شهدت قاعة سهير القلماوي، ندوة لمناقشة كتاب "الصعيد في بوح نسائه" للكاتبة سلمى أنور، بحضور الإعلامية بثينة كامل والناقد الدكتور شوكت المصري والفنانة التشكيلية ياسمين الخطيب، وأدارت اللقاء الكاتبة ليلى يوسف. وفي بداية الندوة أوضحت سلمى أنور ظروف وملابسات معايشتها للواقع الصعيدي الذي كتبت عنه هذا الكتاب، مؤكدة أن الجهل والخرافة هما المتحكمان في المشهد العام في الصعيد، وأوضحت أنها حصلت على مادتها من خلال المعيشة داخل بيوت القرى والبنادر في محافظات الصعيد. وسردت "سلمى" بعض الحكايات التي ذكرتها في كتابها، والتي توضح هيمنة الخرافة على حياة الناس في الصعيد، ومنها حكايات التوائم حيث يعتقدون أن أرواح التوائم تسافر وقت الفجر وتترك الأجساد ولذلك لا توقظ أم التوائم أبنائها من نومهم خوفا من أن تكون أرواحهم مسافرة ولا تعود اليهم، وذكرت أيضا كيف يتعاملون مع المرضى المصابين بأمراض عقلية، حيث يتكتمون على اخبارهم ويعاملوهم معاملة دونية قد تصل للتقييد بالسلاسل والزج بهم داخل قبو وقد تصل لتركهم عرايا طيلة حياتهم. وأضافت أن تلك الحكايات تؤكد حقيقة سيطرة الحلقات الأقوى على الحلقات الأضعف داخل مجتمع الصعيد، حيث ترى أن الواقع الصعيدي مأسوي خاصة أنها حاورت بعض النساء الكبيرات سنا هناك وأجرت معهم نوع من العصف الذهني تجاه الموروث المقدس لديهم الى أن حصلت منهم على إعتراف بأن موروثهم يتسم بالقسوة ولكنه بسبب الجهل. وأختتمت حديثها بالإشارة إلى الخرافات التي تخص علاقتة المجتمع الجنوبي بالجن والعفاريت الذي يعبر عن الجهل المضني. ومن جانبها أثنت الإعلامية بثينة كامل على مجهود سلمى أنور، مؤكدة أنها تمتلك أدواتها البحثية واللغوية والمعرفية خصوصًا أن لغتها مستقيمة نحويا مع بساطتها، وأشارت الى أن الكتاب يمكن أن يندرج تحت الواقع السوداوي واصفة اياه بالمبكي، وأنهت بأنها تُقدّر التحدي الذي واجهته الكاتبة لحفظ هذه الحكايات بوصفها تراث من الإندثار. وبدوره أبدى شوكت المصري إعجابه بالكتاب وواجهه بالتحليل النقدي، حيث بدأ عرض دراسته بأن الكتاب ينقسم لشقين، الشق الأول هو الذي تتقمص فيه الكاتبة دور شهر زاد التي تعيد حكي حكايات شهريار له مرة أخرى دون أن يشعر بأنه هو المقصود، وأشار إلى أنه يقصد بشهريار واقع الصعيد، أما الشق الثاني فتتقمص فيه الكاتبة دور الراوي العليم حيث تحكي حكايات لأشخاص أخرى على لسانها. بينما ربطت الكاتبة ياسمين الخطيب بين مشاكل النساء التي كانت ترسل اليها في الباب التي كانت تحرره وهو الرد على مشاكل القراء والقارئات، ومنها مثلًا من تشتكي من الحجاب الإجباري أو الزواج لضرورة اقتصادية، وأكدت أن أقصى مستوى من القهر تتعرض له المرأة خارج الصعيد، مشيرة لأنها لأول مرة تتعرف على هذا الواقع المؤلم عن طريق الكتاب.