دعا صندوق النقد الدولي السلطات الكينية إلى العمل على خفض العجز المالي الذي بلغ مستويات حرجة وتقليص مستويات الدين مع صياغة نظم خدمة دين مستدامة وإلغاء معدلات الفائدة المرتفعة ، في الوقت الذي بادرت حكومة نيروبي إلى الإعلان عن خطة تقشف أملاً في استعادة اقتصاد البلاد لأدائه القوي مجدداً. وتوصل فريق صندوق النقد الدولي الذي زار كينيا أخيراً إلى توصياته التي وجهها إلى الحكومة الكينية في مراجعته الدورية لأداء الاقتصاد، في الوقت الذي كشفت فيه حكومة نيروبي عن موازنتها الجديدة للعام المالي 2018/ 2019 بقيمة إجمالية 3ر24 مليار دولار بعجز حاد بلغ 3ر822 مليون دولار. وقد أعقب الكشف عن الموازنة والعجز الحادث بها، إعلان وزير الخزانة الكيني، هنري روتيش خطة تقشف تتضمن تقليصاً في حجم النفقات التنموية، وهو الأمر الذي يلقي بتداعياته الوخيمة على المواطنين الكينيين. وقال روتيش في كلمة أدلى بها أمام مجلس الشيوج حول المالية والموازنة العامة "على كل مؤسسة أن تشد الحزام"، وتابع "لقد اتخذنا تدابير تقشفية أكثر صرامة لتقليص النفقات، ويجب علينا خفض الإنفاق على نطاق واسع حتى نتمكن من موازنة الإيرادات." وتشير مراجعات خبراء صندوق النقد الدولي إلى أنه بالرغم من مواصلة الاقتصاد الكيني لصموده أمام أزمات الجفاف الحادة التي ضربت البلاد وطول أمد فترة الانتخابات الرئاسية السابقة، فإنه لا يزال عرضة للصدمات التي يمكن أن تتفاقم مع وجود عجز مالي ضخم، وتضخم فاتورة الدين العام، وضعف الائتمان للقطاع الخاص. كان عجز الحساب المالي ارتفع بنسة 4ر6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017، مقابل 2ر5 في المائة في العام الذي سبقه مدفوعاً بالزيادة الجنونية في الواردات بما فيها الوقود. أما العملة المحلية، فقد بقيت في جانب إيجابيات الأداء الاقتصادي الكيني، إذ واصل الشلن الكيني استقراره الأمر الذي ترافق مع ارتفاع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي لتصل إلى 1ر7 مليار دولار بنهاية يناير الماضي، وهي احتياطيات كافية لتأمين البلاد حيال أي صدمات خارجية على المدى القريب. وقال رئيس وفد صندوق النقد الدولي الذي زار كينيا أخيرا، بينديكت كليمنت، "إن آفاق الاقتصاد الكيني على المدى المتوسط تبقى مشجعة، لكن مخاوف من ضعف نمو الائتمان في كينيا سوف تضع النشاط الاقتصادي على المحك في الأجل القريب." وتوقع كليمنت أن يحقق الاقتصاد الكيني نمواً قياسيا يصل إلى 5ر5 في المائة في العام الجاري 2018، مقابل 8ر4 في المائة في العام الماضي، على الرغم من أن المؤسسة الدولية توقعت في تقديرات سابقة أن يحقق الاقتصاد الكيني معدلات نمو تصل إلى 5ر6 في المائة خلال عامين تاليين، غير أن ذلك يعتمد بصفة أساسية على قدرة الحكومة على تقليص العجز المالي الذي زاد من هشاشة الدين العام، مع العمل على إصلاح منظومة أسعار الفائدة الرئيسية والعمل على السيطرة على الإفراط في الاستدانة، وزيادة حصيلة الإيرادات العامة.