يقرر الزيمبابويون أي مستوى من التغيير يرغبون فيه، بعد رحيل روبرت موجابي، الرئيس السابق الذي أُجبر في شهر نوفمبر الماضى على الاستقالة من منصبه الذي استمر فيه على مدى 37 عاما. الإجابة ستكون فى صناديق الاقتراع التى يتوجه إليها الشعب ليدلى بصوته فى أول انتخابات عامة "رئاسية وتشريعية"، حيث سيتم انتخاب أعضاء البرلمان والرئيس الذي سيحكم البلاد على مدى السنوات الخمس القادمة، مسجلًا الترتيب الثالث فى قائمة رؤساء زيمبابوي بعد الاستقلال عن بريطانيا، والتي ضمت حتى الآن كنعان سوديندو بانانا أول رئيس للبلاد وروبرت موجابى. "تصويت الأجيال القادمة"، و"زيمبابوى للجميع"، شعاران ترفعهما انتخابات اليوم، التي وصفت بالمهمة والصعبة، حيث يعلق شعب زيمبابوي عليها آمالا عريضة في الخروج من النفق الاقتصادي والسياسي المظلم الذي واجهته زيمبابوي. على مدى سنوات، وتكتسب تلك الانتخابات أهميتها من كونها الأولى التى تجرى فى غياب موجابى، ومن أنها ستجرى فى ظل مراقبة الاتحاد الأوروبي وهي المرة الأولى منذ 16 عاما التي تراقب فيها العملية الانتخابية في زيمبابوي، حيث أرسل الاتحاد الأوروبي بعثة لمراقبة الانتخابات تنفيذا لما تضمنته مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين. والرئيس هو المنصب الأعلى في جمهورية زيمبابوي منذ استقلالها عن المملكة المتحدة، ويتنافس في انتخابات الرئاسة كل من إيميرسون أمنانجاوا الرئيس المؤقت ورئيس الحزب الحاكم للاتحاد الوطني الزيمبابوي الإفريقي - الجبهة الوطنية - والبالغ من العمر 75 عاما، والذى وصل إلى السلطة في نوفمبر الماضي بعد استقالة موجابي تحت ضغط الشارع وحزبه، ونيلسون تشاميسا، 40 عاما، من حركة التغيير الديمقراطي. وتشير التوقعات إلى أن الرئيس المؤقت للبلاد والملقب "بالتمساح"، وهو من قدامى المحاربين في حروب زيمبابوى، التي اندلعت في سبعينيات القرن الماضي وصاحب المناصب السياسية العديدة "وزارات العدل والدفاع والإسكان والمالية ورئاسة الاستخبارات"، هو الأكثر قدرة على قيادة المرحلة الجديدة، وقد تعهد بتنظيم انتخابات ذات مصداقية، حرة ونزيهة وعادلة تتمتع بمصداقية لا يتخللها عنف وأن تكون البلاد منفتحة وشفافة، كما تعهد بالعمل على تطور البلاد وجعل مستقبلها أفضل وإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية من أجل تحقيق مستقبل مستقر وواعد، وتعد هذه الانتخابات تحديا واختبارا حقيقيا له، حيث يمنحه الفوز فيها تفويضا جديدا وشرعية لتعزيز وضعه السياسي بعد الإطاحة بسلفه، كما يعلق سكان زيمبابوي المنهكون بعد حكم موجابي آمالا كبيرة عليه، حيث كان في قلب دائرة صنع القرار وعلى دراية تامة بمدى تغلغل الفساد في مفاصل الدولة. ولاء أمنانجاوا، لموجابي، عندما كان نائبا له لعقود طويلة تثير الشك لدى البعض في قدرته على تغيير مؤسسة حاكمة متهمة بارتكاب انتهاكات ممنهجة ضد حقوق الإنسان وانتهاك سياسات اقتصادية كارثية، ويستخدمها منافسه في كسب المزيد من الأصوات حيث يؤكد أن انتخاب أمنانجاوا لن يغير من الأمر شيئا. وترجع صعوبة الاختيار أمام المقترعين إلى أن نتيجتها - وكما يرى بعض المحللين - إنها لن تساعد في التحول الاقتصادي في زيمبابوي وإنعاشه، وفي حال فوز مؤسسة ما بعد موجابي الحاكمة بتشكيل حكومة بمفردها، فقد يتم النزاع على النتائج مما يعنى أن الحكومة المرتقبة قد تفتقر إلى الشرعية أمام القوى الدولية الرئيسية ومقدمي المساعدات، وإذا قبلت المعارضة وقبلت الحكومة الحالية بهذه النتيجة فإن هذا قد يشجع المستثمرين الدوليين ووكالات التنمية والسفارات على تقديم دعم اقتصادي واجتماعي وسياسي كبير للحكومة الجديدة. وكانت الانتخابات الرئاسية السابقة التي أجريت في عام 2013 في زيمبابوي التي فاز فيها موجابى بنسبة 61%، قد شهدت عمليات تزوير وعنف طال أنصار منافسه زعيم المعارضة مورجان تشنجيراي، الذى اضطر إلى لاعتراف بفوز حزب خصمه الرئيس روبرت موجابي في الانتخابات البرلمانية، واصفا الانتخابات بأنها "عار"، وأن نتائجها "باطلة"، وذلك بعد إعلان فوز حزب "زانو-إف بي"، الذي يتزعمه موجابي ب137 مقعدًا من أصل 210 مقاعد بالبرلمان.