تتزايد أجور الفنانين المشاركين في الأعمال الدرامية كل عام عن العام الذي يسيبقه دون أيّة مبررات منطقية، ليحصل الفنان عمرو دياب على 30 مليون جنيه هذا العام - في أول بطولة تليفزيونية له - وكذلك الفنان عادل إمام يحل في نفس المستوى ب 30 مليون جنيه أيضاً، وغادة عبد الرازق ب 16 مليونا، بينما يرى المنتجون أن هذا الأمر ليس له أي تأثير على استمرار الإنتاج الدرامي من عدمه. في البداية أكد المنتج جمال العدل، أنه لا أحد يستطيع أن ينكر حمّى الأجور المرتفعة، ولكنها محدّدة في مجموعة من النجوم، واعتبر أن الأمر يعود في النهاية إلى القانون التجاري "العرض والطلب"، فالفنان عادل إمام - على سبيل المثال - ينتظر الجمهور أعماله من العام للعام، ومن حقه أن يطلب الأجر الذي يرضيه، ولو رفض أحد المنتجين أن يلبي ذلك ويعطيه الأجر الذي يطلبه، سيعطيه منتج آخر نفس المبلغ لأنه نجم ومطلوب، ولكن أحياناً هناك بعض الأسماء تطلب أجورا عالية بالرغم من أن أسهمها الفنية في التراجع، ويتسم الأمر بالمبالغة والمغالاة، ويجب على هؤلاء أن يعترفوا بأن أسهمهم بالفعل انخفضت كثيراً، ولا بد أن يقوموا بتخفيض أجورهم حتى لا تتأثر عجلة الإنتاج الدرامي بالفعل، لأن المنتج الذي يدفع لا يعلم إن كانت أمواله ستعود إليه مرة أخرى أم أنه سيخسر، وعندما يخسر لا يتردد ألف مرة في العودة إلى الإنتاج، ولكنه يتوقع - في الوقت ذاته - أن يظهر جيل جديد سيكون هو الأقوى في الدراما، وأن يظل كل نجم يحصل على الأجر المادي الذي يستحقه. بينما أكد المنتج طارق الجنايني، أن المنتج الذي يدفع أجرا يصل إلى 30 مليون جنيه، هو بالأساس يدفعهم برغبته ولا أحد يجبره على ذلك، فقد تكون له وجهة نظر في أن هذا النجم يستحق هذا الأجر، وسيحقق له الربح الذي يرضيه، ولكن بعض المنتجين يصطدمون بالواقع بعد أن تتراجع المحطات الفضائية عن اتفاقها معهم، وتتأخر في دفع المستحقات المالية أو تتهرب تماما، ولا يجد المنتج أمامه سوى التوقف عن الإنتاج أو التحسّر على أمواله، وأشار الجنايني إلى أنه - كمنتج في السوق - تعامل مع نجوم كثيرين وافقوا على تخفيض أجورهم للحفاظ على التواجد والمنتج النهائي، وهناك من يرفضون الأمر رفضا تاما ويسقطون جودة المنتج من حساباتهم، ولكن لا يلام الفنان على ذلك، ولكن يلام المنتج الذي يوافق على دفع هذه الملايين، والتي يرى أنها في زيادة خلال العامين الماضيين دون مبرر منطقي، وأكد الجنايني أيضاً على أنه طالما لم نستطع تخفيض أجور النجوم فلا يجب علينا زيادتها حتى لا تتأثر عجلة الإنتاج الدرامي. ويعتبر المنتج أحمد الجابري، أن أجور الفنانين المبالغ فيها تأكل ميزانيات الأعمال الفنية بالفعل، وأحياناً تؤثر على بقية العناصر التي تستلزم الإنفاق عليها، ويلجأ بعض المنتجين في هذه الحالة إلى بدائل أخرى مثل تغيير الاسكريبت أو استبدال أماكن التصوير أو الديكور، ومحاولة تعويض المبالغ التي تمّ دفعها في أي عنصر من عناصر العمل، فيؤثر ذلك على قيمة العمل بالطبع، ولا يجد الجابري - حسب تصريحه - فائدة في أن يأخذ الفنان أجرا ضخما ويظهر عمله في النهاية على غير المستوى المطلوب، وأضاف أنه لا بد أن يتكاتف الجميع من أجل العمل على استمرار الصناعة، على الأقل في هذه الفترة الحرجة، وعلى الجميع أن يضحوا من أجل الحفاظ على الدراما المصرية، وخاصة في ظل المنافسة الشرسة - على حدّ تعبيره - بين الدراما الواردة من الخارج، سواء الإيرانية أو التركية أو السورية، والدراما المصرية، خصوصاً وأن العائد الإعلاني في القنوات الفضائية أصبح لا يستطيع أن يعوض تكلفة الأعمال، ولم تعد الشاشات الخليجية تتلهّف على المسلسلات المصرية كالماضي، بل إنها أصبحت تعرضها على استحياء لمجرد أن يكون لديها مسلسل أو مسلسلان مصريان فقط على شاشاتها، كما أن كثرة المعروض أعطت الفرصة للقنوات الفضائية المصرية للتفاوض على أسعار البيع بشكل يظلم المنتج، بالإضافة إلى فقدان التليفزيون المصري كمنافس، وكل هذه الأسباب صعّبت الأمر على المنتجين، والسبيل الوحيد هو أن تكون هناك مواسم عرض أخرى للدراما. واتفق المنتج محمود شميس، مع المنتج جمال العدل، في أن الأمر بالأساس يعود إلى العرض والطلب، والمنتج يستطيع - من خلال دراسته للسوق - أن يحدد إن كان الأجر الذي سيتقاضاه الفنان مبالغ فيه أم أنه أجر معقول، فالأمر له أبعاد كثيرة أهمها التسويق للقنوات الفضائية ومعرفة الوقت المناسب لذلك، وهناك أسماء بالفعل تسوِّق نفسها ولا يبذل المنتج نفس المجهود حينما يكون أبطال العمل غير مرغوبين، أو أسهمهم انخفضت عند المشاهدين، وفي النهاية قد تحقّق إحدى الشركات أرباحاً كبيرة منفردة، وتتكبد شركات أخرى الخسارة وحدها، وقد يتساوون جميعاً في الخسارة أو المكسب لأن العملية نسبية، والسوق عرض وطلب، وما يحكمها هو التركيز الجيد في اختيار شركات الإنتاج للسيناريوهات التي تستطيع أن تتميز بها، وكذلك النجوم الذين ينضمون إلى هذه الأعمال، وفي الأخير فإن العمل الجيد يفرض نفسه.