«البطريرك 113» يرفض لائحة 1938.. وإلغاء المحاكم الملية عام 1955 «كيرلس» يقدم 8 مقترحات ل«العدل».. و«الكنائس» تتوافق على قانون موحد عام 1979 على مدار 79 عامًا، مثلت الأحوال الشخصية للأقباط الأزمة الذى تطارد الكنيسة، وكانت البداية عام 1938، بإصدار المجلس الملى العام للأقباط الأرثوذكس منفردًا لائحة للأحوال الشخصية للمسيحيين عُرفت بلائحة 1938، وأباحت الطلاق ل9 أسباب وعدم قصرها فى علتى «الزنا وتغيير الدين»، ولم ترض الكنيسة برئاسة «البابا يوأنس التاسع عشر»، البطريرك ال113 فى تاريخ بابوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عن اللائحة التى تعتبرها حتى وقتنا هذا غير شرعية، لأنها صدرت بعيدًا عن المجمع المقدس للكنيسة الذى يعتبر صاحب سلطة التشريع للأقباط، إلا أن الدولة أقرت اللائحة لتكون المرجع الأساسى للمحاكم فى قضايا الأحوال الشخصية للأقباط، الأمر الذى أحدث عدة صدامات لم تنته حتى الآن. وفى عهد «البابا مكاريوس الثالث»، البطريرك ال114 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عقد المجمع المقدس جلسة لمناقشة اللائحة أبدى اعتراضه صراحة على اللائحة لمخالفتها الكتاب المقدس وقوانين الكنيسة، معلنًا بطلان اللائحة، وأرسل مذكرة للحكومة بتاريخ 30 مايو 1945 ليبلغها اعتراضه على اللائحة، إلا أن الحال بقى كما هو عليه. وفى عام 1955، وعقب ثورة 23 يوليو 1952، ووقت فراغ الكرسى البابوى بعد إرجاع «البابا يوساب الثانى»، البطريرك ال115 للكنيسة إلى الدير لعدم قدرته على إدارة الكنيسة، وتشكيل لجنة بابوية لإدارة شئون الكنيسة، مكونة من: «الأنبا ميخائيل مطران أسيوط، والأنبا أغابيوس مطران ديروط، والأنبا بنيامين مطران المنوفية»، صدر القانون 462 لسنة 1955، الذى ألغى المحاكم الملية التى كان يحتكم لها الأقباط فى شئونهم الشخصية فى ظل التعددية القضائية التى كانت موجودة فى مصر، ونقل القانون اختصاصتها إلى المحاكم الوطنية بداية من يناير 1956، وبمقتضى هذا القانون، أصبحت المحاكم المصرية هى المختصة بنظر كل المنازعات بين المصريين، بما فيها منازعات الأحوال الشخصية، بغض النظر عن كونهم مسلمين أم لا، لتعترض اللجنة البابوية وحاولت إدخال تعديلات على لائحة 1938 لقصر الطلاق والزواج الثانى على ما ورد فى الإنجيل، إلا أنه فى نفس العام رفضت محكمة النقض تعديلات المجلس الملى حول اللائحة، وأصبحت لائحة 1938، المعمول بها فقط أمام المحاكم منذ ذلك الحين وحتى الآن. وفى عام 1958، عقد المجمع المقدس للكنيسة اجتماعين انتهى فيهما إلى أنه «لا يُعتد بأحكام الطلاق الصادرة عن القضاء المدنى لأن الزواج أحد أسرار الكنيسة السبعة»، ورفع «البابا كيرلس السادس»، البطريرك ال116 للكنيسة، مذكرة لوزير العدل عام 1962 قدم فيها 8 مقترحات تقيد لائحة 1938 وتطالب بدمجها فى قانون جديد موحد للأحوال الشخصية للأقباط، وأعد المذكرة فى ذلك الوقت اللجنة التى شكلها البابا لدراسة «الأحوال الشخصية»، وترأسها «الأنبا شنودة»، أسقف المعاهد الدينية والتربية الكنسية وقتذاك «البابا شنودة الثالث»، وعضوية القمص «صليب سوريال»، أستاذ الأحوال الشخصية بالكلية الإكليريكية، و«راغب حنا المحامى»، و«المستشار فرج يوسف»، و«المستشار حسنى جورجى»، وجدد البابا كيرلس إرسال نفس المذكرة، لكل وزير يتولى مسئولية وزارة العدل فى الحكومات المتعاقبة على مدار 5 سنوات منذ 1962، حتى 1967. وبعد تجليس «البابا شنودة الثالث»، بطريركًا للكنيسة حمل رقم 117، ب4 أيام، صدر قرار بابوي، عام 1971 يقضى بألا يُعقد الزواج الثانى لمن تطلق لعلة الزنا، حيث كان «البابا شنودة»، من أشد معارضى لائحة 1938، وكتب العديد من الأبحاث ضدها قبل جلوسه على الكرسى البابوى، وأكد على نفس الفكر فى قرار المجمع المقدس بتاريخ 21 فبراير 1979، وجلسات أخرى تلتها، قبل أن تتوافق الكنائس عام 1979 على إعداد قانون كنسى موحد قُدم للدولة وقتها ودخل أدراجها، ولم يخرج للنور حتى هذه اللحظة، الكنيسة من جانبها، طبقت اللائحة الجديدة داخل مجالسها للأحوال الشخصية، فيما طبقت المحاكم لائحة 1938، ما خلق الأزمة لأن ما تحكم به المحاكم لا تحكم به الكنيسة، قبل أن يعاد طرح القانون الموحد مرة أخرى عام 1998 وتُشكل لجنة لمراجعته غير أنه لم يخرج للنور بعد، وفى عام 2008 أصدر البابا تعديلًا للائحة 1938 ونشره بالجريدة الرسمية يتضمن إلغاء أسباب الطلاق والزواج التسعة ويحصر الطلاق فى علة الزنا فقط، لتتصاعد الأزمة وتظهر أزمات «العائدون للمسيحية»، وشهادات تغيير الملة وتقع أزمة الزواج الثانى بين القضاء والكنيسة، لتعاود الدولة تشكيل لجنة لمناقشة القانون الموحد عام 2010 دون جديد. ويعد عام 2008 هو البداية الحقيقية للأزمة المتصاعدة حتى الآن بسبب تعديلات «البابا شنودة الثالث»، التى أظهرت أزمات الطلاق والزواج الثانى، وتشكيل الروابط القبطية لمتضررى الأحوال الشخصية الذين تسببوا فى صداع مزمن للكنيسة بلجوئهم تارة للكنائس وتارة للتظاهر والاعتراض والتهجم على قيادات الكنيسة. وفى عهد «البابا تواضروس الثانى»، البطريرك الحالى للكنيسة الذى يحمل رقم 118، عاود «الإخوان»، فتح الملف وتشكلت لجنة فى وزارة العدل بمشاركة الكنائس لمناقشة القانون والعمل على إقراره، حتى أمر الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2014 لجنة الإصلاح التشريعى بفتح ملف القانون، لتشكل الكنائس لجنة تتواصل مع وزارة «العدالة الانتقالية»، وقتها وصدرت مسودة أولية للقانون قدمت للدولة، إلا أنه وقع خلاف بين الكنائس حول 10٪ من بنوده، ليقرر البابا فى أغسطس 2015 إعادة القانون للجنة الإيمان والتشريع بالكنيسة لمناقشته لمدة يومين بحضور 33 أسقفًا، انتهى لتأجيل حسم القانون بشكل نهائى خلال مؤتمر المجمع المقدس الذى عقد فى مارس 2016 «بدير الأنبا بيشوى»، بوادى النطرون بحضور 109 «مطران وأسقف»، ليتم التوافق على القانون ويقدم لوزارة العدل على أساس كونه قانونًا للأقباط الأرثوذكس فقط، ويعد القانون الذى أصدرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ثمرة مجهود «البابا تواضروس الثانى»، و«الأنبا بولا»، أسقف طنطا وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، الذين عملوا على مدار السنوات الماضية منذ تولى البابا تواضروس الكرسى البابوى فى 2012 على الاهتمام بهذا الملف من منطلق مقولة «البابا تواضروس»: «لا أقبل أن يقول أحد من الأقباط أن الكنيسة ظلمته فى قضية الأحوال الشخصية»، لتتعدد بعدها المؤتمرات الكنسية والمناقشات واللجان لمناقشة القضية والعمل على حلها.