وزير الأوقاف يؤكد على التعامل بحسم مع أي مخالفة لتعليمات خطبة الجمعة    رئيس الوزراء يلتقي «البلشي».. ويؤكد احترامه لمهنة الصحافة ولجموع الصحفيين    جامعة أسيوط: نشرنا 2320 بحثا دوليا خلال 2023 أغلبها في مجلات المربع الذهبي (Q1 وQ2)    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024.. الموعد وطريقة حساب الدرجات    "البنك المركزي المصري" يتجه نحو استقرار سعر الفائدة.. توقعات لاجتماع مايو 2024    8 اختصاصات ل "الجمعية العامة العادية" لصندوق التأمينات الخاصة بالقانون الموحد    سعر العنب والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 23 مايو 2024    الأزهر يرحب بإعلان النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية    ابنة قاسم سليماني تقدم خاتم والدها ليدفن مع جثمان وزير الخارجية عبد اللهيان    قطر تصدر سندات خضراء بقيمة إجمالية بلغت 2.5 مليار دولار    تشكيل فيوتشر لمواجهة الزمالك في الدوري المصري    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    الجودو المصري يحجز مقعدين في أولمبياد باريس 2024    بعد اتفاقه مع يوفنتوس.. بولونيا يعلن رحيل تياجو موتا رسميًا    حقيقة العثور على هياكل عظمية يشتبه في كونها للحمير بقنا    "انخفاض 5 درجات".. بيان سار من هيئة الأرصاد بشأن طقس نهاية الأسبوع    فيديو أشعل السوشيال ميديا.. ضبط شابين عذبا كلبًا بطريقة بشعة في عابدين    استعدادًا لانطلاقه قريبًا بدور العرض السينمائية.. إطلاق البوستر الرسمي للفيلم الكوميدي العائلي جوازة توكسيك    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    أحمد الفيشاوي في مرمى الانتقادات من جديد.. ماذا فعل في عرض «بنقدر ظروفك»؟    بالفيديو.. ماريتا الحلاني تلعب دور جاسوسة تلاحق فرقة أدونيس في «حفضل أغني»    بمناسبة أعياد ميلاد مواليد برج الجوزاء.. 6 أفكار لهداياهم المفضلة (تعرف عليها)    محافظ أسوان يكلف السكرتير العام المساعد بتفقد أعمال القافلة الطبية المجانية بعرب سهيل    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    صعود الأسهم الأوروبية ومؤشر التكنولوجيا يقود مكاسب القطاعات    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    «يرجح أنها أثرية».. العثور على مومياء في أحد شوارع أسوان    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    امتحانات الثانوية العامة 2024.. ماذا يحدث حال وجود فراغات بإجابة أسئلة «البابل شيت» وعدم تظليلها جيدا؟    موسم الحرب والغناء و303 على مسرح قصر روض الفرج.. الليلة    محافظ أسيوط يناشد المواطنين بالمشاركة في مبادرة المشروعات الخضراء الذكية    زغلول صيام يكتب: من فضلكم ارفعوا إعلانات المراهنات من ملاعبنا لحماية الشباب والأطفال وسيبكم من فزاعة الفيفا والكاف!    حسين لبيب: اتحمل مسؤولية إخفاق ألعاب الصالات فى الزمالك    الأزهر للفتوى يوضح فضل حج بيت الله الحرام    وزير الدفاع: القوات المسلحة قادرة على مجابهة أى تحديات تفرض عليها    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    أكرم القصاص: لا يمكن الاستغناء عن دور مصر بأزمة غزة.. وشبكة CNN متواطئة    الملك تشارلز يوافق على حل البرلمان استعدادا للانتخابات بطلب سوناك    مع عرض آخر حلقات «البيت بيتي 2».. نهاية مفتوحة وتوقعات بموسم ثالث    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    أيام قليلة تفصلنا عن: موعد عطلة عيد الأضحى المبارك لعام 2024    هل يجوز شرعا التضحية بالطيور.. دار الإفتاء تجيب    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    أوستن يدعو وزير دفاع الاحتلال لإعادة فتح معبر رفح    تريزيجيه: أنشيلوتي طلب التعاقد معي.. وهذه كواليس رسالة "أبوتريكة" قبل اعتزاله    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    تعاون بين الجايكا اليابانية وجهاز المشروعات لتطوير المشروعات الصناعية بمصر    جامعة النيل تستضيف ورشة عمل حول «الظاهرة الثقافية لجمع المقتنيات»    «مش عيب والله يا كابتن».. شوبير يوجه رسالة لحسام حسن بشأن محمد صلاح    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    جوزيب بوريل يؤكد استئناف جميع الجهات المانحة بالاتحاد الأوروبي دعمها لوكالة الأونروا    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلى رئيس فقد شرعيته «ارحل»
نشر في الوطن يوم 02 - 06 - 2013


د. محمد مرسى..
أبعث إليك بهذا الخطاب، أرجو أن تقرأه جيداً، تعرف أننى أكتب من القلب، ليس لى مطمع فى سلطة، ولم أكن واحداً من منافسيك، لا أسعى إلى منصب ولا أهدف إلى مصلحة، لكننى أكتب إليك حرصاً على الوطن، وسعياً لإنقاذ ما تبقى.
لم أكن فى يوم من الأيام معادياً لجماعة الإخوان، بل كنت مدافعاً عن حقهم فى الوجود ورفضت بكل قوة أى إجراءات قمعية مورست ضد عناصركم فى فترة حكم الرئيس السابق، وسعيت كما تعرف إلى تهدئة الأجواء، وحل الكثير من المشاكل والأزمات التى كانت تتفجر بينكم وبين المجلس العسكرى.
وأظنك تتذكر ماذا قلت لى بعد ترتيبى لقاء بينك وبين ثلاثة من أعضاء المجلس العسكرى، هم اللواء عبدالفتاح السيسى واللواء محمد العصار واللواء ممدوح شاهين، وكنت أنا خامسكم، وكان اللقاء الذى جرى بتعليمات من المشير قد جاء بعد أن طلبت منه ضرورة حل الأزمة التى تفجرت بين الجماعة والمجلس العسكرى على خلفية اتهامكم للمجلس بالسعى إلى تزوير الانتخابات، ويومها رد المجلس فى بيان حاد يذكركم بسيناريو 1954 بين عبدالناصر والإخوان.
اسأل مرشدك الدكتور محمد بديع عن الرسائل التى حملتها منه إلى المشير وقادة المجلس العسكرى لتهدئة الأجواء ونزع فتيل الأزمة، وكذلك الحال بين الدكتور الجنزورى والجماعة. كان الهدف هو لملمة الشمل، وإجراء الانتخابات فى أجواء حيادية تضمن الانتقال السلمى للسلطة من رجال عاهدوا الله وعاهدوا أنفسهم على الوفاء بالرسالة وتسليم الحكم فى الموعد المحدد.
لا أريد أن أذكرك بموقفك فى اليوم الأول لتولى السلطة، عندما ذهبت تعلن العداء للمحكمة الدستورية العليا وتشكك فى حكمها بحل مجلس الشعب وأنت الذى أقسمت أمامها منذ قليل وأنشدت فيها شعراً، ثم انقلبت عليها وأعدت مجلس الشعب الباطل ولم تتراجع إلا بعد صدور المزيد من الأحكام، حاولت الانتقام من أعضائها، ثم نجحت بعد أن فصلت لهم مادة فى الدستور الإخوانى وتمكنت من إبعاد تسعة من أعضائها كان فى مقدمتهم المستشارة تهانى الجبالى، التى قادت داخل المحكمة تياراً يرفض محاولة أداء القسم خارج المحكمة وبحضور نواب المجلس المنحل.
تتذكر يا دكتور مرسى، كيف تقولت على المحكمة وادعيت بالباطل عليها وعلى بعض من أعضائها الأجلاء، وعندما طالبوك بالمستندات لم تعبأ ولم تكترث ولم ترد، لأنك لا تمتلك شيئاً أو دليلاً مما ادعيت.
وعندما صدرت التعليمات منك بمحاصرة مبنى المحكمة الدستورية لمنعها من إصدار حكم فى شأن حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، كان ذلك قمة التحدى وقمة الاستهانة بالقضاء؛ لقد دفعت بحشود جاءت بها جماعتك من كل حدب وصوب، تصدوا للقضاء الأجلاء، أهانوهم، هتفوا لك وقالوا إنهم مستعدون أن يأتوا بهم فى شيكارة إذا أردت ذلك.
انتفض العالم بأسره، علقت 60 محكمة عليا أعمالها فى شتى أنحاء العالم احتجاجاً، لكنك لم تهتم ولم تراجع نفسك، وعندما أجرى معك الإعلامى عمرو الليثى حديثاً تليفزيونياً على شاشة قناة المحور مؤخراً يسألك فيه عن رأيك فى حصار المحكمة الدستورية لم تدنْ ولم تعتذر، بل رحت تبرر وتقول إن الآخرين حاصروا القصر الرئاسى فى الاتحادية، مع أنك لو تتذكر أن المظاهرات التى زحفت إلى القصر الرئاسى جاءت بعد حصار أنصارك للدستورية.
نفس الأمر وبنفس الطريقة تم التعامل مع من تسميهم أنت وجماعتك بالإعلام الفاسد، لقد تمت محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى بواسطة جماعة حليفك حازم صلاح أبوإسماعيل وبتعليمات مباشرة منك ومن جماعتك، أهين الإعلاميون ومنع الضيوف وتم التهديد باقتحام المدينة، أثاروا الرعب والفزع والخوف فى نفوس العاملين، ولم يحرك ذلك ساكناً لديك، كنت سعيداً بكل ما يجرى بل مؤيداً وداعماً، تكرر الأمر أكثر من مرة وفى كل مرة كنت أكثر سعادة.
ألغيت الإعلان الدستورى المكمل، وأهنت المشير طنطاوى ورئيس الأركان الفريق سامى عنان بخديعتك لهما فى 12 أغسطس من العام الماضى، وقمت بعزلهما بطريقة غير أخلاقية بعد أن كنت تشيد بهما وبإخلاص المجلس العسكرى ووفائه لعهده الذى قطعه على نفسه، وكان الهدف من وراء كل ذلك هو إلغاء الإعلان الدستورى المكمل الذى كان يكبل سلطتك فى إصدار دستور إخوانى ويضع معايير موضوعية لإصدار الدستور ويمنعك من التدخل فى شئون المؤسسة العسكرية ويعطى المجلس العسكرى الحق فى تشكيل الجمعية التأسيسية حال صدور حكم من القضاء الإدارى ببطلانها.
أطلقت يد جماعتك لتمارس الإرهاب وتشوه سمعة المجلس العسكرى حتى يقبل بسياسة الأمر الواقع ويسلم إليك السلطة التشريعية وهى ليست من حقك فى ظل غياب مجلس الشعب، لكنهم تركوا لك السلطة ورفضوا الانقلاب وارتضوا بسياسة الأمر الواقع خوفاً من انفجار الأوضاع وحرصاً على المؤسسة العسكرية، فى وقت هللت فيه جميع القوى بغباء منقطع النظير لقراركم بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل، ثم عادوا يندمون!
وفى 21 نوفمبر من العام الماضى أصدرتم إعلاناً دستورياً بمقتضى سلطة اغتصبتموها يقضى بسحب جميع الصلاحيات من محاكم القضاء، والإمساك بها، وعزل النائب العام وتقويض سلطة القضاء، فكان ذلك إنذار خطر شديداً، وتحدياً لكل ثوابت الوطن، وانتهاكاً لعرض القوانين والإعلانات الدستورية المختلفة، فكان ذلك بداية الشرارة التى دفعت الجماهير إلى الزحف للقصر الرئاسى فى 4 ديسمبر الماضى تعلن رفضها للديكتاتور الجديد، الذى قبض على السلطات الثلاث فى يديه؛ التنفيذية والتشريعية والقضائية، معلناً بذلك أنه تفوق على جميع المستبدين الذين حكموا وتحكموا فى مصر منذ زمن الفراعنة وحتى الآن.
كان هناك نحو مليون متظاهر، كانوا سلميين حرصوا على أمن البلاد، لم يقتربوا من القصر الرئاسى بأى أذى، ولكن فى اليوم التالى كانت التعليمات قد صدرت من جماعتك بالتشاور معك، فانطلقت جحافل الميليشيات الإخوانية وراحت تعتدى على الأبرياء وتقتل وتصيب المئات.. تفجرت الدماء حول القصر وتم أسر العشرات من المواطنين، بواسطة هذه الميليشيات، وجرى تعذيبهم داخل القصر بعلمكم ومشاركة قيادات كبرى من كبار الموظفين بالرئاسة.
تحدثتم عن مؤامرة، وعن قيادات تآمرت عليكم، فإذا بالمستشار مصطفى خاطر المحامى العام لنيابة شرق القاهرة يكشف كذب ادعاءاتكم ويعلن الحقيقة أمام الرأى العام رغم مواقف نائبكم العام المعين الذى طالب بحبسهم، لكن رجال النيابة الشرفاء تحدوا نائبهم العام، وأعلنوا الحقيقة غير خائفين، وظهرت أنت بمظهر الرجل الذى يسعى إلى تلفيق الاتهامات للآخرين.
عزلت النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود لأسباب أنت تعرفها جيداً، ودعك من الادعاءات الكاذبة، ثم عينت نائباً عاماً بقرار باطل، ورغم صدور حكم من محكمة الاستئناف، ورغم إعلان وزير العدل السابق أحمد مكى أن قرارك باطل، فإنك صممت على المضى فى الطريق، لأنك أردت أن ترهب وأن تؤدب الجميع وأن تقبض على الدولة ليصبح جميعها مسخراً تحت يديك.
هكذا تحولت الدولة المصرية إلى مرتع خصب لك ولأقاربك ولجماعتك؛ جئت بابن شقيقتك، أسعد الشيخة، ليتولى منصب نائب رئيس الديوان الرئاسى، أصبحت كل المهام فى يده ولم تعد هناك كلمة داخل القصر لأحد سواه، أبناؤك وأهلك وعشيرتك يستخدمون كل إمكانات القصور وكأنها عزبة ورثوها عن الأجداد، استباحوا قصور رأس التين والقناطر الخيرية واستراحات الرئاسة وسياراتها وإمكاناتها، سخروا الدولة لمصلحتهم، وأصبحت أنت تتنقل بطائرات الرئاسة حتى فى زيارتك لأهلك بالشرقية، وأنت أرجو منك أن تعلن للرأى فقط عن فاتورة «الجمبرى والاستاكوزا» الذى يدخل يومياً إلى القصر الجمهورى لك ولحاشيتك.
لم تصدق فى وعد أطلقته، لا مناصب ولا إجراءات، لا قرارات ولا برنامج انتخابى، حتى محمود مكى الذى عينته نائباً لك، رفضت استمراره لأنه تجرأ فى يوم وانتقد جماعة الإخوان ومحاولة تدخلها فى الأمور الرئاسية، بل حتى أقرب المقربين إليك الرجل الذى ساعدك فى إصدار القوانين والإعلانات الدستورية الباطلة المستشار محمد فؤاد جاد الله، لم يطق الاستمرار فى الباطل، فأعلن استقالته وقال إن مكتب إرشاد الإخوان المسلمين هو الذى يملى قراراته على رئيس الجمهورية ويتدخل فى كل كبيرة وصغيرة.
القضاء لم يسلم من قراراتك، وهأنت تتحدى الرأى العام، وتصر أنت وجماعتك على إصدار قانون للسلطة القضائية يجرى بمقتضاه عزل 3500 قاضٍ حتى تخلو لك الساحة وتزور الانتخابات وتطيح بأعضاء المجلس الأعلى للقضاء ومستشارى النقض وأعضاء المحكمة الدستورية ورؤساء المحاكم الابتدائية.
نفس الأمر يجرى فى الشرطة والأجهزة الأمنية، تحت شعار التطهير ترتكب كل الموبقات؛ يجرى الاستغناء عن الخبرات والكوادر، تصفى الحسابات وتتخذ إجراءات انتقامية، يتم التحريض على الشرطة وجهازها الوطنى، يتم تحريض بعض العناصر لحصار جهاز الأمن الوطنى والإساءة إلى رجاله!
هل رأيت فى الدنيا يا دكتور مرسى رئيس جمهورية يحرض على أجهزة أمن الوطن الذى يحكمه لصالح ميليشيات جماعته التى تريد أن تستولى على هذه الأجهزة وتسيطر عليها لتحكم قبضتها على البلاد والعباد؟! أنت فعلتها!
لقد قلت لرجلك أبوالعلا ماضى إن جهاز المخابرات العامة أنشأ تنظيماً من 300 ألف بلطجى، وعندما قال ذلك لم يصدق الناس ما ردده على لسانك، لكنك رفضت أن تنفى، بل عرفنا أنك أنت الذى طلبت منه ذلك، وأنك أنت الذى حرضته على القول والإدلاء بهذه التصريحات، لأن الهدف هو دفع الناس إلى الزحف إلى مبنى المخابرات العامة وإسقاطه، ثم إعادة تشكيله من أهلك وعشيرتك والتابعين.
كيف نثق فيك يا دكتور مرسى، وأنت تسعى حثيثاً إلى تفكيك الدولة وأجهزتها، تارة لأنهم من رجال النظام السابق، وتارة لأنهم معادون للثورة؟ وأنا لا أعرف عن أى ثورة تتحدث، وأنت تحرض على قتل أبنائها، وسجنهم، وتعذيبهم، ومواجهتهم بالرصاص فى الشوارع.
لقد كنت أنت وجماعتك من أكثر الموالين للنظام السابق؛ لم يجرؤ أحد فيكم حتى اليوم الأخير على أن يرفع شعار «ارحل»، بل كنتم تنتقدون كل من يطالب الرئيس مبارك بالرحيل، وأظن أن التسجيلات لا تزال موجودة، وأظن أن ما نشر عن تفاصيل لقاءاتك أنت والدكتور سعد الكتاتنى باللواء عمر سليمان لا يزال حاضراً فى الأذهان، بل حضرت بنفسى واحداً من هذه اللقاءات التى جرت يوم 6 فبراير وكان كل مطلب الجماعة الذى جاء على لسانك هو فقط الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإلغاء حالة الطوارئ!
فى عهدكم سقط العشرات فى بورسعيد الباسلة وفى السويس والإسماعيلية، ناهيك عن المحافظات الأخرى، أصبحت هذه المدن شبه معزولة، لم تهتم كثيراً بشأنهم، لكنك دفعت إليهم بمشروع يهدد الأمن القومى هو مشروع إخوانى وليس وطنياً؛ مشروع تستهدف من ورائه تقسيم الوطن وتهديد الأمن القومى للبلاد.
بالضبط كما فرطت فى أمن سيناء، وتركتها مرتعاً لأهلك وعشيرتك الذين أفرجت عنهم وجئت بهم من كل حدب وصوب، قتلوا أبناءنا فى رفح ولم نعرف نتيجة التحقيقات، اختطفوا ضباطنا وقتلوهم وكنت على علم بذلك ولم تعلن الحقيقة، خطفوا جنودنا فكنت أحرص على الخاطفين من المخطوفين وطالبت بسلامة الطرفين وهرب الخاطفون، وستكشف الأيام وقائع ما حدث من خلف ستار.
إنهم نفس المجموعات التى كانت تضرب أنابيب الغاز التى تنقل الغاز المصرى إلى إسرائيل، أسألك: لماذا توقف هؤلاء الآن عن ضرب أنابيب الغاز منذ وصولك إلى السلطة؟ من الذى استجاب لمطالب إسرائيل وأمر هؤلاء بالتوقف؟
نعم «إسرائيل» يا دكتور مرسى! إسرائيل التى سميت رئيسها بالصديق الوفى، إنه العدو الصهيونى قاتل أهلنا ومغتصب أرضنا، هذا العدو الذى فشل فى إسكات البندقية الفلسطينية، لكنك ومكتب إرشادك نجحتم فى إجبار حماس على أن توقع اتفاقاً برعايتك مع إسرائيل فى 22 نوفمبر الماضى، تعلن فى بنده الثانى رفض العمليات العدائية من كلا الجانبين!
فى زمنك يا دكتور مرسى، أصبح «الكفاح المسلح» الذى نصت عليه المواثيق الدولية كحق للشعوب المحتلة عملاً عدائياً.
فى عهدك تم إسكات البندقية الفلسطينية وتحولت حماس من حركة تحرر وطنى تدافع وتقاتل لأجل فلسطين، إلى فرع لجماعة الإخوان المسلمين تنفذ الاتفاقات وتحرس أمن إسرائيل من أى محاولات عبثية.
فى زمنك أصبح للوجود الأمريكى فى مصر باعاً ممتداً بطول البلاد وعرضها، لم تجرؤ على انتقاد تصريح أوباما الذى أعلن فيه أن القدس هى العاصمة الأبدية لإسرائيل، لم ترد عليه ولو بكلمة واحدة، التزمت الصمت لأنك تعرف أن أوباما وسفيرته وخارجيته هم من أولياء النعم.
فى زمنك ضاعت ثوابت الوطن وتعرض أمننا القومى للخطر، مصر مهددة بالجوع والعطش وأنت لا تبالى، الإثيوبيون فى صحفهم وإعلامهم يقولون إنك كنت على علم بقرار إثيوبيا بإقامة سد النهضة، وأنت لم ترفض بل دفعت رجالك إلى التطوع بالقول إن الخيار العسكرى مستبعد، ياليتك تقرأ كيف كان عبدالناصر والسادات ومبارك يتعاملون مع هذا الملف، مبارك الذى ثار الشعب عليه لم يجرؤ على التفريط، هدد وتوعد وأدار الأزمة بروح وطنية مسئولة، أما أنت فطز فى مصر، كما قالها مرشدك السابق. ترابنا وأمننا القومى لم يعودا واردين على أجندتك، وكيف يمكن أن يردا فى ذهن رجل هو عضو فى التنظيم الدولى للإخوان الذى لا يؤمن بالوطنية أو القومية ومصر بالنسبة له كأفغانستان أو كازخستان العروبة بالنسبة له وهم والقومية وهم يجب التخلص منه، كما قال حسن مالك رجلك المفضل فى المال والأعمال؟
تحولت مصر إلى ساحة مستباحة تتحكم فيها عناصر الجماعة الإخوانية على يديك؛ المال والاقتصاد وتوظيف الأزمات والعلاقات وشركات وأموال، مليارات تتدفق إلى الجيوب.
لو كنت معادياً للفساد كما تقول أعلن عن ثروة رجال أعمال الجماعة، كيف كانت وكيف أصبحت، أعلن عن الشركات التى أسسوها فى عهدك، وعن التوكيلات التى حصلوا عليها من الداخل والخارج، وكيف تعلن وأنت تخضع لقرارات الجماعة ولا تملك سوى السمع والطاعة لأنك حتى لو أردت فلن تستطيع لأن رئاسة الجمهورية تحكم بواسطة مكتب الإرشاد وليس بواسطتك؟
هل تعرف يا د. مرسى أن عدد الذين هاجروا ولم يستطيعوا البقاء تحت حكمك بلغ نحو المليون مواطن فى أقل من عام؟! مصر بالنسبة لهم هى الحياة لكنهم تركوها ومضوا صاغرين إلى جورجيا وأوكرانيا وكندا وأمريكا وغيرها، بسبب سياساتكم وخوفهم من الميليشيات التى نمت وترعرعت فى عهدكم وبرعايتكم.
الناس تموت فى اليوم ألف مرة، المصريون أصبحوا مرضى بعد أن أعياهم ظلمكم وظلم جماعتكم وعجرفة رجالكم الذين زرعتموهم فى كل مكان على أرض مصر.
انظر إلى الفيلد مارشال محمد البلتاجى وهو يفتش «السجون»، ينظر إلى الضباط بنظرة استعلاء، يستعرض حرس الشرف وكأنه رئيس جمهورية «صغنطوط»! من أين تأتى هذا المتعجرف كل تلك القوة فى الكبر والاستعلاء؟ منك أنت يا ممثل الجماعة فى قصر الرئاسة!
لقد جاع الشعب المصرى فى عهدك، وقف الناس عشرات الكيلومترات فى انتظار كميات ضئيلة من السولار، توقفت ماكينات ضخ مياه الرى، عادت إلينا شموع الإضاءة بعد أن ضن علينا رجالك بالكهرباء، مصر على وشك الإفلاس الدين الخارجى زاد فى عهدك فقط من 33 مليار دولار إلى 44 مليار دولار + 7 مليارات دولار ديون شركات أجنبية تعمل فى مصر، بطالة، انخفاض حاد فى قيمة الجنيه، زيادة فى عجز الموازنة والدين الحكومى، ارتفاع رهيب فى الأسعار ضرائب تفرض ودعم مهدد بالانقراض، انفلات أمنى، خطف وقتل، سرقة بالإكراه، حياتنا أصبحت جحيماً فى عهدك.
استبدلت الأعداء، عاديت أشقاءنا فى الإمارات لأجل مجموعة إخوانية تم القبض عليها، أطلقت إعلامك الفاسد لإهانة دولة شقيقة وقفت معنا وقدم رجالها كل الخير لمصر ورفضوا إبعاد نصف مليون مصرى من أراضيهم رغم تطاول جماعتك وحصارهم لسفارة الإمارات.
لقد داسوا على صورة الراحل العظيم الشيخ زايد ووضعوها تحت أقدامهم، هل تعرف ماذا فعل الشيخ زايد؟ هل تعرف ماذا قدم لمصر؟ امضِ فى شوارعها وأنت تعرف، اسأل الناس وأنت تعرف، إعلامك يتطاول وأنت لا تردع لأنك تحرض، وتوجه الاتهامات من عند أصدقائك وأرباب النعمة فى قطر.
قطر التى أشدت بعطائها ونسيت ما قدمه الآخرون فى السعودية والكويت والإمارات والبحرين وعمان وغيرها!
الأصابع التى تلعب فى مصر ليست أصابع الإمارات كما حاولت الادعاء أنت ورجالك، لكنها أصابع الإخوان التى تلعب فى كل دول الخليج، فكفاك تحريضاً ضد الأشقاء! إنهم لا يكرهوننا لكنهم يرفضون العبث بأمن بلادهم.
بقى فى النهاية سؤال أخير أوجهه إليك يا دكتور مرسى: أين الشريعة الإسلامية؟ لماذا لم يجرِ تطبيق أى من حدودها بعد مرور نحو العام على توليكم الحكم فى البلاد؟!
لقد صدعتم رؤوسنا على مدار سنوات بشعار «الإسلام هو الحل»، فأين هذا الشعار الآن؟ لقد منحت أصحاب محلات الخمور رخصاً لمدة ثلاث سنوات متتالية، ونفس الأمر بالنسبة لأصحاب الكباريهات، بينما مبارك كان يجدد عاماً بعام.
ما زالت البنوك التى سميتموها «ربوية» تعمل، ولم يحرك ذلك ساكناً فيكم، لم تجرؤ حتى الآن على اتخاذ أى قرار يثبت جديتكم فى تطبيق الشريعة، وسعيتم إلى إرهاب السلفيين لأنهم طالبوا بتطبيقها، فهل لديك تفسير لذلك؟
بعد كل هذا أجيبك عن السؤال الذى تسأله بينك وبين نفسك؛ لماذا عاد المصريون يتذكرون مبارك ويترحم البعض على أيامه؟
وأنا أقول لك: والله ليس حباً فى حسنى مبارك، ولا سعياً لعودة نظامه البغيض، ولكن نكاية فيكم، لقد نسى المصريون ماذا فعل فيهم نظام مبارك، لأنهم عندما قارنوا ما حدث فى عهده وما يحدث فى عهدكم أدركوا الفارق بين رجل رفض أن يكون سبباً فى إشعال الحرب الأهلية بين المصريين وتنحى عن الحكم، وبين آخر قال إن جلده سميك ولن يستجيب لمطلب الشعب أبداً حتى لو تفجرت الدماء فى كل جزء من أراضيه.
بين رجل كان يحرص على الأمن القومى لمصر وأصبح لم يعد يعنيه الأمن القومى بقدر ما تعنيه استراتيجية جماعته الإخوانية ونظرتها للعالم فى ضوء هذه المصلحة.
الفارق بين حاكم كان يطلب من اللواء عمر سليمان باعتراف موسى أبومرزوق، نائب رئيس المكتب السياسى لحماس، دعوتهم للاستمرار فى المقاومة ضد إسرائيل، وبينك عندما رعيت اتفاقاً مشبوهاً أسكتّ بمقتضاه البندقية الفلسطينية.
الفارق بينك وبين مبارك، أن مبارك كان حاكماً مستبداً لكنه لم يكن قاتلاً، بينما أنت تحرض علانية وزير الداخلية بمواجهة المتظاهرين السلميين.
بين حاكم يحمى أمن المصريين وآخر يترك المصريين فريسة للانفلات الأمنى ويحرض على أجهزته الأمنية حتى يفتح الطريق أمام الميليشيات الإخوانية لتتولى شئون البلاد، ليظل الإخوان جاثمين على صدر مصر أبد الدهر.. لا تندهش يا دكتور مرسى من حديث المصريين عن مبارك، فهم عندما قارنوا بين نظامك ونظامه أدركوا الفارق، هكذا كتب زميلنا محمد البرغوثى الذى راح يتحدث عن وطنية مبارك، مع أنه كان من أشد الكتاب انتقاداً له فى عهده، وهكذا هو حال كثيرين.
كان المصريون يظنون أنهم تخلصوا من حكم فاسد ومستبد فإذا بهم أمام حكم فاشى أكثر فساداً يعود بنا إلى القرون الوسطى، حيث لا حرية ولا أمن ولا معيشة ولا كرامة ولا تداول سلمى للسلطة ولا استجابة لمطالب الشعب.
لقد مضى عهد مبارك ولن يعود أبداً، لكنك إذا تصورت أن المصريين قد طالهم اليأس والإحباط ولن يكرروا ما حدث فى 25 يناير فأنت مخطئ ولا تعرف هذا الشعب أبداً.
وإذا ظننت أن ميليشياتك سوف تحمى عرشك من السقوط فأنت لا تعرف جيشنا ولا شرطتنا، هؤلاء وطنيون تربوا على عقيدة الوطنية والانتماء، هؤلاء ضحوا ومستعدون لمزيد من التضحية، هؤلاء لا يحكمهم تنظيم دولى أو تنظيم محلى، هؤلاء أبناء مصر الحقيقيون الذين لن يصمتوا أمام وطن اختطف بواسطة التتار الجدد الذين سعوا إلى تقسيمه وتركيعه وإذلال شعبه.
يا مرسى ويا كل مرسى!
مصر ستبقى، ستعيش مرفوعة الرأس، مصر عربية، مصر حرة ومستقلة، مصر تعرف خصومها وتدرك من هم أشقاؤها وأصدقاؤها، مصر أكبر منك، وأكبر من جماعتك، حياتنا لا تساوى شيئاً إلى جوار ذرة من تراب هذا الوطن.. وإذا لم تكن تعرف ذلك فاقرأ التاريخ!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.