شارع السودان، كوبري همفرس .. فقط بتلك الكلمات يمكنهم أن يعبروا عن عنوانهم، أسر كثيرة نشأت وماتت هنا، في هذا المكان، لم تجد لأنفسها مأوى أو مسكن آخر، فكان الجو حارًا مشمسًا يعانون من حرارة الجو الحارقة، وإذا كان باردًا ممطرًا كوقتنا هذا، يعانون أشد المعاناة من البرد، وما بين معاناه البرد والحرارة تتجلى معاناة الفقر. انتقلنا إلي مكان معيشتهم، الكائن تحت كوبري همفرس بشارع السودان بمنطقة الدقي، وحاولنا التقرب من مشاكلهم واستعراضها أمام الجميع لبيان مدى معاناتهم، كنموذج للعديد من المصريين في هذه الحالة، بل أسوأ من ذلك، معاناة الظلم، فالحكومة أقرت لجزء منهم "عمارات" كبديل عن العشش مكونة من غرفتين وصالة، وبدأت تسليمها بالفعل، ولكن جاء الجزء الآخر ليحصل على وعد من الحكومة بتوفير شقق مكونة من غرفة واحدة وصالة، في حين أن أقل أسرة هناك تتكون من 7 أفراد، وبين رفض الأهالي ورفضهم التحرك من العشش إلا بالمساواة مع أقرانهم، وبين معاناة البرودة، كان لنا التقرير التالي. قال محمد عواد، أحد سكان المنطقة، أنا ولدت هنا، وأبي و جدي يعيشان هنا، حياتي عادية، لأني ليس لدي أي بديل، فأنا هنا أعيش وسط الطين و العشش منذ طفولتي، وبالتالي فالعيشة هنا "عادي" والمنطقة ملكنا، ولو لم تساوي الحكومة بيننا و بين الذين استلموا العقارات، سنبني هنا، ولن نخرج أبدًا. وقال فهد السوام، نحن هنا منذ 40 عامًا، وبالتالي المطر و البرد لا تشكل أي عائق لنا، ولكن المشكلة الكبرى في الأطفال والشيوخ، فهم لا يتحملون البرد، وللأسف تسقط المياه على السقف لتجعل من البيت كله شحنة من الكهرباء، وبالتالي دائمًا ما يتعرض الأطفال خاصة ل "صعقة الكهرباء"، لكن البرد و المطر لا يؤثر فينا لأن "جتتنا أخدت على كده" على حد قوله. وقالت أم فوزي، بائعة فجل، تقطن غرفة مساحتها أربعة خطوات للطول و خطوتين للعرض، عن رفضها الشديد للوضع الحالي، فهي تجلس على سرير مكون من ركام من الخشب، مدعم بقصاصات من القماش و أجزاء من العلب الفارغة، تتصارع من البرد من ناحية، ومع أحلامها بالشقة من ناحية أخرى، وتقول " نعمل ايه أدي، أدينا بردانين و أمرنا لله". وأكدت زينات محمود، أن المطر يعد مشكلة كبرى من ضمن المشاكل الضخمة التي تقابلها، فالبيت كله عبارة عن شحنة كهرباء، كل شوية عيل من العيال "تتكهرب"، والمطر كل شوية يدخل للبيت، ويجعل من الغرفة "مسبح" ونحاول طرد المياه ولكن بلا جدوى، فالعشش خرجت منها الطيور بعدما وجدتها غير مناسبة، ونحن لا نجد بديلًا لكي نخرج، وربنا يسهل.