* 40 منزلا في القرية في انتظار الانهيار بسبب الصرف الصحي * الأهالي: "تعبنا من الشكوى.. وأزمتنا تائهة بين المحافظة والآثار دون توفير البديل" "يبدو أن المقابر الأثرية أهم عند المسؤولين من أرواح المواطنين"، هذا هو ملخص معاناة أهالي قرية "الطارف القديم"، ففي القرية تعاني أكثر من 40 أسرة من خطر التشرد بعد تصدع وانهيار منازلهم، ومنذ قرابة الأسبوع انهار منزل بمنطقة الطارف القديم، والتي تمتد من مستشفى القرنة إلى منطقة الرواجح، ومن سور الآثار الجديد إلى ترعة أصفون غرب الأقصر، ما أسفر عن وفاة سيدة وإصابة زوجها، وتكررت الأزمة منذ يومين وانهار منزل آخر، ولكن العناية الإلهية أنقذت أهالي المنزل ولم يصبهم أذى بسبب عدم وجودهم داخله وقت انهياره. من جانبهم، أكد سكان المنطقة المنكوبة أن مشكلتهم تتلخص في أن الأرض التي بنيت عليها منازلهم يتواجد أسفلها ما يطلق عليه "باب حجر"، بمعنى أنه توجد تحتها مقابر أثرية ما يعرضها لانهيارات بسبب وجود سراديب فارغة تحتها، وقال خالد محمد – أحد سكان المنطقة - إن هذه المنطقة كثيرا ما تتعرض لانهيار المنازل دون تدخل من المسؤولين أو توفير تعويضات مناسبة، مشيرا إلى أن السبب في تكرار انهيار هذه المنازل هو أن طبيعة الصخور بتلك المنطقة من الحجر الجيري، وأن هذه الأراضي الموجودة بالطارف القديم كلها مبنية فوق ما يطلق عليه "بيبان الحجر"، وبنيت فوقها مدارس ومساجد ومساكن منذ القدم، ونظرا لاستخدام تلك البيوت للمياه والصرف الصحي التقليدي، تأثرت طبيعة الحجر الجيري بالمياه، مشيرا إلى أن هذه المنطقة تعوم على بركة من مياه الصرف، وهو ما أدّى إلى تصدّع وسقوط بعض المنازل. وأضاف "خالد": "تعددت مطالبنا للمجلس المحلي بحل المشكلة، إما عبر توفير مساكن ملائمة أو تهجير الأهالي أو تركيب صرف صحي جيد، ولكن كان الرد أن التهجير سوف يتكلف ميزانية كبيرة، والمحافظة ليست لديها القدرة على ذلك في الوقت الحالي، أو على تركيب الصرف الصحي، وأكدوا لنا أنه ليس هناك مانع من تركيب الصرف الصحي ولكن هناك مشكلة تحول دون التنفيذ، وهي أن المنطقة يقع تحتها عدد كبير من المقابر الأثرية، فإذا تم الحفر من الممكن أن تصطدم أدوات الحفر بمقبرة ونضطر وقتها إلى وقف الحفر"، مشيرا إلى أن المتسبب في هذه المشكلة التي يعانون منها هي الهيئة العامة للآثار، التي تقف ضد تنفيذ مشروع الصرف الصحي، وتساءل خالد: "وما ذنبنا؟، وماذا نفعل؟، فنحن معرضون لكارثة حقيقية دون تجاوب من المسؤولين"، واختتم "خالد" كلامه قائلاً: "إن المسؤولين يضحون بأرواحنا من أجل الأحجار والمقابر، مع العلم أن مشكلتنا تختلف عن مشكلة طريق الكباش، لأن الأخير تتواجد تحته آثار بالفعل، ولكن هذه المقابر الموجودة أسفل منازلنا مقابر فارغة، وهي عباره عن مخازن مناجم ليس بها شئ، وليست بها كنوز ولا نقوش، بمعنى أنه لا توجد آثار ذات قيمة بل كلها أحجار". أما العذب التهامي محمود، فمشكلته هي "أم المشاكل" بحسب وصفه، فلديه عائلة كبيرة يبلغ عددها 25 فردا، تتكون من والده ووالدته وهو وإخوته الأربعة وزوجاتهم، مضيفا أن منزله يقع إلى جوار المنازل المنهارة مباشرة، وأنه قام بتهجير أبنائه من المنزل لأنه آيل للسقوط، رغم أنه مبني بالخرسانة، لكن أرضية المنزل وحوائطه تشققت، والمنزل معرض للانهيار في أي وقت، وتابع التهامي: "وعندما تقدمنا بشكوى إلى الشؤون الاجتماعية بعدما انهار المنزل المجاور، قال الموظف المختص لن نعطيكم تعويضا إلا إذا انهار المنزل بالفعل"، مشيرا إلى أن السيدة التي انهار المنزل عليها وتوفيت لم يحصل ذويها إلا على 1000 جنيه بعدما توفيت، كما أن رئيس مجلس المدينة قال: سوف نقوم بعمل لجنة للحصر ومحاولة إيجاد حلول، ولكن توفير مسكن آخر في الوقت الحالي صعب. أما ماجدة محمود "ربة منزل" فتقول: "نحن لا نريد مدينة جديدة، ونعلم أن ذلك شئ صعب، لكن لماذا لا يوافقون على مدّ شبكة صرف صحي طالما أن هناك شبكة كهرباء وخطوط ماء، خاصة وأن هناك ميزانية موجودة لذلك بالفعل"، مشيرة إلى أنهم يشعرون بالرعب من تكرار تلك الانهيارات، كما أن هناك معهداً للفتيات معرض هو الآخر لخطر الانهيار، ما قد يؤدّي إلى مأساة بسبب وجود عدد كبير من الطالبات بالمعهد. وتقول زينب أحمد حسن، 60 سنة، وهي التي انهار منزلها الأسبوع الماضي: "نطالب المسئولين بالنظر إلينا وتعويضنا بدلا من تلك المنازل التي انهارت، ابني أصيب وزوجته توفيت، وقاموا بصرف خيمة لنا وحذرونا من إتلافها وإلا سنقوم بدفع 4000 جنيه ثمن الخيمة، وأن أعول 6 أيتام أقوم على تربيتهم، نرجو إنقاذنا والنظر ‘لينا بعين الاهتمام والرعاية من المسؤولين". أما عويس سلطان، 25 سنة، عامل بفرن وورشة ألباستر، ومصاب جراء انهيار أحد المنزل، يحكي مأساته قائلا: "كنت نائما عندما انهار المنزل، وزوجتي سقطت فوقي، ووالدتي أيضا، ولم أستطع التحرك بعدها، وعرفت بعد ذلك أنني قضيت أكثر من 5 ساعات تحت الأنقاض، وحاول الجيران إخراج زوجتي ولكنها كانت قد لفظت أنفاسها الأخيرة، وكانت حاملاً في توأم، ولم أشعر بشئ بعدها وتم نقلي إلى مستشفى القرنة ومنها إلى المستشفى العام الذي طالبنى بدفع 500 جنيه نظير المبيت في المستشفى، ورفضوا إدخالي بسبب عدم وجود المبلغ معي، وذهب أهلي بي إلى المستشفى الدولي وقاموا بالكشف السريع عليّ ثم أخرجوني بالرغم من أنني مصاب بكسور في الذراع والظهر، وانتقلت إلى منزل عمي وأقيم هناك حاليا منذ انهار منزلي، وذلك بسبب عدم وجود مأوى آخر، ولا تزال والدتى وشقيقتي تنامان في العراء دون أن يحرك الوضع ساكنا عند المسؤولين.