زيمبابوى.. ذلك البلد الإفريقى الواقع فى جنوب وسط إفريقيا، على موعد فى الثلاثين من يوليو الحالى مع أول انتخابات عامة (رئاسية وتشريعية) بعد الإطاحة بالرئيس السابق روبرت موجابى، والتي سيتم خلالها اختيار أعضاء البرلمان والرئيس الذى سيحكم البلاد على مدى السنوات الخمس المقبلة، وسيكون ترتيبه الثالث بقائمة رؤساء زيمبابوى بعد الاستقلال عن بريطانيا، حيث كان كنعان سوديندو بانانا أول رئيس للبلاد، وخلَفه موجابى. الانتخابات التي وصفها مراقبون بالمهمة والصعبة فى الوقت نفسه، يعلق عليها شعب زيمبابوى آمالًا عريضة فى الخروج من النفق الاقتصادى والسياسى المظلم الذى واجهته زيمبابوى على مدى سنوات حكم موجابى. وتكتسب تلك الانتخابات أهميتها من كونها الأولى التى تجرى فى غياب روبرت موجابى الرئيس السابق لزيمبابوى، والذى حكَم البلاد لمدة 37 عامًا، وتمّت الإطاحة به فى نوفمبر الماضى، ومن أنها ستجرى فى ظل مراقبة الاتحاد الأوروبي، وهي المرة الأولى منذ 16 عامًا التي يراقب فيها العملية الانتخابية بزيمبابوى، حيث يعتزم الاتحاد إرسال بعثة لمراقبة الانتخابات؛ تلبيةً لدعوة هراري التى وجهتها للاتحاد فى مارس الماضى، وتضمنت إرسال بعثة لمراقبة الانتخابات بعدما وقّع الجانبان على مذكرة تفاهم تحدد القواعد والتوجهات للمراقبين. وجاءت تلك الدعوة استنادًا إلى ما صرح به إيميرسون أمنانجاوا الرئيس المؤقت والمرشح الأوفر حظًّا فى الماراثون الانتخابى الذى قال: "إذا كان لدينا معايير شفافية ونبذ العنف، لماذا نرفض السماح للمراقبين الدوليين بالمجيء إلى بلادنا، نحن نرحب بالاتحاد الأوروبي". وتابع: "نحتاج إلى انتخابات بعيدة عن العنف.. ويتعين علينا كمسئولين سياسيين، أن ندعو إلى السلام ونبذ العنف". فيما ترجع صعوبتها، كما يراها بعض المحللين، اهتجيتن نأ ىف لن تساعد فى التحول الاقتصادي بزيمبابوى وإنعاشه، وفى حال فوز مؤسسة ما بعد موجابى الحاكمة بتشكيل حكومة بمفردها، فقد يتم النزاع على النتائج، مما يعنى أن الحكومة المرتقبة قد تفتقر إلى الشرعية أمام القوى الدولية الرئيسية ومقدمى المساعدات، وإذا قبِلت المعارضة وقبِلت الحكومة الحالية بهذه النتيجة، فإن هذا قد يشجع المستثمرين الدوليين ووكالات التنمية والسفارات على تقديم دعم اقتصادى واجتماعى وسياسى كبير للحكومة الجديدة. من جانبه، وبناء على طلب زيمبابوى عضو الاتحاد الإفريقى من رئيس مفوضية الاتحاد موسى فاكي محمد، خلال زيارته فى فبراير الماضى، أرسل الاتحاد الإفريقي لزيمبابوى بعثة فنية ضمّت خمسة خبراء، واستمر عملها 21 يومًا (من 15 يونيو الماضى إلى 8 يوليو الحالى)، للمساعدة الانتخابية وتقديم المساعدات الفنية للجنة الانتخابية في الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، ومساعدة الجهاز الفني على قيادة انتخابات ديمقراطية ذات مصداقية ونزيهة طبقًا للمعايير الدولية. والرئيس هو المنصب الأعلى في جمهورية زيمبابوي منذ استقلالها عن المملكة المتحدة، ويتنافس فى انتخابات الرئاسة المقبلة كل من إيميرسون امنانجاوا الرئيس المؤقت ورئيس الحزب الحاكم "الاتحاد الوطنى الزيمبابوى الإفريقى" (الجبهة الوطنية) والبالغ من العمر 75 عامًا، والذى وصل إلى السلطة في نوفمبر الماضى بعد استقالة موجابي تحت ضغط الشارع وحزبه، ونيلسون تشاميسا (40 عامًا) من حركة التغيير الديمقراطى وعدد من المرشحين غير البارزين وتشير التوقعات إلى أن الرئيس المؤقت للبلاد والملقب "بالتمساح"، وهو من قدامى المحاربين فى حروب زيمبابوى، التى اندلعت فى سبعينيات القرن الماضى وصاحب المناصب السياسية العديدة (وزارات العدل والدفاع والإسكان والمالية ورئاسة الاستخبارات)، هو الأكثر قدرة على قيادة المرحلة الجديدة ، وقد تعهّد بتنظيم انتخابات ذات مصداقية، حرة ونزيهة عادلة تتمتع بمصداقية لا يتخللها عنف وأن تكون البلاد منفتحة وشفافة، كما تعهّد بالعمل على تطور البلاد وجعل مستقبلها أفضل وإجراء إصلاحات إقتصادية وسياسية من أجل تحقيق مستقبل مستقر وواعد. وتعد هذه الانتخابات تحديًا واختبارًا حقيقيًّا ل"منانجاجوا"، الذى يسعى لفوز يمنحه تفويضًا جديدًا وشرعية لتعزيز وضعه السياسى بعد الإطاحة بسلفه، كما يعلق سكان زيمبابوى المنهكون بعد حكم موجابى آمالًا كبيرة عليه حيث كان فى قلب دائرة صنع القرار وعلى دراية تامة بمدى تغلغل الفساد فى مفاصل الدولة، إلا أن ولاءه لموجابى لعقود طويلة تثير الشك لدى البعض فى قدرته على تغيير مؤسسة حاكمة متهمة بارتكاب انتهاكات ممنهجة ضد حقوق الإنسان وانتهاك سياسات اقتصادية كارثية. وفى إطار الاستعدادات اللازمة لانطلاق العملية الانتخابية، اتهمت المعارضة منظمى الانتخابات بالفشل فى معالجة المطالب الرئيسية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، مطالبة بإبعاد المسئولين العسكريين العاملين فى اللجنة الانتخابية وإبعاد الجنود عن اجتماعات الحملات الانتخابية، وبإجراء مراجعة خارجية لسجل الناخبين. ودعت الحركة من أجل التغيير الديمقراطي، اللجنة الانتخابية إلى وقف طباعة أوراق الاقتراع، بحجة أن التصميم يحابي الرئيس الحالي، حيث يتصدر اسمه القوائم الانتخابية، ويطالب زعيم الحركة نيلسون تشاميسا اللجنة بتزويد حزبه بنسخة الكترونية من جداول تضم صور للناخبين المسجلين، حيث تدعى أن هناك ناخبين وهميين وأشخاصًا مسجلين في عناوين مزيفة، وقال تشاميسا: "نطالب لجنة الانتخابات في زيمبابوي بتوفير قوائم الناخبين المناسبة، وأن تتحرى الشفافية في طباعة بطاقات الاقتراع". وكانت الانتخابات الرئاسية السابقة التى أجريت عام 2013 في زيمبابوي التى فاز فيها موجابى بنسبة 61%، قد شهدت عمليات تزوير وعنف طال أنصار منافسه زعيم المعارضة مورجان تشنجيراي، الذى اضطر إلى الاعتراف بفوز حزب خصمه الرئيس روبرت موجابي في الانتخابات البرلمانية، بعد إعلان فوز حزب "زانو- إف بي" الذي يتزعمه موجابي ب137 مقعدًا من أصل 210 مقاعد بالبرلمان.