ممنوع الكلام في السياسة هو ليس عنوان المقالة فهو أصبح مقولة علي ورقة معلقة علي أبواب ونوافذ الكثير من المحلات اليوم، والكثير من المواصلات العامة أيضاً، وتنوعت الصياغة علي هذه الورقة فيكتب عليها أحياناً "ممنوع الكلام في السياسة منعاً للإحراج"، وفي أحيان أخري يكتب "ممنوع الكلام في السياسة حيث أنها تؤدي إلي الفتنة"، ويتبع ذلك في بعض الأحيان الدعاء لمصر ولشعبها. ولم ينتبه أحد إلي الأزمة الحقيقة وراء تلك الورقة وما يكتب عليها، والكل ينظر إليها علي أنها مجرد تنبيه لعدم الاختلاف، والذي قد يتطور إلي مشاجره حقيقة، ولكن الأزمة الحقيقة هي الخطوط والفوارق الوهمية التي أصبحت بين أفراد ذلك الشعب والتي صنعها رجال السياسة والحكم وأصحاب الرأي لتقسيم الشعب وفرقته، فأصبح هذا إخواني وذلك من عبيد البيادة وهذا فلول وذلك مع الشرعية وكل جماعة من تلك الجماعات متربصة بالأخرى. حيث أن هذا التقسيم وصل إلي حد العمل والزواج فلدي صديق ذهب لخطبة بنت كأي شخص عادي وتقدم لوالدها وبدأ في أول زيارة يشرح له أحواله المادية والاجتماعية وكان صديقي متعجب جدا لعدم اهتمام والد العروسة لكل ما يذكره ولا يبالي لظروفه ولا لأي شيء حتي قال له والد العروس أن لديه أهم سؤال قبل أن يقبل منه أي كلام أخر أو أن يوافق علي ارتباطه بأبنته وتخيلوا ما هو السؤال المهم العبقري الذي سيحدد من خلاله مستقبل أبنته " هتنتخب مين السيسي ولا حمدين ؟ " فهل وصل بنا الأمر إلي ذلك الحد أن نتخذ قرارتنا بناءً علي توجهاتنا السياسية. حتي العمل أصبح هناك خلاف وتقسيم و فراق بين زملاء العمل الواحد وبعد ما حدث من يوم 30 يونيو وبدأ الكثير من زملاء العمل في الاختلاف علي أحوال البلد والسياسة وهل فض الاعتصام صح أم خطأ ؟ وهل السيسي هو المتسبب في ذلك أم سياسات مرسي؟، وتنتهي المناقشة في النهاية ما بين الزملاء يا أما بفراق حقيقي أو بمعاملة جافه ويكون حظك سيء جداً لو أتضح أن مديرك في العمل مختلف معك سياسياً فسيكون مصريك محدد بين أمرين لو مديرك رجل متفتح وعادل سوف يفصل ما بين العمل والسياسة ولكن يتجنب النقاش معك ودائماً ما يذكر لك هذه الجملة " بلاش نتكلم أنا و أنتا في السياسة أحسن علشان مش نزعل من بعض" ولكن لو مديرك مثل الكثيرين سوف تواجه كل ما هو صعب في كل شيء يخص العمل وحينما تسأل لماذا يفعل معي ذلك؟ فتجد الرد الذي يصيبك بصدمه أنك ممتاز في عملك بس للأسف إنت إخواني، أو للأسف إنت بتحب السيسي، ولذلك تمت معاقبتك في العمل. ومع انتشار هذا الموضوع سوف ينتشر التقسيم حتي في المواصلات، فهناك مشاكل ومشاحنات يومية تحدث ما بين الركاب بسبب السياسة وما بين مؤيدي حمدين ومؤيدي السيسي، حتي وصل الأمر أن هنالك بعض من سائقي التوك توك يكتبون عليه "ممنوع ركوب الإخوان"، وسوف نري مستقبلا اتوبيس مكتوب عليه خط رمسيس – لف مسكن – فلول وأتوبيس آخر خط دار السلام – هرم – ثوار، ولذلك يجب أن لا نقع فريسة هذا التقسيم الغبي البغيض فكلنا شعب واحد مسلمين ومسيحين أخوه لا يجب أن يفرقنا انتماء سياسي أو غيره فلعنة الله علي السياسة التي تفرق المصريين فيا شعب مصر العظيم انتبهوا, بلدنا وشعبنا في خطر حقيقي ولا يجب أن ندع انفسنا فريسة لذلك التقسيم سوف نضيع فيجب علينا أن لا نترك ورقة تذكرنا بعدم فرقتنا فيجب أن ينبع ذلك من داخلنا فنحن شعب عريق وقديم لا يجب أن نتفرق أو ننقسم بين تلك المسميات البالية فهي تقسيمات عبثية لا قيمة لها ولن يستفيد منها إلا أصحاب السياسة والحكم فقط ولذلك وجب علينا التنبيه علي شعب أمتنا العظيم.