يعد المخرج الراحل "حسين كمال" واحدًا من أساطير السينما المصرية والتي لا يعرفها الكثير من محبييه وجمهور أعماله السينمائية الخالدة. استطاع حسين كمال تحقيق معادلة إرضاء الجمهور والنقاد معًا، وتجلى ذلك من خلال فيلمه الشهير "البوسطجي" عام 1968، والذي يُعد واحدًا من أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، حطم من خلاله كمال العديد من قيود السينما المصرية وقدم شكلًا جديدًا لها بعيدًا عن التقليدي، ويقف شاهدا على واقعية حسين كمال الذي رفض تغيير مشهد النهاية، حيث تموت زيزي مصطفى على يد والدها صلاح منصور، رغم محاولات المؤلف يحيي حقي بإثنائه عن ذلك. وفي عام 1969 قدم كمال واحدة من أشهر قصص الحكايات الشعبية وهو فيلم "شيء من الخوف"، والذي كاد أن يمنع من العرض بسبب اسقطاته السياسية الواضحة، وعرض الفيلم ليمثل أسلوب فني مبتكر يحاكي الحكايات الشعبية على الربابة ليقدم للمشاهد العربي "عتريس وفؤادة" في فيلم يتناول جميع أشكال القهر حتى في الحب. الفيلم تم تصويره بالأبيض والأسود بالرغم من إمكانية تصويره بالألوان، ويرجع ذلك لذكاء استغلال المخرج الذي استغل ظلال الأبيض والأسود ببراعة حتى ينقل مفهوم الظلم والديكتاتورية، كما أنه استخدم الموسيقى التصويرية مع الأغاني والكورال، لتضفي على الفيلم طابعًا جميلًا ومؤثرًا، ورشح الفيلم لجائزة مهرجان موسكو السنيمائي، هو مأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب الكبير ثروت أباظة. خلال فترته الأولى استطاع كمال، أن يخطف الأنظار وأهتمام النقاد بشدة بسبب الأسلوب المبتكر الذي اتبعه كمال في أعماله والذي وضعه في مصاف المخرجين المبتكرين، لتبدأ مرحلة جديدة من حياته وهي مرحلة الأعمال التجارية، مخيبًا آمال وتوقعات النقاد، ولكنه قدم ذلك بطريقة مبتكرة وجديدة دون الإنخراط أو الإنسياق وراء الأعمال التجارية والتي كانت شائعة في تلك الفترة، فقدم خلال هذه الفترة أفلام أبي فوق الشجرة عام 1969، والذي حقق إيرادات ضخمة في شباك التذاكر المصري والعربي وقتها، والذي قدم من خلاله لوحات فنية أكثر من رائعة مغلفة بعدد من الأغاني والإستعراضات المبهرة بغض النظر عن قصة الفيلم السطحية، الفيلم قصة إحسان عبد القدوس وبطولة عبد الحليم حافظ ونادية لطفي وميرفت أمين، وفي عام 1979 قدم كمال فيلمه السياسي احنا بتوع الأتوبيس، والذي حاكى خلاله أعماله الأولي وأستطاع أن يسلط خلاله الضؤ على حقبة الستينات في مصر والتعذيب داخل المعتقلات. وعاد كمال من جديد يلهب مشاعر جمهوره من خلال واحدة من أهم الأعمال الرومانسية في تاريخ السينما وهو فيلم "حبيبي دائمًا" عام 1980 للنجم نور الشريف وبوسي. وهناك عشرات الأعمال الأخرى التي أثري بها كمال السينما والمسرح وكان أبرزها: "العذراء والشعر الأبيض"، إمبراطورية م، ثرثرة فوق النيل، دمي ودموعي وابتسامتي، نحن لا نزرع الشوك، أرجوك أعطني هذا الدواء، المساطيل، بالإضافة إلى مسرحية الواد سيد الشغال، ومسرحية حزمني يا، ومسرحية أنا والنظام وهواك، ومسرحية ريا وسكينة". توفي المخرج حسين كمال مساء الأحد الموافق 23 مارس 2003، وشيع جثمانه في اليوم التالي، ليرحل تاركًا بصمة في تاريخ السينما المصرية.