رئيس مياه القناة: تكثيف أعمال الملس والتطهير لشبكات الصرف الصحي    الفريق أسامة ربيع يبحث مع "هيونداي" سبل التطوير في مجال الخدمات اللوجيستية    بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا    كيف يستفيد الزمالك من فوز الأهلي على مازيمبي؟    عاصفة ترابية شديدة تضرب مدن الأقصر    تامر حسني يبدأ تصوير فيلم «ري ستارت» في مايو    رحلة فاطمة محمد علي من خشبة المسرح لنجومية السوشيال ميديا ب ثلاثي البهجة    وزير التنمية المحلية يعلن بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    وزير الخارجية الروسي يبحث هاتفيا مع نظيره البحريني الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتصعيد بالبحر الأحمر    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    ذاكرة الزمان المصرى 25أبريل….. الذكرى 42 لتحرير سيناء.    والدة الشاب المعاق ذهنيا تتظلم بعد إخلاء سبيل المتهم    الآلاف من أطباء الأسنان يُدلون بأصواتهم لاختيار النقيب العام وأعضاء المجلس    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    سون: آرسنال من أفضل أندية العالم    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    مدينة أوروبية تستعد لحظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل (تعرف على السبب)    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    وزير الخارجية الصيني يحذر من خطر تفاقم الأزمة الأوكرانية    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفتي في حواره ل"البوابة نيوز": دعوات هدم التراث "مغرضة" وأصحابها كارهون للدين أو متطرفون.. ونؤسس مركز "دراسات التشدد" لتفنيد الأفكار المغلوطة.. وفقه القدامى "ليس مقدسًا"
نشر في البوابة يوم 14 - 02 - 2017

أرسلنا حملات وقوافل وعقدنا مؤتمرات بكل دول العالم.. وينبغى تأهيل أئمة «مساجد الغرب»
البرلمان الأوروبى اعتمد «الدار» مرجعية للفتوى.. وبيَّنا حقيقة الدين عبر «مرصد الإسلام فوبيا»
أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أن تجديد الخطاب الدينى عمل مؤسسى لا يقتصر على الأزهر الشريف فحسب، ويحتاج للتعاون والتنسيق بين عدة جهات، معتبرًا دعوات هدم التراث مغرضة وخبيثة، وتنم عن جهل بقيمته.
وكشف المفتى، فى حواره مع «البوابة»، عن سعى دار الإفتاء لتأسيس مركز لدراسات التشدد، مهمته تفنيد أفكار التيارات المتطرفة. ورأى أن قانون «تنظيم الفتوى» إجراء يصب فى مصلحة القضاء على ظاهرة «فوضى الفتاوى» التى نعانى منها حاليًا.. وإلى نص الحوار كاملًا.
■ بداية.. ما وجهة نظرك فى دعوات تنقية التراث وتنحيته، كونه مصدرًا للإرهاب؟
- دعوات هدم التراث مغرضة وخبيثة، وتنم عن جهل به، وهى صادرة عن صنفين من الناس يريدان هدم التراث، ليتسنى لهما الكلام فى الدين بما يريدان، الأول يمثله كارهون للدين، والثانى هؤلاء المتطرفون الذين يفسرون نصوص التراث وفق أهوائهم، وبالتالى بقاء التراث وفهمه على ما جاء به يقف حجر عثرة فى تحقيق أغراضهم الدنيئة، أما هدمه فيفسح لهم ولتفسيراتهم الخاطئة المجال.
التعامل مع التراث يحتاج إلى عقلية كبيرة، فليس كل ما يقوله العلماء نستطيع أن نستجيب له من الماضى، فهناك الكثير من القضايا قد تغير الحكم فيها عن الماضى، ولا بد للعقل الذى يتعامل مع التراث أن ينظر إلى تطور العصور والمجتمعات والواقع ومشكلات الناس المعقدة، فتنطلق نظرته من النص الشرعى بفهم العلماء القدامى بأصولهم ومناهجهم دون الوقوف على تفريعاتهم، حتى نصل إلى حل يوافق الواقع الذى نعيشه.
■ التراث به ثروة فقهية كبيرة، كيف يمكن التعامل معها؟.. وكيف ترى من ينكر ثقافات الآخرين وآراءهم؟
- للتعامل مع التراث الفقهى، أو هذه الثروة الفقهية الكبيرة، لا بد من إيجاد ضوابط علمية وإعمال للعقل العلمى المجرد المنضبط بقواعد علمية وأصول وضعها العلماء، فالشرع لا يُلزم الأخذ برأى بعينه، ما دام هناك خلاف بين العلماء، وكل العلماء لم يُلزموا الناس باتباع مذاهبهم وآرائهم فقط دون غيرهم، فالتراث الفقهى ليس مقدسًا، لكنه فى نفس الوقت نتاج عقل علمى منضبط فى إطار الاجتهاد، وهناك قواعد وضوابط وضعها العلماء بأنه لا يُنكر المختلف فيه، وإنما يُنكر المتفق عليه، فلا يصح بأى حال من الأحوال أن أرى صحة رأيى فقط، وخطأ رأى غيرى، فكل المجتهدين يجتهدون من أجل الوصول إلى مراد الله -عز وجل- وكلٌّ له مقدماته وأدلته وبراهينه بما يغلب على الظن. لا ينبغى أن ينكر أحد على ثقافات فقهية استقرت فى بلد معين، وفرض رأى واحد فقط عليهم، بل يجب ترك كل مجتمع على ما استقروا عليه من رأى أو مذهب فقهى ارتضوه، ما دام متوافقًا مع الشرع الشريف.
■ للإفتاء تصريح بأن 50٪ من إرهابيى داعش غربيون.. ما دوافع انضمامهم للتنظيم؟
- هذه النسبة نتيجة قلة الوعى وغياب الموجه الحقيقى والأمين لهذه الشريحة فى الغرب، لذلك نحن تنبهنا فى دار الإفتاء لهذا الأمر، وحذرنا عبر مرصد فتاوى التكفير، التابع للدار، من تنامى ظاهرة انضمام الشباب الغربى إلى «داعش»، بعد متابعة المرصد خلال الفترات الأخيرة نشاطًا مكثفًا لأعضاء التنظيم، ممن ينتمون إلى دول غربية، خاصة فرنسا وألمانيا، ووجدنا أن 50٪ من المقاتلين فيه من الأقليات المسلمة فى دول أوروبا وأمريكا ودول الغرب عمومًا.
الأمر يعيدنا إلى أهمية تأهيل أئمة المساجد فى الغرب لمواجهة الفكر المنحرف، وكذلك العمل والتنسيق بين الحكومات الغربية والمؤسسات الدينية الإسلامية الوسطية من أجل نقد الفكر المتطرف ومواجهته وتحصين الشباب فى الغرب من الوقوع فى براثن الإرهاب، وذلك بوسائل مختلفة، منها المحاضرات واللقاءات فى الجامعات والمراكز الإسلامية الكبرى والمطبوعات ومقاطع الفيديو، والاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعى والفضاء الإلكترونى والوسائل التكنولوجية الحديثة من أجل تحقيق ذلك.
دار الإفتاء تمد يديها للتعاون مع كل الدول والمؤسسات، من أجل كشف فساد الفكر المتطرف وتصحيحه، ونشر قيم الإسلام السمحة التى تدعو للتعايش والسلام ونشر الخير فى الكون.
■ ما الذى فعلته «الإفتاء» كى تصل إلى هذه الشرائح فى الغرب؟
- أرسلت الدار على مدار العام الماضى عدة حملات وقوافل إفتائية إلى الخارج شملت النمسا وهولندا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وسنغافورة وكازاخستان والبرتغال وإسبانيا وباكستان ودول غرب إفريقيا وأمريكا وجيبوتى والمغرب ولبنان والإمارات واليونان وغيرها من دول العالم، والتقت خلالها رؤساء الدول والوزراء، بجانب عقد ندوات ومحاضرات فى كبرى الجامعات هناك عن الإسلام الوسطى، وعقد العديد من اللقاءات والفعاليات الجماهيرية والإعلامية، كما كان لها خلال السنوات الماضية حضور لافت فى المحافل الدولية، وفى مقدمتها الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبى ومنتدى دافوس العالمى والمفوضية الأوروبية واليونسكو والبرلمان الدولى للأديان ومراكز الأبحاث الدولية، بالإضافة إلى المشاركة فى أكثر من 32 مؤتمرًا دوليًا حول العالم.
■ هل كان لهذه الجهود نتائج ملموسة على أرض الواقع؟
- بالفعل، كان نتاج تلك الجهود الكبيرة من الدار وعلمائها اعتماد الدار كمرجعية للبرلمان الأوروبى، فيما يخص الفتوى وقضاياها، لبلورة خطاب إفتائى رصين، يلبى متطلبات المسلمين فى دول الاتحاد الأوروبى، والتصدى لظاهرة الإسلام فوبيا، بالتعاون مع الهيئات الإسلامية المعتمدة هناك.
■ بذكر «الإسلام فوبيا».. ماذا فعلت الدار للتصدى لتلك الظاهرة؟.. وهل هناك نتائج؟
- أنشأنا فى دار الإفتاء، وتحديدًا فى ديسمبر 2015، مرصدًا لمواجهة «الإسلام فوبيا»، والذى يختص برصد الظاهرة ومعالجتها، وتقديم كل التصورات والتقديرات الضرورية لمواجهتها، والحد من تأثيرها على الجاليات المسلمة فى الخارج، وكنا حريصين على أن يبدأ التعاطى الصحيح للمشكلة من الرصد الدقيق والتحليل العلمى السليم لكل الأحداث والقضايا المتعلقة بالإسلام والمسلمين فى الخارج، من أجل دراستها وتقديم التوصيات والمقترحات لعلاج ذلك.
بفضل الله اهتمت العديد من الصحف العالمية والمنظمات الدولية بتصريحات المرصد، واعتبرتها مرجعًا مهمًا لها، ومنها دعوته لوسائل الإعلام الغربية إلى الحيادية فى تناول قضايا التطرف والإرهاب، وعدم الربط السلبى بين العمل الإرهابى والدين الإسلامى، والعمل على إتاحة الفرصة أمام علماء المسلمين المعتدلين للتحدث إلى المجتمعات، وبيان حقيقة الإسلام ورسالته النيرة، والبعد عن الإثارة فى التناول أو الاجتزاء والتشويه بحق فئة بعينها.
■ ما لغة الخطاب المستخدمة من قبل المرصد؟
- يخاطب المرصد العالم الخارجى بلغاته وعبر أدواته ووسائل إعلامه، ويتابع كل ما يُنشر عن الإسلام والمسلمين فى العالم على مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعى ومراكز الدراسات والأبحاث المعنية بالتطرف والإرهاب، ودراسة أحوال المسلمين والقنوات التليفزيونية وإصدارات الصحف والمجلات باللغة العربية وعدة لغات أجنبية حية، ويرد عليها من خلال لجان متخصصة، ليغلق على الإرهابيين والمتطرفين وأصحاب الآراء المتشددة جميع المنافذ التى يتسللون منها إلى عقول الشباب، ويحث دائمًا المسلمين فى الغرب على الاندماج فى مجتمعاتهم واحترام قوانين البلاد التى يعيشون فيها.
ولم تكتف الدار بذلك، بل تسعى دائمًا للتواصل مع الجاليات المسلمة من أجل مساعدتهم لشرح وتوضيح صورة الإسلام الصحيح فى دولهم كالزيارات الخارجية والمقالات الأجنبية المتعددة التى نقوم بها لشرح صورة الإسلام الصحيحة.
■ كيف تجد موقع المؤسسات الدينية اليوم من قضية تجديد الخطاب الديني؟
- المؤسسة الدينية، وعلى رأسها الأزهر بمؤسساته المختلفة، ومن بينها دار الإفتاء، بذل، ولا يزال يبذل، الكثير من أجل تجديد الخطاب الدينى، وسأتكلم هنا عن دار الإفتاء، وما تقوم به من مجهودات فى مواجهة الفكر المتطرف والقضاء على فوضى الفتاوى، والتى بدأتها بإنشاء مرصد لرصد فتاوى التكفير والرد عليها وتفنيدها، وأصدرت العديد من المطبوعات ودشنت مواقع إلكترونية بالعربية والإنجليزية، من أجل تصحيح المفاهيم فى الداخل والخارج، فضلًا عن موقع الدار الذى يُبث بعشر لغات، وصفحات التواصل الاجتماعى بالعربية والإنجليزية، وإيفاد علمائها فى جولات خارجية للعديد من دول العالم لتصحيح صورة الإسلام فى الخارج، وتوضيح المفاهيم الإسلامية السمحة.
ويجب هنا أن أنبه إلى أن تجديد الخطاب الدينى هو عمل مؤسسى، ولا يقتصر فقط على المؤسسة الدينية المتمثلة فى الأزهر، ولكن تشارك فيه أيضًا المؤسسات التعليمية والثقافية، والتى يجب أن تقوم بدورها بالتوازى مع دور المؤسسات الدينية من أجل الرقى بالمجتمع.
■ كيف نعالج ما نشهده من فوضى فى الخطاب الديني؟
- التصدى لهذه الفوضى يكون عبر العلاج العملى للمشكلات المتعلقة بالحقل الدينى، من خلال التفاعل مع كل قضايا المجتمع، وليس المتعلقة بالشأن الدينى فقط، ربما يظن البعض أن علاج ظاهرة أو أمر ما يتعلق باستصدار قانون أو فرض عقوبة لرد المخالفين، لكن هناك من أصحاب الفكر والعقول من يرى أن العلاج يكمن فى التوعية والإرشاد ودحض الحجة بالحجة، وتفكيك المقولات الشاذة والرد عليها، فالأمر ليس الهدف منه القضاء على الظاهرة فحسب، بل تصحيح فكر مطلق الظاهرة لكى نكتسبه فى صفوف المصلحين.
■ ما موقع الدار من استخدام «السوشيال ميديا» والفضاء الإلكتروني؟
- تهدف الدار للتواجد فى الفضاء الإلكترونى بصورة أكبر هذه الأيام ،باعتباره ميدانًا كبيرًا لمعركة كسب عقول الشباب، وحققت نتائج تخطت حدود مصر، حتى وصلت إلى العالم بمختلف تنوعاته ولغاته فى العام الماضى، وأضحت صفحات الدار محلًا لتساؤلات واستفسارات المسلمين من مختلف دول العالم، وهذا الأمر هو ما وضع على عاتقها أن تلبى تلك الاحتياجات والمطالب المتزايدة، وتقدم الدعم والرأى والفتوى باللغات المختلفة لكل قاصد لها، وواثق فيها، ومؤيد لمرجعيتها الإفتائية الوسطية المعتدلة.
لذلك تسعى «الإفتاء» هذا العام إلى الوصول بعدد مشتركى الصفحة الرسمية إلى 9 ملايين مشترك، لتظل على صدارة المؤسسات الإسلامية فى موقع «فيس بوك»، خاصة أنها نجحت، فى سنوات قليلة، فى الوصول بعدد مشتركى الصفحة لنحو 6 ملايين مشترك ومتابع، يضاف إلى ذلك اتجاه الدار للتوسع فى إعداد وتقديم الفيديوهات القصيرة والفتاوى المصورة التى تنشرها الدار على صفحتها بموقع «فيس بوك»، والتى تلقى ترحيبًا واسعًا ومتابعة متزايدة من قبل المسلمين من مختلف الدول والجنسيات.
■ كيف نستطيع نشر الإسلام الوسطى فى هذا الجو المليء بالتشدد والتطرف؟
- القضاء على التطرف والتشدد يتحقق من خلال استماع الجميع إلى المنهج الوسطى والمعتدل الذى يتصف به الإسلام، فالمغالاة والتطرف والتشدد ليست من طباع المسلم الحقيقى المتسامح منشرح الصدر، المتأسى بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم، ولا من خواص الأمة المحمدية بحال من الأحوال، فمنهج الدعوة إلى الله يقوم على الرفق واللين، ويرفض الغلظة والعنف فى التوجيه والتعبير والتوازن والاعتدال والتوسط والتيسير، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ما كان الرفق فى شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه».
من خطورة التطرف والتشدد أنه تسبب فى تدمير حضارات كثيرة كانت عظيمة، وهو بكل أشكاله وأنواعه غريب عن الإسلام، الذى أسس على الاعتدال والتسامح، ولا يمكن لإنسان أنار الله قلبه أن يكون مغاليًا متطرفًا ولا متشددًا، ومن أجل أن نبتعد عن الخلافات والشقاق لا بد من جلوس كل التيارات والقوى للحوار وبحث وتدارس القضايا التى تنهض بالأمة، حتى نستطيع توحيد الكلمة وتحقيق مصلحة البلاد والعباد، والوصول إلى مشترك فكرى يكمن فى إطاره إدارة الحوار البناء الذى ينهض بالبلاد والعباد، حتى نتجاوز ما هو مختلف فيه ولضمان وجود السلام الاجتماعى الذى فى ظله ينعم الجميع بحياة آمنة.
■ هل هناك جديد فى محاربة الفكر المتشدد على أجندة دار الإفتاء فى المرحلة المقبلة؟
- نعم، فبجانب مرصدى دار الإفتاء لمحاربة الفكر المتطرف، ستشهد المرحلة القادمة تأسيس مركز دراسات التشدد، الذى يفند فكر التيارات المتطرفة، والذى من خلاله نقدم دليلًا إرشاديًا لمعالجة التطرّف بهدف مساعدة صانعى القرار فى التعامل الأمثل مع هذه الظاهرة، وذلك لأهمية التفكير الاستراتيجى فى تمحيص الأفكار الهدامة، وما يقدمه من علاجات لأفكار مستعصية على العلاج.
■ ما الطريقة المثلى التى نعالج بها مشكلة الطلاق، ونحد من زيادة نسبته؟
- يجب أن نعالج أنفسنا أولًا؛ فكلمة الطلاق أصبحت كلمة سهلة فى المجتمع ومنتشرة؛ حتى إن غالبية الطلاق الذى يأتى إلى دار الإفتاء لا علاقة له بالعلاقة الزوجية، لأن بعض الأزواج يقحمون الطلاق فى أمور التجارة وغيرها، وللأسف ارتفعت نسب الطلاق فى السنوات الخمسين الماضية من 6٪ إلى 40٪ حسب الإحصاءات الرسمية، وهذه النسبة داخل فيها أحكام القضاء فى مسائل الطلاق؛ وهى نسبة خطيرة ومزعجة، تحتم علينا وضع حلول لها، والبحث فى أسباب وقوعها، وهناك أسباب كثيرة لظاهرة الطلاق، منها ما هو اجتماعى وما هو اقتصادى، بجانب جهل الزوجين بما على كل منهما من حقوق وواجبات، وبدراسة كل هذه الأسباب والسعى لوضع حلول لها نصل إلى حل لهذه الظاهرة، والدعاة والمشايخ وأمناء الفتوى تقع على عاتقهم مسئولية تبصير الناس بالأمر الشرعى فى مسألة الطلاق.
■ هل وضعت دار الإفتاء حلولًا لعلاج الظاهرة على المستوى الاجتماعى بجانب العلاج الشرعي؟
- نحن فى دار الإفتاء أدركنا أن أغلب حالات الطلاق، خاصة فى سنوات الزواج الأولى، تنحصر فى أن الزوجين ليسا مدركين للحقوق الزوجية التى لكل منهما والواجبات التى عليهما، وأنهما قد لا يدركان المسئولية الملقاة على عاتق كل منهما، ولذا نظمنا ثلاث دورات للمقبلين على الزواج، وسنبدأ فى الدورة الرابعة خلال أيام، ونستعين فيها بعلماء نفس واجتماع وعلماء الشريعة وغيرهم، من أجل إعداد الأزواج والزوجات لتحمل المسئولية.
■ كيف ترى ما عليه «داعش» اليوم؟
- ما يرتكبه تنظيم «داعش» اليوم يندرج تحت الإجرام، لأنه أخل بالإسلام وبقانون الإنسان، فهؤلاء ارتكبوا تحت رايات دينية العديد من الجرائم، مثل قتل الأبرياء وانتهاك الأماكن المقدسة ومجموعة من الجرائم ضد الإنسانية، التى يدينها ويرفضها الإسلام، لا سيما تهجير المسيحيين من أماكنهم التى نهى ديننا عنها، فكل هذه الأفعال تتنافى تمامًا مع سماحة الدين الإسلامى، إذ إنها تشوهه وتصدّر صورة للآخر على أنه دين سفك الدماء وإقصاء الآخرين، لذا فإننا نبذل الجهد فى كشف زيف اعتقادهم.
■ وكيف تتم مواجهة تلك الفتاوى وهذا الفكر؟
- يتم ذلك عن طريق رصد كل الفتاوى والمقولات التكفيرية والمتطرفة، والرد عليها وفق منهجية علمية منضبطة بضوابط العلم والعمل الصحيحة المنبثقة عن الفكر الوسطى للدين الإسلامى الحنيف، وتحليل هذه الفتاوى وفق منهج يراعى السياقات الزمنية والمكانية لها، ويقدم ردودًا علمية شاملة وموثقة ومعالجات موضوعية.
ويجب على المجتمع المصرى ومؤسسات الدولة المختلفة والتيارات الفكرية والسياسية التكاتف لمواجهة هذا الخطر الذى يهدد كيان الدول واستقرارها، ويشوه صورة الإسلام فى الداخل والخارج، ويرسخ الصورة الذهنية المشوهة عن ديننا باعتباره دين العنف والتطرف والإرهاب.
■ ماذا عن ظاهرة فوضى الفتاوي؟ وما رأيك فى القانون المنظور من البرلمان حاليًا؟
- فوضى الفتاوى مسألة خطيرة وتتسبب فى كثير من المشكلات بالنسبة للمجتمع، وسبق لنا فى دار الإفتاء اتخاذ عدة إجراءات وخطوات من أجل المعالجة، وذلك من عدة نواحٍ، ونادينا بالأمر وحذرنا منه، وما يعرض اليوم أمام البرلمان إضافة إلى ما نفعله.
■ وماذا عن دور الإفتاء، الأزهر، والأوقاف فى الحد من فوضى الفتوي؟
- الأزهر الشريف، دار الإفتاء، ووزارة الأوقاف، مؤسسات تقع عليها مسئولية كبيرة تجاه هذه الظواهر، نظرًا لمكانتها العلمية والإفتائية والدعوية، ولما لها من رصيد عند المسلمين كافة، وسيكون لها دور إيجابى فى المرحلة المقبلة، خصوصًا فى التصدى لمثل هذه القضايا، من خلال الرد عليها ردًا علميًا صحيحًا، وذلك بمنهجية علمية منضبطة تراعى الواقع والمصالح والمآلات والمقاصد الشرعية، بعيدًا عن الثرثرة الإعلامية التى لا طائل من ورائها غير مزيد من الالتباس على الناس.
وبالفعل نحن أخذنا خطوة فى الدار؛ حيث تعكف حاليًا على صياغة ردود علمية موثقة تظهر تباعًا خلال الأيام المقبلة، لكل المسائل والقضايا والشبهات المثارة على الساحة فى الوقت الحالى، قيامًا بواجب توضيح صحيح الدين، ودفعًا للاتهامات التى يحرص السفهاء على إلصاقها بالإسلام، ووأدًا لأى محاولة لنشر الفتن أو الطعن على الثوابت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.