فإن تلك البنوك عندما أطلق الأمير طلال بن عبد العزيز مبادراتها قبل 38 عامًا كانت لخدمة الفقراء والمحتاجين بغض النظر عن جنسياتهم أو دينهم، وعكست فكرته لخدمة الإنسان المحتاج عامة.