الذكاء والغباء أمران ينتقلان إلى البشر بمرور الوقت، الأمر الذى يجهله العديد من الناس، ولكن تم مؤخرًا عقد تجارب أكدت دور المحيطين بنا فى رفع وخفض مستوى الذكاء لدينا. ويعتقد الباحثون أن هذه الدراسة ستقلب الطاولة على جدل علمى استمر لمئات الأعوام، بين طرف يعتقد أن الذكاء مرتبط بالجينات والوراثة بشكل أساسى وأوحد، وطرف آخر يعتقد أن التعليم وتجارب الحياة لها الدور الأساسى فى تطوير ذكاء الإنسان فقط، إذ يبدو بحسب الدراسة أن كلا الطرفين مخطئان، فهناك أكثر من عنصر يشترك فى بناء عقل الإنسان. والصداقة إحدى أهم عناصر الحياة التى تساعد الإنسان على اكتساب بعض المفاهيم والأشياء، فكما يرى «أرسطو» أن الصداقة الحقيقية، هى العنصر الحاسم فى تشكيل ما يسميه ب«الحياة الجيدة» أو «الحياة الرغدة»، وهى السبيل الأمثل لتحقيق رفاهية الإنسان، وبناء عقله، وهى أهم العناصر فى تشكيل اتجاهات المرء فى الحياة، ولذلك تعد الصداقة هى الأساس فى نقل عدوى الذكاء والغباء من البيئة المحيطة؛ فقد كشفت الدراسات أن الصداقة الجيدة بأشخاص إيجابيين تدفعك إلى الإيجابية والاختلاط بأشخاص سلبيين تدفعك إلى التفكير بسلبية فى مستقبلك. وقد قال دكتور «جمال فرويز»، إن ارتباط الشخص بأصدقائه أمر طبيعى وضرورى وصحي، بشرط أن يكون المرء على دراية كافية بكيفية اختيار الأشخاص الجيدين، كما أوضح دكتور «جمال» أن الذكاء والغباء أمران يجب على المرء أن يراهما فى أصدقائه، كما يجب تدخل الأهل فى صداقة أطفالهم فى فترة المدرسة إذا رأوا تراجعا فى المعدل الدراسى لأطفالهم، فقد يكون هذا بسبب مرافقتهم بعض الأشخاص الذين يدفعونهم إلى خفض مستوى الذكاء والتركيز لديهم. وتقول مدام «منى مجدي»، أم لطفلين: «إنها لاحظت بالفعل تغير طريقة تفكير أولادها بتغيير الأصدقاء، وأنها ترى أنهم أكثر تأثيرًا من المنزل عليهم، وأن اختيارهم أمر ليس بالسهل مطلقًا، فقد عانت الكثير فى أثناء مرحلة الاختلاط بالعالم الخارجى وتكوين الصداقات؛ حيث فشلوا كثيرًا فى إيجاد أشخاص مثلهم، وتأرجحوا بين الفشل والتفوق حسب نوع الأصدقاء». وأوضحت دينا سيد، 23 سنة، «أن للأصدقاء دورا مهما فى حياة الإنسان شرط أن يدفعوه إلى الأمام، وأن يكونوا قوة إيجابية له، وأن يسنده لكى يحقق أهدافه وأحلامه فى الحياة، وأنها تؤيد فكرة أن الأصدقاء قد يأخذون بيد الإنسان إلى أعلى بزيادة نسبة الذكاء لديهم أو يصيبهم بالغباء فيضيع مستقبلهم ويهدم». وقال ياسين ترك، 27 سنة: «إن الأصدقاء معادن، فمنهم من يساعدك للتقدم ومنهم من يأخذ بيدك إلى أسفل المراتب، ويرى ياسين أن الغباء والذكاء بالتأكيد ينتقلان بالعدوى بجانب بعض العوامل الأخرى، والتى قد تساعد الإنسان على اكتساب المزيد من الذكاء، كما أن الأصدقاء قد يساعدون المرء على تخطى بعض المواقف الصعبة بذكاء وحكمة». وعبرت ميار سامي، 21 سنة، «أن الأصدقاء هم العائلة الأخرى للشخص، فهم أقرب إليه بسبب قرب السن والعقل وتواجدهم فى الأماكن ذاتها، كما أن آراءهم تؤثر فينا باستمرار، لذلك علينا مراعاة اختيار الأصدقاء الأذكياء حتى لا يضعونا فى الكثير من المشاكل ولتفادى عدوى الغباء». وأوضح أحمد عبدالحميد، 23 سنة، «أن اختيار الأصدقاء ليس أمرًا سهلًا تمامًا، فالإنسان يخطئ كثيرًا ويتعب كثيرًا ليجد فى النهاية الصديق الجيد والذى لا يدفعه إلى المخاطر والمصائب، كما أن الإنسان يتأرجح حسب تفكير أصدقائه، مما يعنى أن الذكاء والغباء هما بالفعل أمران ينتقلان بالعدوي، فقد يرجع المستوى الدراسى نتيجة لوجود شخص يحفزه على الإهمال والكسل، مما يزيد نسبة الجهل والغباء لدى الفرد، والعكس صحيح».