بصدور قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الخميس، بإطلاق سراح السجين الأكثر شهرة، ميخائيل خودوركوفسكي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة يوكوس للنفط، الذي سجن قبل 10 أعوام عندما أشار للمنحى الاستبدادي لروسيا. بوتين، الحائز على السلطة السياسية منفردًا، يبدو أنه يمتلك هذا القدر من الثقة، حتى يخاطر بتحرير الرجل من السجن باعتباره واحدا من أشد المنتقدين له سياسيا، والذي لا تزال لديه الإرادة والموارد المالية لتحديه. قد يكون بوتين أيضا يتطلع إلى تقديم صورة إيجابية للعالم الخارجي، قبل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي تبدأ في مدينة سوتشي الروسية يوم 7 فبراير. جاء الإفراج عن خودوركوفسكي، أغنى رجل في روسيا والمنافس السياسي الذي يطمح في الوصول للسلطة، كتصرف غير متوقع وملفت للنظر من قبل بوتين. فالرجل سجن لمدة 10 سنوات، ولم يظهر النظام الروسي أي علامات تعاطف معه، كما أصدرت السلطات قرارا بتفكيك شركة خودوركوفسكي وتم متابعة التهم الجنائية، حتى وقت قريب في هذا الشهر، التي بدت أنها تهدف لإبقائه في السجن مدى الحياة. صحيح أن الحرية تمثل فصلًا جديدًا في حياة خودوركوفسكي، الذي هوى من التربع على عرش ثروة لا يمكن تصورها تقريبا إلى زنزانة في منطقة كاريليا قرب فنلندا، لكنه تمكن في نفس الوقت من الحفاظ على بعض الأمل بالكتابة في الصحف المختلفة، مع الحفاظ على بعض الممتلكات في الخارج، كما أن خودوركوفسكي أصبح شخصية عامة. الإفراج الوشيك عن خودوركوفسكي الذي أكده بوتين نفسه، مع نجاحه في تجنب ضربة عسكرية تقودها الولاياتالمتحدة على سوريا وتأمين نفوذ روسيا في أوكرانيا التي كانت على وشك الاقتراب من الاتحاد الأوروبي كل ذلك إضافة لرصيد الرجل المخابراتي. وتحدث بوتين بعد ساعات من تصويت البرلمان الروسي على قانون العفو الشامل، الذي سيستفيد منه عدد من المتهمين البارزين الذين نددوا وانتقدوا قمع المعارضة، منهم اثنان من الفنانين ونشطاء "غرينبيس" ال 30 الذين اعتقلوا في سبتمبر بعد احتجاجهم علي التنقيب عن النفط في القطب الشمالي. كما تم إسقاط التهم عن أربعة متظاهرين، اتهموا بالتورط في مواجهات مع الشرطة بعد انتخاب بوتين لفترة رئاسية ثانية عام 2012. جاء اقترح بوتين بهذا العفو بمناسبة الذكرى 20 للدستور الروسي هذا الشهر، لكن يبدو من اختيار هذا التوقيت أيضا أن بوتين يهدف لتهدئة الإنتقادات لسجل روسيا في مجال حقوق الانسان قبل بدء دورة الألعاب الاولمبية. حيث يمكن استنتاج ذلك من تصريح بوتين، خلال مؤتمر صحفي، حيث قال "هذا القرار لجعل سياسة العدالة الجنائية لدينا أكثر إنسانية". ورغم أن الدوافع التي أعلنها بوتين للإفراج عن المعارض الروسي العنيد هي دوافع انسانية،غير أن الحقيقة أن وراء هذا القرار أهداف أبعد ما تكون عن الانسانية، إذ أغلبها تتعلق بتحسين صورة روسيا في ملف حقوق الانسان واستكمال لنجاحات بوتين هذا العام، الذي يمكن ان يطلق عليه عام "بوتني" بإمتياز، نظرا لنجاحاته في إعادة روسيا كقوة دولية لا يستهان بها علي الصعيد العالمي وعلي الصعيد المحلي بعد كبواتها الماضية.