أعربت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن قلقها العميق إزاء التقارير التى تفيد بأن النظام الإيرانى سجن الآلاف من المواطنين الإيرانيين، لمشاركتهم فى احتجاجات سلمية، مما جعل الإدارة الأمريكية أكثر قلقا، بحسب بيان صحفى صادر عن البيت الأبيض. أكد البيان أن ترامب لن يلتزم الصمت، بينما تقوم الديكتاتورية الإيرانية بقمع الحقوق الأساسية لمواطنيها، وسيحمل القادة الإيرانيين المسئولية عن أى انتهاكات. فالمتظاهرون فى إيران يعبرون عن مظالم مشروعة، بما فى ذلك المطالبة بإنهاء قمع حكومتهم وكذلك الفساد وإهدار الموارد الوطنية على المغامرة العسكرية. بينما يدعى النظام الإيرانى دعم الديمقراطية، ولكن عندما يعبر شعبه عن تطلعاته إلى حياة أفضل وإنهاء الظلم، فإنه يظهر مرة أخرى طبيعته الوحشية الحقيقية. وتدعو الولاياتالمتحدة إلى الإفراج الفورى عن جميع السجناء السياسيين فى إيران، بمن فيهم ضحايا حملة القمع الأخيرة، بحسب تعبير البيان. وفى المقابل، يسعى النظام الملالى لتصدير صورة مغايرة للمعطيات التى فرضتها الاحتجاجات الداخلية، من خلال الترويج بأنها تعكس مخططا خارجيا لتقويض دعائم النظام، خاصة بعد التدخل السريع من جانب الرئيس الأمريكي، ومحاولة الولاياتالمتحدة نقل ملف الاحتجاجات إلى مجلس الأمن الدولي، إلا أنه يمكن القول إن ثمة دوافع داخلية تسببت فى تصاعد تلك الادعاءات وانتقالها من مستوى الحديث والخطابات الشفهية؛ إلى مستوى الخطوات التصعيدية التى اتخذها النظام ضد تلك الاحتجاجات بداية من «مشهد» وصولا إلى العديد من المحافظات والمدن الإيرانية الأخرى. يذكر أن مثل تلك الاحتجاجات لم تكن الأولى فى تاريخ طهران، بما يعنى أن للنظام الإيرانى القائم دراية مسبقة بكيفية التعامل معها، فقد سبق أن شهدت محافظة «مشهد» احتجاجات مماثلة قبل 25 عامًا، وفى عام 1992، جرى إعدام سبعة محتجين على خلفية مسئوليتهم عن احتجاجات مشهد بقرار من محمد يزدي، الذى كان يرأس السلطة القضائية فى ذلك الوقت، كما شهدت مدينة قزوين احتجاجات شبيهة أثناء رئاسة هاشمى رفسنجاني، وفى عام 1994، شهدت مدن: شيراز، ومشهد، وأراك احتجاجات مماثلة جرى قمعها. وفى عام 2001، شهدت إيران احتجاجات المعلمين ضد حكومة خاتمي، وفى عام 2015، جرت احتجاجات لعمال المناجم على خلفية إغلاق عدد من المناجم وضياع حقوقهم، إلى أن تجدد المشهد مرة أخرى فى 2017 بورقة اقتصادية استدعى عدداً من السيناريوهات المُحتملة انعكاسا لدلالات لتلك الاحتجاجات وتداعيات استمرارها على نظام الملالى الداخلى بطهران. واتبع النظام الداخلى فى طهران عددا من الخطوات لمواجهة مثل تلك الاحتجاجات، حيث اتخذت إما خطوات سلمية، وذلك بنشر لغة الحوار مع تقديم الوعود حول «إعادة» النظر فى الموازنة التى قدمها الرئيس روحانى والعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية بالداخل، والخطوات الأخرى تمثلت فى التصعيد المضاد؛ بداية من تصاعد حالات الاعتقالات والعنف ضد المتظاهرين وصولا إلى التهديد بالاستعانة بالميليشيات المسلحة، ولعل أهم آليات المواجهة التى اتخذها النظام الإيرانى، منها الاتهامات بالعمالة، وتهديد المتظاهرين، والمواجهة العنيفة، وتشوية صورة المحتجين، وتطويق المحتجين، واستدعاء الميليشيات، وحجب «التواصل الاجتماعي»، وخطوات للتهدئة. ورغم كون الاحتجاجات تُعد مؤشرًا مهمًا على التحولات التى يشهدها المجتمع الإيراني، وما قد يعكسه مستقبلًا على شكل وبنية النظام القائم وأطرافة المختلفة، إلا أنه ما زال هناك عدد من السيناريوهات المُحتملة حال تصعيدها، إما باستراتيجية الاحتواء، بأن يقوم روحانى باحتواء تلك الاحتجاجات وتفريغها من مضمونها، بالقيام بإصلاحات اقتصادية ولو على المستوى الجزئى والمناطقى ببؤر الاحتجاجات، مع إطلاق خطط تنموية جديدة وصولًا إلى الإصلاحات الهيكلية، أو من خلال خطة لتحجيم الحرس الثورى وأذرعه الخارجية، وفى كل الحالات يصعب حتى الآن التنبؤ بمصير هذه الاجتجاجات، رغم أن الشواهد العامة تؤشر إلى أن شرعية النظام تتآكل، ولكن الواقع يؤكد أن قدرته على الاستمرار لم تنفد بعد.