أول ما لفت نظري أثناء دخولي إحدى المكتبات هو لافتة كبيرة وضعها صاحب المكتبة في مدخل المكتبة مكتوب عليها “,”ممنوع الكلام في السياسة.. منعًا للإحراج“,”؛ وبدى لي للوهلة الأولى أنها اللافتة التقليدية المكتوبة في كل محلات مصر بخط واضح وبارز “,”ممنوع الشكك.. منعًا للإحراج“,”، ولكن بعد إعادة قراءة اللافتة تأكدت أن الرجل يقصد أن الكلام في السياسة وشئون البلاد والعباد غير مسموح به في هذه المكتبة التي يعتبرها مصدر عيشه الوحيد، والتي من جراء السياسة والمشادات المتبادلة بين زبائن المكتبة مع بعضهم البعض أو معه هو شخصيًّا سوف يؤدي بالمكتبة وأرففها وكتبها وكراساتها وأقلامها إلى الهاوية، تمامًا مثل الذي يحدث لمصر منذ فترة طويلة كئيبة خنقت البلاد والعباد والنبات، وحتى الجماد قارب أن “,”ينفلق“,” منها. ولعل أهم ما تشير له هذه اللافتة من وجهة نظري أن الناس ملت الجدل العقيم وحال البلد “,”الواقف“,”، وصبرهم بات ينفد على الحكومة والرئاسة وحتى عائلتهم، بل أنفسهم أيضًا، وهذا ما نراه بشكل فج في كل نواحي حياتنا اليومية، ولا داعي لذكر الأمثلة والنماذج التي لا تحصى حتى لا يصاب كل سيئ حظ حاول أن يقرأ هذا المقال بنوبة قلبية. وحتى لا نزيد الظلام ظلمة، وبديلًا عن لعن الظلام، فإني أعتقد أن الضارة الوحيدة التي قد تضيء هذا النفق المظلم، الذي تقبع في منتصفه “,”المحروسة“,”، هي أن نرجو من الله جميعًا أن يسقط علينا كارثة مشروعة ساعتها سيقف المصريون جميعًا في خندق واحد، وتنجو مصر من شبح الانقسام والتقسيم والاستقطاب، و“,”تقطيب الجبهة“,” التي أصبحت سمة المصري، بعد أن كان يشتهر ببشاشة وجهه وخفة ظله.