يعد الكثير من مؤرخي الأدب البريطاني جوزيف روديارد كبلنج واحدًا من أشهر الشعراء والروائيين والقاصّين وكتاب الأطفال في العصر الحديث، وصفوه كذلك بأنه من أكثرهم إثارة للجدل والتباين في التقييم وقال عنه الكاتب هنري جيمس إنه "واحد من أكثر العبقريات كمالًا". ولد كبلنج عام 1865 في بومباي في الهند التي كانت حينها مستعمرة بريطانية، وعندما بلغ الخامسة من عمره أرسله والداه وأخته الصغيرة إلى انجلترا -كما جرت الأعراف في ذلك العصر- ليدرسا ويعيشا في كنف أسرة عانا الأمرين من قسوتها؛ ليدخل بعدها مدرسة خاصة بإعداد الضباط، غير أن صعوبة أوضاعهم المالية اضطرته إلى العودة إلى الهند وهو في السابعة عشرة ليعمل محررًا في إحدى الصحف المحلية في لاهور حيث عمل بمثابرة عجيبة. وفي عام 1886 نشر كبلنج أولى مجموعاته الشعرية، وفي العام نفسه سمح له بنشر قصصه القصيرة في تلك الصحيفة لينطلق بعدها في عالم الكتابة وليصبح في غضون فترة قصيرة واحدًا من أكثر الكتاب غزارة في الإنتاج، ومن مؤلفاته "قصيدة لو، البحار السبعة، عمل اليوم، على سور المدينة، القواد الشجعان"؛ وكان عاشقًا مهووسًا بالسفر فكان يجوب مختلف النواحي في آسيا وأوربا وأمريكا وأفريقيا، غير أن الهند حظيت بحصة كبيرة كمكان لأحداث قصصه وروايته ومنها رائعته كتاب "الأدغال" التي تعد واحدة من كلاسيكيات أدب الأطفال العالمي. حاز كبلنج عام 1907 على جائزة نوبل للآداب ليكون أول إنجيزي يحصل عليها وأصغر من يمنح هذه الجائزة، كما رشح عدة مرات لنيل لقب الفارس وشاعر البلاط غير أنه اعتذر عن القبول، وواصل الكتابة حتى أوائل الثلاثينات في لندن والولايات المتحدة ؛ ومن الطريف أن إحدى المجلات قد نشرت نعيه قبل يومين من وفاته فما كان منه إلا أن كتب إليها قائلًا: لقد سمعت للتو بأنني ميت، لا تنسوا إلغاء اشتراكي في مجلتكم؛ ورحل بعدها عن عالمنا في 18 يناير 1936 عن عمر ناهز السبعين عامًا من العمل والإبداع الأدبي.