قائمة قصيرة جدًا من الأعمال لم تتجاوز خمسة أفلام روائية طويلة، لكنها كافية جدًا لأن تصنع جدلًا يدوم لسنوات، وما إن تنتهي حالة الجدل حتى يأتي عمل جديد للأمريكى دارين أرونوفسكى ليفتح باب الجدل مجددًا. فيلم "نوح" أو "Noah" منذ البدء فى تصويره بأيسلندا فى يوليو 2012 انتقل من كونه مشروع فيلم لمخرج شاب إلى ظاهرة عالمية، ومع ظهور الصور الأولى لبطله راسل كرو فى شخصية نوح أواخر عام 2012 حتى وضعه المهتمون بالسينما فى العالم على قوائم الانتظار يتحدثون عما يمكن أن يصنعه أرونوفسكى وأكثرهم يعلم جيدًا قدرته ويعرفون عناده وإصراره على تقديم رؤيته. فبمجرد ظهور البوستر الدعائي الأول للفيلم مع التيللر الرسمي حتى بدأت التخمينات على مستوى العالم حول الفيلم ومخرجه وذلك قبل عرضه بأربعة أشهر والمقرر في أوائل العام المقبل. أرونوفسكى يرى نوح شخصية سوداوية ومركبة استهوته منذ أن كان فى الثالثة عشر من عمره، حلم كثيرًا أن يستطيع تنفيذها كفيلم، وجدول عمله المتأني فى صناعة الأفلام لم يمنعه مع شريك الكتابة آرى هاندل فى كتابة سيناريو رواية مصورة بطلها "نوح" نُشرت بالفرنسية عام 2011، وبعد أن كان المشروع مجرد فكرة بدأ ارونوفسكى فى تنفيذها عام 2007 أثناء تصوير فيلمه "The Fountain"، جاءت شركتا "ريجنسى" و"بارامونت" لتحققا أحلامه بميزانية تقريبية ضخمة بلغت 130 مليون دولار. الفيلم يتتبع خطوات رواية ارونوفسكى وهاندل، وهو الخط الذى قال عنه مخرج الفيلم إنه يعاني من الكثير من الفجوات والمسائل المبهمة فى الكتب السماوية، والتزم بالخطوط العامة التي تحكيها قصة حياة "نوح" لكنه بالطبع أضاف إليها، وجاءت إضافته وبالًا على شركتي الإنتاج اللتين تخشيان من ردود أفعال الجمهور المتدين الرافض لرؤية ارونوفسكي، الذي وضع على لسان نوح فى الفيلم أن الطوفان ما هو إلا عقاب على تدمير البشر للأرض وإخلالهم بالتوازن البيئي، وهو ما رآه الكثير من المتدينين تعديًا، وحاولت الجهات المنتجة اقناع ارونوفسكى بالتعديل أو حذف المشاهد التى قد تثير غضب البعض، لكنه رفض وبشدة مصرًا على موقفه وخروج الفيلم بالشكل النهائي الذي يرضاه. يشارك فى بطولة الفيلم انتونى هوبكنز فى دور متوشالح جد نوح، وجينفر كونلى فى دور نعمة زوجة نوح، وإيما واطسون فى دور إيما ابنته المتبناة، ولوجان ليرمان فى دور ابنه حام، أما عدو نوح وأخو زوجته توبال قابيل فدوره كان من نصيب راى وينستون، وهي الأدوار التي مر بعضها بسلسلة من الترشيحات حتى استقرت على أبطالها الحاليين، فدور نوح كان فى البداية لبراد بيت، لكن مع بدء تنفيذ المشروع فعليًا على أرض الواقع رُشح كريستان بيل لأداء الدور لكنه رفض نوح وقبل اداء شخصية نبى آخر هو "موسى" فى فيلم من المقرر عرضه ديسمبر العام المقبل من إخراج رايدلى سكوت ويحمل عنوان "Exodus"، أيضا مايكل فاسبندر رُشح لكنه رفض ليستقر الأمر على راسل كرو. ومن ناحية أخرى، داكوتا فاننج كانت ستحل محل إيما واطسون لكن تعارض جدول أعمالها مع مواعيد تصوير الفيلم حال دون ذلك وجعل من الاعتذار عن المشاركة فى بطولة الفيلم واقعًا، وأيضا جوليان مور كانت مرشحه لدور نعمة، ودور توبال رٌشح له فال كليمر ووليام نيسون، وليف شرايبر. وكانت نيويورك المحطة الأكبر فى تصوير الفيلم لأن ارنوفسكى بنى فلكًا جديدًا استقر فى المدينه العريقة ليعتمد عليه فى التصوير، لكن اعصار ساندى حاول أن يغرق الفلك الذى أشرف على صناعته دراين، وبالطبع لم يستخدم كل هذه الأنواع من الحيوانات والزواحف في الفيلم، لكن تم استخدام التقنيات الرقمية فيما يتعلق بالحيوانات وظهورها في أحداث الفيلم. وعما تردد حول موافقة الرقابة المصرية على عرض الفيلم ليصبح أول فيلم يتم عرضه سينمائيًا يظهر فيه أحد الأنبياء، قال قال المخرج أحمد عواض، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، إنه يتمنى أن يعرض الفيلم في مصر وأن يكون هناك مزيد من الحريات، ولا يكون هناك تخوفات من عرضه، وأضاف أن هناك بعض الدول بدأت تقبل على هذه الخطوة مثل السعودية التي سمحت بإنتاج أعمال يظهر خلالها الصحابة وتشارك في إنتاجها شركة سعودية وهى إم بي سي ولكن الحديث عن الموافقة الرقابية للعمل يسبق أوانه.