اختتم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، زيارته إلى العراق التي استغرقت يومين، للتعبير عن التضامن مع الشعب العراقي الذي يقف في طليعة المعركة ضد ارهابيي داعش. ولفت "جوتيرس"، الأنظار الى المعاناة الهائلة للنازحين موجها نداء قويا للحصول على مزيد من المساعدة من المجتمع الدولي لضمان توفير الإغاثة الفورية والسلام المستدام على المدى الطويل بعد هزيمة تنظيم داعش. وناقش الأمين العام للأمم المتحدة مع المسئولين في بغداد وأربيل الاوضاع الإنسانية القاسية التي لا تزال واحدة من أكبر الأوضاع الإنسانية صعوبة وأشدها تعقيدا في العالم والتي تضرر منها الملايين فضلا عن الوضع السياسي والجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية في فترة ما بعد "داعش". وأكّد أن زيارته إلى العراق هى رسالة لإعلان التضامن معززا رسالته بزيارة إلى مخيم للنازحين الذين هربوا من القتال الدائر في الموصل. كما ناشد "جوتيريس" المجتمع الدولي لتقديم دعم إضافي للعراق في جهود الإغاثة الإنسانية وفي تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار فضلا عن تعزيز المؤسسات الوطنية لتهيئة الظروف الملائمة للمصالحة الوطنية، وخصّ بالذكر معاناة النازحين في الموصل عندما وجه نداءه لمزيد من المساعدة الدولية قائلا في تصريحات لوسائل الإعلام في مخيم حسن شام: "لقد عانى هؤلاء الناس كثيرا ولا زالوا يعانون ونحن بحاجة إلى مزيد من التضامن من جانب المجتمع الدولي". كان "جوتيريس" قد أجرى في بغداد محادثات منفصلة مع رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم ورئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري ووزير خارجية جمهورية العراق الدكتور إبراهيم الجعفري. عقب ذلك توجه الأمين العام إلى أربيل، حيث اجتمع مع مسعود بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان، كما التقى في أربيل مع أمير الطائفة الأيزيدية تحسين سعيد علي بيك الذي قاد وفدا من الطائفة الأيزيدية التي عانت من فظائع "داعش". وأكد الأمين العام على التقدم الكبير على أرض الواقع في الحرب ضد داعش واصفا المرحلة الحالية بأنها "لحظة تاريخية" للبلاد مع اقتراب النصر على الجماعة الإرهابية متمنيا إكمال تحرير الموصل قريبا. كما رحّب بإلتزام حكومة العراق بحماية المدنيين في أثناء سير العمليات العسكرية والاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وأثنى على تضحيات الشعب العراقي وقوات الأمن العراقية والبيشمركة في محاربة داعش. وفي الوقت الذي يدرك فيه الأمين العام بأن هزيمة تنظيم داعش لا يمكن أن تتم دون معالجة الأسباب الجذرية للعنف والأيديولوجية الكامنة التي تشجع على التطرف العنيف فإنه يرحب بالتزام الحكومة بالحوار الوطني والمصالحة الوطنية، وناشد إجراء حوار وطني لتحقيق المصالحة الوطنية بالإشارة إلى من بين جملة أمور، مبادرة التسوية الوطنية للتحالف الوطني وورقة الرؤية التي عرضت عليه أثناء اجتماعه مع رئيس مجلس النواب الدكتور الجبوري. كما شجّع "جوتيريس" العراقيين على المشاركة بقوة في جهود المصالحة الوطنية لضمان سلام مستدام في فترة ما بعد هزيمة "داعش" بهدف تحقيق مستقبل قائم على المساواة في الحقوق والمساواة في المعاملة والعدالة والمساءلة. وشدد الأمين العام على أن العدالة لضحايا الفظائع التي ارتكبها داعش و"المساءلة الفعالة" لمرتكبي تلك الفظائع هي من المسائل التي لا بد من معالجتها ليس فقط لإبراز جرائم داعش بل أيضا لثني الشباب المستاء عن السير في طريق الإرهاب، قائلا "يجب أن تكون الحرب ضد الإرهاب مصحوبة بمكافحة الأسباب الجذرية للإرهاب والكشف جليا عن مدى فظاعة الجرائم التي ترتكبها المنظمات الارهابية مثل داعش". وكذلك حث الأمين العام على التعاون والدعم الإقليميين للعراق والتعاون مع حكومة العراق بالاعتماد على الإشارات والتعهدات في مؤتمر القمة الأخير لجامعة الدول العربية الذي عقد في الأردن تحقيقا لهذه الغاية. وشدد "جوتيريس" على أن بناء مؤسسات قوية ومرنة سيضمن الاستقرار على المدى الطويل وأعرب عن التزام الأممالمتحدة بالمساعدة في هذه العملية، ورحب أيضا بالتزام رئيس الوزراء العبادي بمحاربة الفساد وشجعه على مواصلة جهوده للإصلاح لمعالجة أوجه الضعف المؤسساتي وتعزيز الحكم الشامل للجميع وتقديم الخدمات العامة وإدخال الإصلاحات الاقتصادية اللازمة وضمان الشفافية والمساءلة والإسراع بنقل الصلاحيات المركزية الى الحكومات المحلية لتحسين تقديم الخدمات. وفيما يتعلق بالعلاقات بين بغداد وأربيل، شجع الأمين العام على تعميق التعاون والحوار البنّاء بين الحكومة في بغداد وإقليم كردستان بما في ذلك القضايا المتعلقة بالأمن وإيرادات النفط والغاز والميزانية والحدود المتنازع عليها وعودة النازحين إلى مناطقهم على أن تكون تلك الخطوات مصحوبة بمشاريع إعادة الاستقرار وإعادة الإعمار والتأهيل مبديا استعداد الأممالمتحدة لتقديم المساعدة فى هذا الصدد.