نفت وزارة الآثار في بيان لها مزاعم محاولات الخبير الألماني سارق عينات خوفو التشكيك في تاريخ هرم الملك خوفو عبر سرقة عينات من الخرطوش الملكي التابع له والذي ينقش عليه اسمه. وأكدت الآثار أن الهرم الأكبر إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة والوحيدة التي ما زالت باقية للآن وقد شيده الملك خوفو "خنوم خوفوي" ثاني ملوك الأسرة الرابعة من عصر الدولة القديمة عام "25751-2135 ق.م". ويتلخص الإعجاز المعماري للهرم الأكبر في أنه أكبر مبنى حجري شيدته حضارة قديمة، كما أنه يواجه الاتجاهات الأربعة، إلى جانب أن زوايا ميل أضلاع الهرم الأكبر تكاد تكون واحدة وهو مشيد بنحو "2.300.000" مليونين وثلاثمئة ألف كتلة من الحجر الجيري تتراوح أوزانها ما بين طنين وعشرة أطنان، كما أنه الهرم الوحيد بين أهرام مصر الذي يحوي حجرة الدفن في جسم الهرم، والهرم الأكبر محل إعجاب الكثير من العلماء ومعجزة بناءه يقف أمامها العقل وكيف شيده العامل المصري القديم. حيث يقول المؤرخ عبد اللطيف البغدادي الذي زار مصر عام 1200 م "وإذا رأى اللبيب هذه الآثار عذر العوام في اعتقادهم عن الأوائل بأن أعمارهم كانت طويلة وجثثهم عظيمة، أوانه كانت لهم عصا إذا ضربوا بها الحجر سعى بين أيديهم". وقبل سرد الحقائق العلمية والتي تؤكد أن هذا الهرم بناه الملك خوفو من الأسرة الرابعة نؤكد على أن تاريخ مصر القديمة له مصادر عده لتتبعه بدقة بعد أن فك شامبليون رموز اللغة المصرية القديمة من خلال حجر رشيد الشهير والمعروض حاليًا في المتحف البريطاني، ومن أهم هذه المصادر ما قام به العالم مانيتون Manetho رئيس كهنة هليوبليس في القرن الثالث ق. م بعد أن كلفه الملك بطليموس الأول بكتابة تاريخ مصر مقسما الحقبة التاريخية منذ توحيد القطرين على يد مينا أول الفراعنة، وحتى غزو الإسكندر الأكبر لمصر سنة 332 ق. م إلى واحد وثلاثين أسرة، وعلى الرغم من أن تاريخ مانيتون لم يصل إلينا فإن القائمة التي أعدها بأسماء الملوك وسنوات حكمهم احتفظ بها واستخدامها كتاب التقاويم من المسيحيين الأوائل، إلى جانب ذلك فإن حدوث بعض الظواهر الفلكية في تواريخ محددة قد مكنتنا من ربط التقويم القديم بالحديث. ومن خلال ترتيب ملوك الاسرات من مانيتون ومن مصادر أخرى قديمة من العصر الفرعوني مثل قائمة تورين وحجر بالرمو وكذلك بعض القوائم المختارة مثل قائمة الكرنك وقائمة أبيدوس ومقبرة المهندس تجنري بسقارة Tjenry. إذن التاريخ المصري القديم موثق قديمًا ومرتب تاريخيًا منذ العصور الفرعونية، وجميع المصادر السابقة تذكر الملك خوفو كثاني ملوك الأسرة الرابعة. أما الهرم الأكبر فهو نتاج تطور للعمارة المصرية القديمة، بدأ من مصاطب مقابر الاسرتين الأولى والثانية مرورًا بالهرم المدرج أول مبنى حجرى خالص في التاريخ القديم، ثم هرمى سنفرو بدهشور انتهاء بهرم خوفو، والذي وصل إلى درجة الكمال في العمارة، ولا يوجد نقوش داخل الهرم الأكبر أو مناظر حيث لم تكن قد بدأت كتابة نصوص داخل الأهرام إلا بداية من عصر الأسرة الخامسة. أما عن الأدلة العلمية والتي تؤكد أن الهرم الأكبر شيده الملك خوفو فهي كثيرة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر: أولًا: أن الهرم لم يكن مبنى مستقلاً بذاته ولكنه كان عنصرًا من مجموعة معمارية مرتبطة به ومنها "المعبد الجنائزي- الهرم الجانبي-حفرات المراكب –الطريق الصاعد- معبد الوادي"، وقد وصف المؤرخ الإغريقي هيرودوت الذي زار مصر في القرن الخامس ق.م الطريق الصاعد للملك خوفو، والذي ذكر أن مدة إنشائه قد استغرقت عشرين عامًا، وكانت جدران الطريق الصاعد منقوشة بمناظر ونقوش من عصر هذا الملك، وقد أعيد استخدام الكتل الحجرية لهذا الطريق في أهرام ملوك الدولة الوسطى باللشت ودهشور، وعثر على العديد من هذه الكتل تحمل اسم الملك خوفو. ثانيًا: عثر عالم الآثار "جورج ريزنز" G.Raismer على مقبرة والدة الملك خوفو "حتب حرس" إلى الشرق من هرم خوفو مدفون بها كنوز هذه الملكة بجوار هرم ابنها وكنوزها حاليًا معروضة بالمتحف المصري بميدان التحرير. ثالثًا: عثر عالم الآثار فريناند ديبونو F.Debono عن نقوش للملك خوفو بمنطقة وادى الحمامات وهي حاليًا معروضة بالمتحف المصري، إلى جانب العديد على النقوش الصخرية بوادي المغارة بسيناء لنفس الملك. رابعًا: أما عن الجرافيتي بالحجرات الخمسة محل الواقعة: فقد قام عمال خوفو بكتابة هذا الجرافيتي بالحجرات الخمسة، ويذكر العام السابع عشر من حكم الملك خوفو وهو مكتوب بالمغارة الحمراء ومن عادة العمال المصريين القدماء كتابة مثل هذا الجرافيتي على العديد من الحجرات الداخلية للأهرام والمقابر التي يشيدونها وفي أماكن لا تكون ظاهرة. وقد عثر على مثل هذا الجرافيتي وللملك خوفو وبنفس التاريخ وهو العام 17 عند فتح حفرة المركب الثانية حديثًا سنه2011 وبنفس المداد الأحمر ما يؤكد على تبعية الهرم والمراكب للملك خوفو، وأن محاولة تحليل هذا المداد لن تكون أكيدة علميًا لمحاولة طمس حقيقة أن هرم خوفو الأكبر لا يرجع إلى عصر الدولة القديمة. كما أنه تم الكشف عن مقابر العمال بناة الأهرام جنوب شرق هضبة الجيزة عام 1990م، والتي تم الكشف بها عن العديد من اللوحات والتماثيل والتي تحمل ألقاب ووظائف هؤلاء العمال، وكذا هياكلهم العظمية والتي توضح الأعمال الكثيرة في رفع الأحجار. خامسًا: كشفت البعثة الأمريكية برئاسة مارك لينر lehner عن مدينة العمال أسفل مقابرهم والتي عثر بها على العديد من الاختام والتي ترجع لملوك الأسرة الرابعة. سادسًا: من أهم ما كشف عنه حديثًا ويؤكد أن هرم خوفو قد شيده هذا الملك، ذلك الكشف بإحدى المغارات بجبال العين السخنة بمعرفة عالم الآثار الفرنسي "تالية" العام الماضي 2012، والذي كشف به عدد كبير من البرديات والتي ترجع إلى عصر الملك خوفو، مكتوب عليها عدد العمال، وكذا عدد المراكب التي تحمل الأحجار، وعدد العمال الذين أنزلوا الأحجار لتشييد الهرم الأكبر بالجيزة، وهذا الكشف عبارة عن يوميات لمهندس الهرم الأكبر وترتيبه للأعمال الإنشائية، ووصف لطريقة نقل الأحجار وتشيدها وهو دليل دامغ وأكيد. سابعًا: كما قامت البعثه الألمانية برئاسة الدكتور رودلف كوبر بالكشف عن نص جرافيتي في الصحراء الغربية بمنطقة الواحات الداخلة يوضح اسم الملك خوفو وابنه جدف رع يرسلون بعثه لجلب الأكاسيد والألوان. وأخيرًا نود أن نؤكد أن الهرم الأكبر سيظل شاهدًا على عظمة المصريين القدماء، ومصدر إلهام العديد من الكتاب والمغامرين وهواه التاريخ ليحيكوا حوله الأساطير والقصص الوهمية، والتي تزيد، على الرغم من فراغها العلمي، من الهوس بالحضارة المصرية القديمة.