على مر الحرب السورية المشتعلة، والنظام السوري وكذلك المعارضة تستغل مسألة اللاجئين لتحقيق أهداف اقتصادية وعسكرية هامة، حيث إنها تعتبر أكبر ورقة ضغط في يد الطرفين للحصول على الدعم العالمي. لا أحد يعلم هل من المفترض أن نلوم اللاجئين السوريين أو نشفق عليهم فقد برع النظام السوري والمعارضة في جعلهم مصدر مالي هام لشراء الأسلحة لتمويل الحرب في سوريا، حيث أنهم أصبحوا ضحية هذا الخلاف المستمر بل ووقود غير مباشر لاستمرار هذه الحرب، فالطرفين المتحاربين يضغطون على المجتمع الدولي للحصول على مساعدات لهؤلاء اللاجئين الذين يعانون من التشرد ونقص الموارد، إلا أن الطرفين يستخدمون هذه المساعدات لشراء أسلحة واستكمال المسيرة القتالية على حساب اللاجئين، وبذلك فإن الاستغلال السياسي لمسألة اللاجئين نتج بالإيجاب على كلا الطرفين، بينما خرج اللاجئين الخاسرين على الرغم من أن هذه المساعدات تأتي باسمهم. 1- النظام: ذكرت صحيفة " صنداي تايمز البريطانية" منذ بضعة أيام أن رجال أعمال مقربين للأسد نجحوا بخداع الحكومات الأوربية للإفراج عن مئات الملايين من اليورو من الحسابات المصرفية المجمدة للحكومة السورية بمزاعم استخدامها لشراء مواد إغاثة للمواطنين. وبينت الصحيفة أن الأموال التي تم تجميدها في جميع دول الاتحاد الأوربي بعد اندلاع الأزمة السورية يجري تحويلها لدعم الأسد وتسليح جيشه، لافتة إلى أن الإتحاد الأوربي كان يجيز الإفراج عن الأموال المجمدة لشراء المواد الغذائية ولأغراض إنسانية لصالح اللاجئين السوريي، إلا أنها كانت تستخدم من أجل تمويل الرئيس السوري بشار الأسد. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج أن " نظام الرئيس الأسد يستخدم الغذاء كسلاح، بعد أن فقد مئات الملايين من اليورو نتيجة تجميدها من قبل الاتحاد الأوروبي ". ونشرت الوكالة العالمية " رويترز " مقالاً مطولاً ففي مستهل شهر نوفمبر الماضي كشفت فيه أن ورد أن شخصيات سورية بارزة في النظام أنشأت شركات وهمية، تستخدمها واجهة فقط لاستغلال خطوط شحن بحرية لنقل إمدادات الغذاء والسلاح إلى سوريا، وعلى رأسهم رامي مخلوف ابن خال الأسد وأكبر حلفائه الماليين، وايمن جابر الذي شملته العقوبات الدولية. ويؤكد التقرير أن شبكات سرية تابعة للنظام السوري عبر وسطاء انتهزت فرصة تدفق الغذاء على سوريا من جديد لجني مليارات من الدولارات. فأثرياء النظام يستغلون خطوطًا ملاحية وشركات نقل لا تتعاطى مع السلع الغذائية فقط، من خلال شبكات تعمل في أوروبا والشرق الأوسط، خصوصًا في لبنان، لتسهيل حركة التجارة، بعدما سمحت فرنسا باستخدام حسابات مصرفية سورية مجمدة لدفع تكاليف صادرات الغذاء. ولفتت " رويترز " إلى أن إنشاء خطوط إمداد يمكن الاعتماد عليها في توريد السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود إلى اللاجئين والشعب السوري بات أمرًا شديد الأهمية لجهود النظام لهزيمة المعارضة المسلحة. ويكشف التقرير بعضًا من الشركات التي تعمل لحساب نظام الأسد، وبينها مجموعة أمان، التي تديرها عائلة فوز من اللاذقية، وهي وسيط في صفقات المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب، وشركة ياس مارين للنقل البحري، وهي مسجلة في طرابلس في شمال لبنان، نقل أسطولها شحنات عدة خلال الأشهر الماضية من موانئ في أوكرانيا وتركيا وروسيا ولبنان إلى ميناء اللاذقية السوري. 2- المعارضة: خلال ندوة تضامنية في كندا مع الشعب السوري في بداية الشهر الجاري نظمتها حركة " التضامن مع سوريا"، أوضح المشاركون أن اللاجئين السوريين ليسوا سوى دعاية إعلامية خاصة في لبنان من أجل أن تحصل المعارضة على السلاح وعلى الدعم المالي العالمي. وبين المشاركين أنه من المخجل أن يتم تخصيص هذه المخيمات بمبالغ كبيرة تقدر بملياري دولار في حين لا يتجاوز عدد اللاجئين فيها 250 إلى 275 ألف لاجئ لأن هذه المبالغ هي نوع من تبييض الأموال وتستخدم لشراء الأسلحة من قبل المعارضة السورية. وفي شهر اكتوبر الماضي، نشرت صحيفة " التلغراف " البريطانية تقريراً جاء فيه أن الأموال المخصصة لدعم اللاجئين السوريين من قبل الدول الغربية تذهب لدعم الإرهاب والتطرف، حيث تستولي المعارضة عليها لشراء أسلحة. قال وليم شوكروس، رئيس لجنة المؤسسات الخيرية، أن المحامين الذين يعملون في الجمعيات لديهم واجب تقديم تقرير للشرطة حول الأموال المسربة للمتطرفين الإرهابيين، مضيفا أنه صدم من حقيقة أن المعارضين يمكنهم وبشكل قانوني أن يكونوا أمناء في هذه الجمعيات. وأضاف شوكروس أن المال الذي من المفترض أن يهدف إلى تخفيف أزمة اللاجئين كان "بلا شك" يذهب الى جماعات متطرفة، موضحاً أن الجمعيات الخيرية العاملة في مناطق النزاع في سوريا والبلاد المحيطة بهم هم ليسوا وحدهم في خطر إذ يمكن أن تتخذ الأعمال التخريبية التي يقوم بها الإرهابيون والمتطرفون أشكالا عديدة لتهدد أي جمعية خيرية في أي مكان، وأن يستغل الإرهابيين التمويل الخيري ويسيئوا استخدامها". كما نشرت الصحيفة نفسها تقريراً أخر في نفس الشهر حذرت فيه أن "المبلغ النقدي الذي قدمه البريطانيين لمساعدة الملايين من الناس الهاربة من الحرب في سوريا كانت بلا شك لدعم المعارضة".