أنشئت جمعية مار منصور دي بول في فرنسا عام 1833، ومنذ هذا التاريخ دأب أعضاء العائلة المنصورية على نشر روحانية شفيعهم حول العالم في القدس. تعمل الجمعية من خلال برامجها الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية على التخفيف من وطأة معاناة من وقع ضحية للواقع الاقتصادي والسياسي. جمعية مار منصور دي بول في القدس تأسست جمعية مار منصور في القدس عام 1851 كمؤسسة مسيحية أخوية مكونة من أشخاص علمانيين يعيشون الروحانية المنصورية عبر تقديمهم المساعدة للمحتاجين والفقراء. خلفًا للاعتقاد السائد، لم يقم القديس منصور دي بول بتأسيس هذه الجمعية، بل قام بذلك "أنطوان فريدريك" أوزانام عام 1833، إذ وضع المؤسسة تحت رعاية القديس بطلب من رئيسة دير بنات المحبة. وخلال الأربعين سنة اللاحقة، افتتحت جمعية مار منصور في القدس مستشفى وقامت بتوسيع نشاطاتها إلى بيت لحم ويافا وحيفا ورام الله وجفنا. كما ولعبت الجمعية دورًا هامًا خلال الحرب العالمية الأولى والنكبة، ساعدت فيه اللاجئين الذين احتموا في عدة أماكن في الأرض المقدسة. دعم المستشفيات ودور الأيتام وبجانب مساعدتها للمحتاجين، تدعم الجمعية أيضًا المستشفيات ودور الأيتام والمدارس المهنية. ويشير "طوني خشرم" مدير الجمعية في القدس أن العائلات المحتاجة لا تطلب المساعدة من الجمعية فحسب بل من هذه المؤسسات أيضًا. خدمة ثلاث فئات رئيسية وتساعد الجمعية ثلاث فئات رئيسية وهي فئة الشباب الذين لم ينهوا تعليمهم الثانوي، وفئة كبار السن الذين لا يملكون دخلًا أو معاش تقاعد، وفئة المسيحيين المهمّشين. في حالة الشباب، يقدم الدعم على صورة تدريب مهني ودورات، مثل تدريبات للعمل بالمكاتب السياحية ودورات تعليمية في فنون الطبخ تُعقد في مؤسسات محلية مثل مركز النوتردام في القدس. وتتيح هذه البرامج للشباب فرص أكبر للحصول على العمل في القدس وعليه تُقلل من معدل هجرة الشباب. كما وتدير الجمعية برنامجًا لمساعدة الجماعة المسيحية في قطاع غزة، تقدّم فيه المال بين الحين والآخر لأكثر من60 عائلة مسيحية فقيرة تعيش ظروفًا قاسية. 400 سنة من الروحانية المنصورية في عام 2017، احتفل أعضاء جمعية مار منصور دي بول حول العالم بالذكرى المئوية الرابعة للروحانية المنصورية. للاحتفال بهذه الذكرى تم افتتاح سنة يوبيل تحت عنوان "كنت غريبًا، فآويتموني"، احتفل بها أكثر من 800 ألف عضو في 151 دولة. وفي الوقت الذي يستمر فيه المؤمنون في عيش أعمال الرحمة بعد اختتام سنة يوبيل الرحمة عام 2016، يستمر تردد صدى يوبيل ال400 عام للروحانية المنصورية إلى يومنا هذا لمواجهة مشاكل الفقراء والمحتاجين وأزمة اللاجئين والمهاجرين حول العالم. الغرباء والمحتاجين لكن من هو الغريب بيننا؟ يشير طوني إلى أن أول نوع من الغرباء هم "المحتاجون من السكان المحليين الذين يحصلون على أجور متدنية ولا يطلبون المساعدة أبدًا. بمجرد أن نعلم عن وضعهم، نحاول جاهدًا أن نساعدهم، ليس من الجانب المادي فحسب بل نحاول الحصول على تخفيضات ضريبية لهم، على سبيل المثال". أما النوع الثاني للغريب فتتمثل في تقديم مساعدات أخرى مثل دفع تكاليف مراسم جنازة واقامة قداس لذكرى الموتى الذين لا يملكون عائلة، سواء كانوا محليين أو أجانب. ويتابع السيد طوني قائلًا: "أما النوع الثالث فنراهم في المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة. وتتمثل المساعدة في تولي دفع أقساط الدراسة أو دفع جزء من فواتير الكهرباء". ولأكثر من عقد من الزمان، عملت الحكومة الاسرائيلية على ردع وصول المهاجرين واللاجئين الأفارقة للبلاد، فقد تم بناء سياج بمحاذاة الحدود المصرية وفتح مركز اعتقال في حولوت ووضع برنامج إما لترحيل أو سجن طالبي اللجوء البالغين، مع الأخذ بالاعتبار العدد الكبير من المسيحيين الأجانب الذين يشكلون جزءًا من الجماعة المسيحية في الأرض المقدسة، والذي يتضمن اللاجئين والمهاجرين الأفارقة، لطالما كانت الكنيسة الكاثوليكية تعمل لتوفير الدعم والمساعدة، فقد كانت تقدم الخدمة الرعوية من خلال الكهنة والتنسيق للخدمة الرعوية للمهاجرين واللاجئين الذي سوف يصبح نيابة أسقفية في 20 مايو 2018. كما وسيتم إنشاء رعية شخصية تهتم "لجميع مجالات العمل الرعوي، وخدمة الأسرار والتنشئة، للمهاجرين واللاجئين". الروحانية المنصورية: إعلان الخبر السار وخدمة الفقير في عام 1617 وبعد اختبار الفقر والبؤس الروحي والمادي في مدينتي فولفيل وشاتيون في فرنسا، اتخذت الروحانية المنصورية القديس منصور وجهين: إعلان الخبر السار وخدمة الفقير من خلال تنظيم وإشراك الأوساط الاجتماعية. وفي الوقت الذي كان فيه الإعلان عن الخبر السار يقتصر على الكهنة، كانت خدمة الفقراء من مهمة العلمانيين وتحديدًا النساء، كانت إحداهن القديسة لويزا دي مارياك التي بمساعدة القديس منصور أسست جمعية بنات المحبة عام 1633. في جمعية مار منصور في القدس، يقول طوني: "نحن نعيش الروحانية المنصورية من خلال ممارسة الأعمال الخيرية للفقراء والتعاطف معهم. فلقد أصبحت هذه الروحانية جزءًا من طريقة حياة الموظفين هنا. فهو لم يعد عملًا بل أصبح مترسخًا فينا".