من المعروف أن الحضارات التي صنعها الإنسان لآلاف السنين والمعرفة البشرية التي مازال يتم اكتسابها من خلال حب الاطلاع على الأشياء الجديدة والتجارب الحياتية المختلفة للبشر تنتقل إلينا عبر الكتابة. تعتبر الكتابة هي الوسيلة الأولى التي استخدمها الإنسان منذ بداية العصور ليحكي للأجيال والعصور التي بعده تاريخه، وما قام به من إنجازات واكتشافات وحروب وفتوحات، وكل شيء عاشه خلال حياته، وأكبر دليل على ذلك تاريخ الفراعنة الذي نقلوه إلينا من خلال النقوش والرسم والكتابة على جدران المعابد وورق البردي، فلولا الكتابة لم نكن نعرف تاريخ أولئك العظماء، وذلك هو الأمر نفسه في العصور الوسطى والحديثة، فالكتابة هي التي نعرف من خلالها ثقافات الدول والحضارات المختلفة، فلولاها لم نكن نستطيع التعرف على تاريخ الأمم. وتتعدد اللغات التي يتحدث بها البشر، فهي كثيرة جداً، حيث إن بعض العلماء قالوا بأنه يوجد في عالمنا هذا حوالي 7 آلاف لغة مختلفة، منها المعروف مثل اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية، ومنها المجهول التي لا يتحدث بها سوى القلائل على وجه الأرض مثل لغة الكورو التي ينطق بها البعض في جزر شمال الهند. ولكل دولة أو شعب عاداته وتقاليده وتاريخه الأدبي والاجتماعي الخاص به الذي يعبر عنه ويسجله بالكتابة، ومن الطبيعي أن تجد أن هذه الشعوب تريد أن تنقل ما دونته للشعوب الأخرى حتى يستفيدوا منها بقدر المستطاع، ولكن هناك مشكلة في هذا الأمر، وهي أنه لا يوجد شخص يستطيع أن يكتب ويتحدث بجميع لغات العالم، وبذلك لن يستطيع الجميع أن يقرأ هذه الثقافات المكتوبة بلغات مختلفة، ومن هنا جاء دور خدمة الترجمة والتي تجلت أهميتها في نقل ثقافات الدول المختلفة بآلاف اللغات المختلفة. ما هي الترجمة الترجمة هي العملية التي تحول نصا مكتوبا من لغته الأصلية أو اللغة المصدر إلى لغة أخرى تسمى النص الهدف، فهي الطريقة التي تحدث بها الشعوب التي تنطق بلغات مختلفة. ومن هذا التعريف قد يظن البعض أن المقصود بالترجمة هو مجرد نقل الكلمة إلى ما يقابلها في اللغة الهدف، وهذا شيء خاطئ، ولكنها تهدف إلى نقل القواعد اللغوية بشكل صحيح، مع نقل المعلومة دون أي تغيير في مضمونها من أجل توصيل فكر الكاتب وثقافته. يعتبر العديد من العلماء أن الترجمة هي من أحد الفنون المستقلة بذاتها، فهي تعتمد على الإبداع والحس اللغوي بهدف تقريب الثقافات من بعضها. أهمية الترجمة عالميًا لعبة الترجمة عبر التاريخ دوراً كبيراً في نقل الثقافات والمعارف بين الشعوب، فقد كان اليونانيون يرسلون طلبت العلم لديهم إلى مصر من أجل نقل علوم الفلك والحساب والزراعة إلى اللغة الأغريقية، وهو نفس الأمر كان يفعله المصريين، حيث أنهم كانوا يترجمون الأدب الأغريقي إلى العربية حتى يستفيدوا منها، وكان هذا شيء يحدث بين جميع الحضارات والشعوب في الماضي، ونفس الأمر بالنسبة للعصور الوسطى، أما بالنسبة للعصر الحديث، فيحدث الأمره نفسه، ولكن مع تطور ملحوظ للترجمة، فقد ظهرت التكنولوجيا التي سهلت الأمر بشكل كبير. لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الهام الذي تقوم به الترجمة في الوقت الحالي، فقد أصبحت فن عالمي لا يوجد أحد يستطيع أن يستغني عنه، فقد صارت من الضرورات الحاسمة من أجل التطور والانفتاح على المجتمعات الأخرى وما يعيشه من تطور علمي وأدبي وثقافي واجتماعي وعلمي، فقد أصبحت العنصر الحاسم الذي يخلق مجتمع المعرفة، وذلك من خلال امتلاكها الكثير من اللغات الأخرى. وللترجمة أهمية عالمية كبيرة في عصرنا الحالي، ونجدها مستخدمة في جميع المجالات، فهي حاضرة بقوة في العديد من المظاهر الحياتية بشكل يومي، بداية من الجرائد اليومية، ونشرات الأدوية، ومروراً بالأفلام الأجنبية والسينما والمسرح والتلفزيون والبرامج، ووصولاً إلى الكتب والنصوص القانونية والرسائل الإلكترونية التي يتم تبادلها بين الشركات من مختلف الدول. ومع التطور التكنولوجي الذي نعيشه كان لابد من أن تخطو الترجمة خطوة في هذا الطريق، فقد أصبحت الآن أسهل ما يكون، فظهرت الكثير من البرامج والمواقع المخصصة للترجمة، وهناك أيضاً العديد من الشركات المتخصصة في ذلك، والتي تستعين بها المؤسسات الكبرى، مثل Protranslate.net - المترجم عربي إنجليزي والتي تقدم خدمات الترجمة من وإلى كثير من اللغات، ولكن على رأسها العربية والإنجليزية. فالترجمة كانت وما زالت تقوم بدور كبير جداً في توطيد العلاقات بين جميع شعوب العالم، فهي وسيلة نقل الحضارات، وجميع جوانب المعيشة، فلم تعد مجرد أسلوب لغوي، بل أصبحت مسألة ثقافية وحضارية تستخدم من قِبل جميع دول العالم، وبدونها لا يمكن الانفتاح على حضارات وثقافات الشعوب الأخرى.