قرى ومدن كثيرة على أرض مصر، كتبت اسمها فى سجل البطولات الخالدة، بعد أن سطر أهلها بدمائهم ملاحم نضالية دفاعا عن مصر وأرضها، منها على سبيل المثال لا الحصر قرية «البارود» التابعة لمركز قفط بمحافظة قنا، والتى كانت تسمى قديما «ساحل بقطر». الاسم تغير إلى «البارود» بعدما دمر أهلها سفنا تابعة للحملة الفرنسية، التى كانت تحتل مصر وقتذاك، خلال محاولة الفرنسيين غزو الصعيد، والمعركة دارت رحاها فى عام 1799، وانتهت بانتصار أهل القرية وإغراقهم 12 سفينة، أهمها السفينة «إيطاليا» الخاصة بنابليون، قائد الحملة الفرنسية على مصر فى ذلك الوقت. وقتذاك حاول «نابليون» وبعد غزوه لمصر إخضاع الصعيد لاسيما بعدما علم بتكوين خلايا مقاومة هناك ضد الفرنسيين يقودها الشيخ المغربى الكيلانى، وهو مجاهد مغربى كان مجاورا للحرمين الشريفين، ولما جاء إليه نبأ استيلاء الفرنسيين على مصر، خرج مجاهدا فى سبيل الله، ومعه بعض أهل الحجاز، وعبر بهم البحر الأحمر إلى القصير، وسار إلى قفط، وانضم إليه كثيرون بعضهم من أهل الصعيد، وآخرون منهم مغاربة ومماليك، وحينما علم الفرنسيون بذلك توجهوا للصعيد للقضاء على المقاومة، وحدثت معركة ضارية بين الفريقين قتل فيها كثير من الفرنسيين، كما استشهد بعض رجال الكيلاني، وتشتت عقب ذلك تحرك الأسطول الفرنسى بقيادة الجنرال «ديزييه» فى أغسطس عام 1799 مزودا ب 5000 جندى من المشاة والفرسان والمدفعية، وهاجمت المقاومة الأسطول فقام الفرنسيون بإطلاق النار على الأهالي، الذين توافدوا من كل حدب وصوب ونزلوا إلى النهر وهم يحملون معهم ما تيسر لهم حمله «عصا، نبابيت، أوان» للوصول للسفن الفرنسية التى كانت تبحر فى النيل، وتجمع الأهالى على ضفاف النيل يحملون معهم أسلحتهم البدائية، رغم أنهم يعلمون أن المعركة غير متكافئة، فإن ما ساعدهم أن نهر النيل فى شهر مارس ينحدر ناحية الشرق بشكل حاد وفى مضيق محدود لا يسمح للسفن بالمناورة. ومع دخول أول سفينة إلى هذا المنحدر، انطلق الشباب الذين يجيدون السباحة والغطس فى المياه، وعملوا ثقوبا فى السفن الحربية، وقام الآخرون بالسباحة بواسطة «الجاموس» واستهدفوا الجنود الذين نزلوا فى مياه النيل بعدما بدأت السفن الحربية تغرق نتيجة دخول المياه، وبعد ساعات من القتال غرقت 12 سفينة حربية تشكل مجملا لأسطول الفرنسيين، وغرق معها ما يقرب من 500 جندى فرنسي، فيما استشهد حوالى 120 من أهالى قرية البارود والقرى المشاركة فى المعركة.