في 25 مارس 1954 قدم خالد محيي الدين استقالته من مجلس قياده الثورة، وانتصر فريق الزعيم الراحل جمال عبد الناصر على فريق الديمقراطية بزعامة محمد نجيب، والتي عرفت بعد ذلك بأزمة مارس الشهيرة، والتي انتهت بخروج من نادوا بالديمقراطية وبقاء من أيد الديكتاتورية. استقالة خالد محيي الدين -عقب أحداث شد وجذب- بدأت منذ تقديم محمد نجيب استقالته لمجلس قيادة الثورة في 23 فبراير 54؛ لشعوره أن المجلس يتجاهل مكانته كرئيس له وللجمهورية عند اتخاذ القرارات، وقبول المجلس لها لاعتقاده أن محمد نجيب يحاول فرض آرائه عليه ولا يلتزم بديمقراطية اتخاذ القرار. تلك الاستقالة أدت إلى اشتعال الموقف السياسي في مصر، تولد عنه دخان كثيف جعل تحديد بوصلة اتجاه رأي الشعب غير يسير. ولو أخذنا الأحداث التي أعقبت استقالة محمد نجيب في لقطات سريعة لأدركنا ذلك: عقد سلاح الفرسان اجتماعًا مع عبد الناصر، في 25 فبراير، طالبوا فيه بعودة محمد نجيب، وتحرك سلاح المدفعية نحو سلاح الفرسان ومحاصرته؛ اعتراضًا على موقفه من اعتقال البوليس الحربي لضباط سلاح الفرسان وتحليق الطيران الحربي فوق سلاح الفرسان. ثم توجه اليوزباشيان كمال رفعت وداود عويس إلى منزل محمد نجيب واعتقاله في سلاح المدفعية، وتدخل عبد الحكيم عامر للإفراج عنه، ثم تحركت مظاهرات شعبية دفع بها الإخوان في ميدان عابدين تطالب بعودة محمد نجيب. وصفه جمال عبد الناصر بالصاغ الأحمر؛ في إشارة إلى توجهاته اليسارية، وحينما دعا الصاغُ خالد محيي الدين رفاقَه في مارس 1954 إلى العودة لثكناتهم العسكرية لإفساح مجال لإرساء قواعد حكم ديمقراطي؛ نشب خلاف بينه وبين جمال عبد الناصر ومعظم أعضاء مجلس قيادة الثورة، استقال على إثره من المجلس، وآثر -ربما تحت ضغوط من عبد الناصر- الابتعاد إلى سويسرا لبعض الوقت. بعد عودته إلى مصر ترشح في انتخابات مجلس الأمة عن دائرة كفر شكر عام 1957، وفاز في تلك الانتخابات، ثم أسس أول جريدة مسائية في العصر الجمهوري، وهي جريدة المساء، وشغل منصب أول رئيس للجنة الخاصة التي شكلها مجلس الأمة في مطلع الستينيات لحل مشاكل أهالي النوبة أثناء التهجير. تولى خالد محيي الدين رئاسة مجلس إدارة ورئاسة تحرير دار أخبار اليوم خلال عامي 1964 و1965، وهو أحد مؤسسي مجلس السلام العالمي، ورئيس منطقة الشرق الأوسط، ورئيس اللجنة المصرية للسلام ونزع السلاح. وحصل على جائزة لينين للسلام عام 1970، وأسس حزب التجمع العربي الوحدوي في 10 أبريل 1976. اتهمه الرئيس السادات بالعمالة لموسكو، وهي تهمة كانت توجه للعديد من اليساريين العرب في حقبتي السبعينيات والثمانينيات. وفي السنوات التي سبقت اعتزاله السياسي أبى المشاركة في انتخابات رئاسية مزمعة في مصر؛ ليقينه بأن الانتخابات لن تكون نزيهة، وأن مشاركته ستستخدم لتبرير شرعية الرئيس مبارك. كان عضوًا في مجلس الشعب المصري منذ عام 1990 حتى عام 2005 حينما خسر أمام مرشح الإخوان المسلمين. حافظ خالد محي الدين.. الفارس طوال حياته.. على انحيازه الدائم لمبادئ الديمقراطية؛ فهو الذي أسس حزب التجمع اليساري، وهو كان أول رئيس حزب سابق في الحياة السياسية المصرية حتى اعتزاله العمل العام.