"أحببتكم وأخترتكم".. الأنبا ميخائيل يرسم شمامسة جددا بكنيسة الملاك بحلوان    مشاورات التشكيل الوزاري مستمرة حتى الآن.. مصطفى بكري يحسم جدل موعد إعلان الحكومة الجديدة    موعد نهاية إجازة عيد الأضحى 2024 للموظفين والعاملين بالدولة    طرق مختلفه لدفع فاتورة التليفون الأرضي أونلاين    الغلق ينتظر الشركات المخالفة.. "غرفة السياحة": ضرورة إيقاف تأشيرات الزيارة في موسم الحج    عاجل.. الكويت تقطع الكهرباء يوميًا بعد زيادة الأحمال وارتفاع الحرارة    هل يتغلب حزب الله على القبة الحديدية حال اندلاع حرب مع إسرائيل؟    كوهين: إذا انقطعت الكهرباء لساعات في إسرائيل فسينقطع التيار الكهربائي لشهور في لبنان    كوكا والشحات وديانج يقودون قائمة الأهلي أمام الداخلية    التعليم تنشر نماذج أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    أحمد سعد: إطلالة القميص الشبك كان معاها جيبة.. والحلق مش بتاع الستات بس    القاهرة الإخبارية: إصابة جنديين بجروح خطيرة جنوبي غزة    مصرع أم وطفلتها أسفل عجلات القطار بمركز ديروط بأسيوط    محافظ الدقهلية يكشف حقيقة قطع الأشجار بحديقة عروس النيل والحدائق العامه بالمنصورة    تعرف على أبرز برامج الذكاء الاصطناعي    احتفالات عيد الأضحى.. عروض الفنون الشعبية تزين ممشى أهل مصر بالسويس    الشباب والرياضة: أكثر من 13.5 مليون مواطن ترددوا على مراكز الشباب في عيد الأضحى    زعيم «الحوثيين»: البحرية الأمريكية تواجه أعنف قتال لها منذ الحرب العالمية الثانية    مدرب بيراميدز: استحققنا الفوز على بلدية المحلة    منها «الجوزاء».. مواليد 4 أبراج فلكية من السهل إرضائهم    بعد توجيهات الرئيس السيسي بترميمه.. "البوابة نيوز" داخل ضريح الشيخ الشعراوي    توفيت بالحج، زوج ينعي زوجته بكلمات مؤثرة: كانت ملاكًا تسير على الأرض    معظمهم غير مسجلين.. عدد الوفيات في صفوف الحجاج يتجاوز الألف    «القارئ الباكي».. أقارب الشيخ محمد صديق المنشاوي يحيون ذكرى وفاته من أمام مقبرته بسوهاج (فيديو)    ضربة الشمس القاتلة.. كيف تسببت درجات الحرارة في وفاة مئات الحجاج؟    انفراجة فى توافر الأدوية بالصيدليات.. تحرير سعر الصرف ساعد فى تأمين النواقص    جيش الاحتلال: إصابة جنديين بجروح خطيرة جنوبي غزة    مجازر الغربية تستقبل 1186 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى المبارك    فرحة العيد لسه مكملة.. إقبال على الملاهي بحدائق كفر الشيخ للاحتفال    الأقصر.. توقيع كشف طبي على المواطنين في أرمنت ضمن خدمات عيد الأضحى    الرئيس السيسى يوجه بتشكيل خلية أزمة لمتابعة حالات وفاة الحجاج المصريين.. إنفو    ما حكم زيارة أهل البقيع بعد الانتهاء من أداء مناسك الحج؟.. الإفتاء توضح    نتائج الصف التاسع اليمن 2024 صنعاء وزارة التربية والتعليم بالاسم ورقم الجلوس بالدرجات.. موقع www yemenexam com    "تجاهلوا الرد".. أتشمبونج يهدد الزمالك بشكوى جديدة    رابطة الأندية: إحالة تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري للجنة الانضباط    كيف تبدو "المشاعر المقدسة" عقب مغادرة الحجاج ..فيديو    تنسيق الجامعات.. تعرف على برنامج التصميم المعماري والعمراني المستدام بجامعة حلوان    سرايا القدس: نخوض اشتاباكات عنيفة مع جنود الاحتلال في رفح    عودة بطولة الأفروآسيوية.. مواجهة منتظرة بين الأهلي والعين الإماراتي    هيئة الدواء المصرية توضح العلاقة بين تناول اللحوم والإمساك    رومانيا: تبرعنا لأوكرانيا بمنظومة باتريوت مشروط بحصولنا من الناتو على مثلها    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    وفد من الأهلي يعزي أسرة نورهان ناصر التي لقيت مصرعها بعد مباراته مع الاتحاد السكندي    ياسر الهضيبي: ثورة 30 يونيو ستظل نقطة مضيئة في تاريخ مصر    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    7 ضوابط أساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس    ضبط عاطلين بحوزتهما كمية من مخدر الحشيش بالمنيرة    رصد وإزالة حالات بناء مخالف وتعديات على الأراضي الزراعية بالجيزة - صور    في يومهم العالمي.. اللاجئون داخل مصر قنبلة موقوتة.. الحكومة تقدر عددهم ب9 ملايين من 133 دولة.. نهاية يونيو آخر موعد لتقنين أوضاعهم.. والمفوضية: أم الدنيا تستضيف أكبر عدد منهم في تاريخها    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    تركي آل الشيخ عن فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم: نعيد ذكريات شادية وعبدالحليم بروح العصر الجديد    برنامج خاص في الأهلي لتجهيز وسام أبوعلي لمباراة القمة    لمرضى القلب العائدين من مناسك الحج.. إرشادات من المجلس الصحى السعودى    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة للغزالي والولد المحب
نشر في البوابة يوم 12 - 10 - 2018

يتساءل الولد المحب الممثل للشباب المثقف من جديد: أيها الإمام، ترى ماذا أفعل عند الخلاف فى الرأى فى مسألة طرحتها بعد أن قتلتها بحثا واستقصاء؟ فأجاب حجة الإسلام: الخلاف فى الرأى بين العلماء من الأمور المحمودة لأنهم يختلفون من أجل الاتفاق بعد ذلك، أى أن خلافهم مثمر فجميعهم يحتكم للحجة ويسلم بالبرهان. وإياك والتناظر مع جاهل أو التطاول على ملأ، لأن من الجهال تجد الحسود الذى يعارض بغية تشكيك الناس فى علمك والحط من مقامك، وإياك والأحمق فمخالفته لك غاية واعتراضه عليك ضرب من السخف، واحذر كذلك مجادلة قليل العلم وبليد الفهم، فمحاورتهما لا طائل منها ولن يقبلا منك إلا ما يوافق ما أخذاه عن غيرهما، ولم يتثبتا منه فظنا أنه اليقين.
وإياك أن تعظ الناس بما لا تعمل وتجنب الكلفة والتعالى فى خطابك، وخاطب سامعيك على قدر عقولهم، وتجنب مجالسة القداحين والمداحين، فلن تجد فيهم من ينتفع بعلمك ولن تجد عندهم من يصدقك، وانأ عن مجالسة السلاطين والولاة، ولاسيما المتجبرين منهم، فإن فى موافقتهم خيانة لذمة الله، وفى عدائهم شرا يصيبك، ولا تستملح عطاياهم حتى لا يصرفوك عن الصراط المستقيم فتصبح تابعا لهم سائرا فى ركابهم.
أدرك الغزالى من خلال تساؤلات الولد المحب، أنه أمام نوعية أخرى من الشباب وهى تلك التى تبحث عن الحقيقة العملية التى تفيد الفرد والمجتمع معا، لذا كان حريصا على مجالسته ومن كان على شاكلته وإرشادهم.
ولما نشرت وقائع هذه المحاورة على الفيس بوك جاءت التعليقات متفاوتة التقدير ومتباينة فى الحكم: فالبعض امتدحها وأثنى على استفهامات الشباب وتساؤلاتهم وردود حجة الإسلام الغزالى ولاسيما حديثه عن ضرورة ربط النظر بالعمل والإتقان فى التطبيق وتحذيره من مجادلة الجهال أو الإصغاء إلى تجار الكلمة أو مداهنة الرؤساء والحكام وتضليل الشعب. وأكدت مثل هذه التعقيبات أن معظم أخطاء الشباب واندفاعهم نحو التطرف الهدام من جراء هذه العثرات، فمعظم الشباب اليوم يصدق الشائعات دون أدنى استقصاء للحقيقة وينتصر إلى شعارات وجماعات لم يفحص مقاصدها، فإن مثل هذه الأمور يجب أن نأخذها بعين الاعتبار كما أن الغزالى كان منصفا فى وصفه خطاب الوعظ والإرشاد بأنه لا جدوى منه إذ لم تتوفر لدى المتلقى دراية بمقام الناصح وقناعة بقيمة مضمون النصيحة أو العظة. وعلق بعض الشباب أيضا على هذه القضية بقولهم إن شبيبة الثقافات القديمة قد طُبعوا بهويتهم ونشأوا على مشخصاتهم أما نحن فقد طُمست هويتنا وشوهت مشخصاتنا وعلة ذلك تكمن فى عدم وحدة الخطاب التربوى والبرنامج التعليمى فبعضنا تربى وتعلم فى وسط ثقافى أقرب إلى الروح الغربية فى المظهر (مدارس أهلية، وأخرى حكومية، وثالثة أجنبية) أما المخبر فتركوه للخبرات الذاتية بلا أدنى ضوابط أو احترام للعادات والتقاليد التليدة، والبعض الآخر تربى فى كنف ثقافة محافظة استمدت ثوابتها من مرجعيات دينية ذات صبغة وهابية أو إخوانية أو شيعية وتعلموا فى مدارس تنتمى إلى هذا الاتجاه أو ذاك، والبعض الأخير - ويشغل السواد الأعظم من الشباب - لم تهتم عائلته بتربيته ولا تعليمه على ثوابت قويمة، الأمر الذى جعل هذا الخليط من الشباب يرفض كل النماذج المرشحة لتوجيهه أو إرشاده صوب الإصلاح والعمل من أجل المجموع والصالح العام، فالمعظم يشعر بالاغتراب وبعدم الانتماء، والقليل منهم متأرجح بين مسايرة السلطة القائمة أو العزوف عن المشاركة فى المجتمع (بما فى ذلك شبيبة المسيحيين الذين سارعوا إلى جحد كنائسهم).
ونزع أحد القراء إلى أن وصايا لقمان التى وردت فى القرآن تؤكد أنها من نفس المصدر الذى استقى منه موسى وصاياه العشر التى وردت فى سفرى الخروج والتثنية، وكذا كلمات عيسى التى ألقاها على الجبل لتلاميذه التى وردت فى إنجيل متى الإصحاح الخامس. أما مضمون وصايا لقمان وإرشاداته على عموميتها أشعر أننا - معشر الشباب - فى حاجة إليها، وأولى هذه العظات: هى معرفة الله وحمده وشكره والعمل بما جاء فى كتبه وإدراك مقاصد شرعته، والإحسان للوالدين، فما أكثر الجماعات الجامحة بين الشباب، فبعضهم يغالى فى تقليد الغرب إلى درجة الانحلال الخلقى وإنكار وجود الله، وبعضهم يجعل شعار الله أكبر عنوانًا للعنف والإرهاب ويصور الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على أنه قيد يحول بين المرء وحريته، ناهيك عن الذين يسيئون لآبائهم ويلقون بهم إما فى الشوارع عند الكبر أو فى دور المسنين للتخلص من عبء رعايتهم، أضف إلى ذلك أن الكثير منا نحن عصبة الشباب لا يحترمون آداب الطريق فلا نتورع عن إيذاء الناس أو التعالى عليهم أو مخاطبة الكبار بغير احترام، ونجادل بغير علم ونرفع أصواتنا بتبجح ونضحك برقاعة وبخلاعة تنبئ عن الوقاحة.
ولا ريب فى أن أباحامد الغزالى قد تأثر بما جاء به لقمان وقد أشار إلى ذلك فى رسالته (أيها الولد).
أما التعليقات الأخرى فجاءت متهكمة على ذلك الشاب الذى قصد الغزالى ليعلمه، والمعروف عن حجة الإسلام أنه أقرب إلى الصوفية والعقلية الأشعرية المحافظة منه إلى الروح الثورية الناقدة، كما عاب أصحابها على الغزالى كثرة اقتباساته من القرآن والحديث الشريف، وقد أراد بذلك إسكات كل الألسنة التى تود الاعتراض والمناقشة، الأمر الذى دفع الشبيبة إلى ترك فلاسفة هذه الحقبة، أعنى العصر الوسيط وفلاسفته الذين تأثروا تأثرا كبيرا بالكتب المقدسة سواء فى المسيحية أو فى الإسلام. وليس أدل على ذلك من «محاورة المعلم» للقديس أوغسطين (354-430 م)، الذى أقنع فيه ابنه أديوداتوس أن العلم والمعرفة مصدرهما إلهي، وأن الخير فى السير تبعا للإرادة الإلهية.
أما الحوارات التى جرت بين أئمة الفقهاء وشبيبة الثقافة الإسلامية فى هذه الحقبة فلم تخرج عن المسائل العقدية والقضايا الفقهية والكلامية، الأمر الذى دفع الشبان إلى الانتقال إلى العصر الحديث والفكر المعاصر وقراءة المحاورات التى أجراها الشياب مع الشبان حول قضايا الواقع المعيش.
وللحديث بقية حول حوارات الشياب مع الشباب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.