قامت جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في عام 1853 بنشر تفاصيل قصة سولومان نورثوب، وهو رجل أسود حرّ من شمال نيويورك، اختُطِف وتمّ بيعه في سوق العبيد عام 1841، ولم تنته معاناته إلا بعد إثبات حريته، وبعد بضعة أشهر قام نورثوب بنشر مذكراته التي تحمل اسم "12 عاما في العبودية". تم إنتاج المذاكرات كفيلم تلفزيوني عام 1984 يحمل اسم ملحمة سولومان نورثوب، ثم تم إنتاجه مرة أخرى الآن من إخراج ستيف ماكوين، والذي - وفقاً لغالبية نقاد السينما الأمريكية - جعل فوز الفيلم بجائزة الأوسكار نتيجة متوقعة سلفاً. هذه ليست المرة الأولى التي تتناول فيها هوليوود خطيئة أمريكا القديمة، لكن تصوير معاناة نورثوب هذه المرة كان بمثابة لكمة قوية في وصفها القاسي لفظاعة العبودية، فمن قبل لم يتم تصوير الواقع الاقتصادي الوحشي الذي قامت عليه الولايات الجنوبية قبل الحرب الأهلية، والذي تمّت مساندته تاريخياً من قبل هنري لويس، الباحث الأمريكي المتعمق في تاريخ الزنوج الأمريكيين وثقافتهم، والذي صرح بأنه لم يقم بأيّة تعديلات على الوقائع التاريخية، ووصفه بأنه أفضل فيلم عن العبودية من وجهة نظر العبيد. على مدار تاريخ السينما الأمريكية لم تكن هناك الكثير من الأفلام التي تعاملت مع موضوع العبودية، بداية من فيلم "ميلاد أمة" عام 1915، والذي صوّر السود على أنهم جهلاء وفاسقون وسيئون في كل شيء، بالإضافة إلى المسلسل التلفزيوني "جذور" الذي تم عرضه عام 1977، وأحرز أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ التلفزيون الأمريكي، لكن الجذور أيضاً قد تعرض لمسألة العبودية كجزء من قصة الهجرة الكبيرة التي أوجدت أمريكا. كانت هوليوود حريصة على عدم إزعاج جمهورها، لكنها الآن قامت باستخدام مخرج غير أمريكي مثل "ماكوين"، وممثل بريطاني من أصل نيجيري مثل شيويتل إيجيفور، ليقوم بدور سولومان نورثوب، لتصوير العبودية على حقيقتها، وبطريقة ما يمكننا أن نُسمّي 2013 بعام أفلام السود في أمريكا، فخلاله تم إنتاج فيلم "كبير الخدم" الذي يروي قصة حركة حقوقية مدنية كان شاهداً عليها كبير الخدم في البيت الأبيض، ثم فيلم "42" والذي يروي قصة اللاعب جاكي روبنسون، الذي كسر حاجز اللون في دوري البيسبول، بالإضافة إلى الجزء السادس من الفيلم الوثائقي الأمريكي "الإفريقي". وجدير بالذكر، أنه الفضل في ذلك يرجع إلى فوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية على منافسيه البيض، ما جعل الاعتراف بالخطيئة القديمة أمرا أكثر سهولة، وقد حقق فيلم "12 عاما في العبودية" إيرادات بلغت 39 مليون دولار، ويُعدّ هذا رقما هزيلا مقارنة بالإيرادات التي حققها كل من: فيلم 42 "95 مليون دولار"، وفيلم كبير الخدم "114 مليون دولار".