كان ذلك قبل أربعة قرون حين بُنى مسجد فوق جسد مسجى لرجل جاء من اليمن إلى مصر ليضع منهجًا صوفيًا أسس عليه طريقة عرفت بعد ذلك ب«الأحمدية المرازقة». الجسد كان للشيخ مرزوق الأحمدى أما المسجد فعرف ب«المرزوقي» ويقع عند تقاطع شارعى قصر الشوق وحبس الرحبة بمنطقة الجمالية. على مساحة لا تزيد على مائة وخمسين مترا يجتمع فيها أربعة أعمدة ومنبر خشبى ومحراب اعتاد أن يحج مئات الآلاف من المتصوفة.. تحديدًا مريدى طريقة الأحمدية المرازقة التى تعد أحد أكبر الطرق الصوفية فى مصر وتنتشر فى أغلب الدول الإسلامية. رغم ذلك تعانى الطريقة من فقر يظهر بشدة على جدران مسجدها التى زحفت عليها معالم الزمان، السقف أيضًا لم ينج منها منذ تعرضت عروقه الخشبية لتشققات. أما اللوحات التى تحمل بعضًا من أوراد شيخ الطريقة فقد تآكلت أطرافها وطمس أغلبها الغبار. الشيخ صلاح دنيا، سكرتير عام الطريقة، أرجع حالة المسجد لتقاعس وزارة الآثار التى يتبع لها المسجد عن أعمال الترميم، قائلا: «ناشدنا وزارة الآثار عشرات المرات وأخبرناهم أن المسجد فقد معالمه دون جدوي»، وتابع: «صيانة وترميم المسجد دور الوزارة وأى انهيار مسئوليتها فى النهاية». وأشار إلى أن المسجد لا يخضع لوزارة الأوقاف، لأنه أثر تاريخى وليس مجرد بيت للصلاة، بداية من كلمات السقف المرسومة بالخط العربي، وحتى أثر القدم الإنسانى الذى استقر فى المحراب ويقال إنه للرسول صلى الله عليه وسلم. ويعتبر هذا الأثر إحدى تسع طبعات لأثر قدم النبى فى الصخر، كما ذُكر فى الكتيب الخاص بالآثار النبوية بالمتحف الإسلامى بإسطنبول، كذلك كتاب الآثار النبوية لأحمد تيمور باشا الذى أحصى سبعًا منها، أربعة بمصر وواحدة بكل من القدس وإسطنبول والطائف. ويعود تاريخ هذه الطبعة من قدم الرسول إلى رواية يرددها أبناء الأحمدية المرازقة تقول إنه فى سنة 636 من الهجرة، التقى الشيخ مرزوق الأحمدى اليمنى بالقطب النبوى سيدى أحمد البدوى فى رحاب الروضة الحسينية بالقاهرة، وأعطاه «البدوي» العهد الوثيق يدا بيد وصار أول خلفائه. بعدها منحه أثر قدم الرسول كهدية ليستقر به الحال فى المسجد كأول أثر لقدم النبى ضمن أربعة موجودة فى مصر. إلى جانب ذلك يحصل المسجد على مكانته ليس فقط من طول عمره بل من الضريح الذى يستقر عند مدخله الجانبى وينام فيه المرزوق الذى يتبعه مئات الآلاف من أبناء طريقته حول العالم العربى والإسلامي، ما يعنى أنه مزار للمتصوفة القادمين إلى مصر.