لا شك أن لقاء الرئيسين بوتين وترامب يوم 16 يوليو طغى على تعليقات وسائل الإعلام الروسية والأمريكية، فقد نجح الرئيس بوتين فى هذا اللقاء نجاحًا باهرًا، وكما قال بعض المعلقين، إن ترامب أصبح خاتمًا في إصبع بوتين، وكان الاتفاق على هذا سواء في وسائل الإعلام الروسية أو الأمريكية. أما الرئيس ترامب فقد وصفته الصحافة الأمريكية بأنه "خائن" وباع مصالح الولاياتالمتحدة، فقالت "واشنطن بوست" إن قمة الإثارة في أحداث الأيام الماضية كان لقاء الرئيسين بوتين وترامب في عاصمة فنلندا "هلينكسي". وأشارت إلى أن ترامب بهذا اللقاء ربما كان يكافئ الرئيس بوتين على مساعدته له في الفوز بالانتخابات الأمريكية، واعتبرت الرئيس الأمريكي - حسب الصحيفة - بأنه يتصرف بالطريقة الملائمة له، عندما يتهم القيادة الأمريكية السابقة والمحقق روبرت موللر، وليس الهجوم الإلكتروني الروسي أثناء الانتخابات، أنهم سبب تدهور العلاقات مع روسيا، وهو بهذا يحمل هدية لبوتين، واعدًا الرئيس الروسي بأنه سيبذل كافة الجهود ليعطي محاولات إثبات التدخل الروسي في الانتخابات بأنه عديم القانونية، وهو ما يعني حسب الصحيفة الأمريكية أن روسيا يمكنها التدخل في أي انتخابات في المستقبل.. واعتبرت الصحيفة أن تصرف ترامب بهذا الشكل يجعله متآمرا مع روسيا ضد بلاده. أما التايمز البريطانية، فقالت في سخرية: "اشكروا ترامب على أنه لم يعترف بالقرم كجزء من روسيا، ولم يخرج الولاياتالمتحدة من الناتو، ولم يلغِ المناورات العسكرية في شرق أوروبا، ولم يوقع اتفاقا على تسليم سوريالروسيا، وطلبت الصحيفة البريطانية أن يشكر الحلفاء والأمريكيون رئيسهم على أنه لم يفعل ما سبق ذكره. وأوضحت الإيكونومست أنه من الصعب رصد تغييرات حادة في السياسة الأمريكية الخارجية عقب لقاء هلسينكي، لكنها في نفس الوقت أكدت ما لم تكن أمريكا تعرفه عن رئيسها، فترامب يعتبر أنه من الأفضل للعالم أن تكون العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا جيدة ومزدهرة، فمن وجهة نظره الولاياتالمتحدة تصرفت بغباء بهذا الخصوص، وهو يعتبر أن ما يقال عن التدخل الروسي في الانتخابات نوع من الإهانة الشخصية له، وأنه للفوز على هيلاري كلينتون كان يجب أن يحدث تدخل من الخارج. وأعرب الرئيس الأمريكي عن أنه يثق في كلام الرئيس الروسي بوتين بعدم التدخل في الانتخابات الأمريكية، خلافًا لما أثبتته التحقيقات التي يجريها مكتب التحقيقات الفيدرالي ومخابرات بلاده، وأضافت الصحيفة أن هذا في الولاياتالمتحدة يعتبر خيانة وأن الرئيس يعتبر عدوا للشعب. وأشارت الصحيفة إلى قول ترامب بأن تحقيقات روبرت موللر تمثل «كارثة لبلادنا»، وتعتبر أن أقوال ترامب هذه وهو يقف على منصة المؤتمر الصحفى مع بوتين مفزعة بالفعل، واختتمت الصحيفة مقالها بأن هذه الكلمات قيلت من قبل، أي أن هذا ليس استعراضا فرضته المنصة بل هي معتقدات ترامب. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن تصريحاته ترامب كانت بعيدة عن أهداف الولاياتالمتحدة، ولن تتفق مع آراء ممثلي إدارته، وهو الأمر الذى يطرح سؤالا سيلازم ترامب: من الممكن أن تكون روسيا لديها تسجيلات مخلة خاصة به؟ بالنسبة للأمريكيين تصريحاته العادية على تويتر، والتي أساسها أننا سنعيد لأمريكا مجدها السابق، لكن عندما تسمع تصريحات ترامب وهو يقف إلى جوار رئيس الدولة المتهمة بالهجوم على أمريكا إلكترونيًا أثناء الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016، تجد منظرا آخر لافتا، مختلفا تمامًا. وأكدت صحيفة "موسكوفسكي كومسمولتس" أن الرئيس الأمريكي ترامب أوضح موقفه الذي جلب له الهجوم والانتقاد من جهات عديدة في بلاده، وخاصة موقفه من التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016، فقد فاجأ ترامب الجميع عندما أعلن أنه موافق على النتائج التي توصلت لها أجهزة المخابرات الأمريكية بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أتت به إلى سدة الحكم في بلاده، وأن موسكو كان لها تأثير على السباق الرئاسي، تبين أن الرئيس الأمريكي أخطأ في القول عندما تحدث بهذا الخصوص مع نظيره الروسي في المؤتمر الصحفي، فقد قرأ الرئيس ما سجل عن المؤتمر الصحفي، وصحح ما قاله من قبل، أنه كان يريد قول شيئًا آخر تمامًا: «لا أرى الأسباب، التي بها لا يمكن أن تكون روسيا»، إلا أنه أكد على أن هذا التدخل لم يكن له تأثير على نتائج الانتخابات بأي حال.. وكان الرئيس ترامب قد صرح في المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالرئيس بوتين عقب لقاء هلسينكي، بأنه في فضيحة التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية كلا الجانبين مذنب.. وهو الأمر الذي استدعى تعرض الرئيس ترامب لهجوم عنيف من الشعب والصحافة والنخبة السياسية الأمريكية ما دعاه للتراجع.. ونقلت الصحيفة عن مستشار الرئيس بوتين للشئون الخارجية اليكسي بوشكوف قوله، إنها ليست المرة الأولى التي يغير فيها الرئيس ترامب من أقواله، وأنه لا مفر من المناورة في عالم السياسة، وليس هذا هو المهم، وأضاف أن المهم هل سيحدث تقدم فيما تم مناقشته أثناء القمة؟ وأضاف الكرة الآن في ملعب واشنطن. ونقلت صحيفة الإزفيستيا عن موقع أورو آسيا اليوم: أن النجاح الوحيد فى قمة ترامب بوتين، هو التحرك في اتجاه تسوية الأزمة السورية، التي تم التعرض لها في المؤتمر الصحفي باتفاق شبه تام. أما الملف الأوكراني فقد تم تخصيص 22 ثانية فقط له، وقال ترامب إنه لن يعترف بالقرم كجزء من روسيا، ورد الرئيس بوتين إن ضم القرم جاء بناء على استفتاء وفق المعايير الدولية وأن ملف القرم أغلق، ومن ثم ستبقى العقوبات المفروضة على روسيا إلى أن يتم التفاهم حول هذا الملف.