سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد الإعلان عن بدء طرح الشركات الحكومية.. البورصة مستعدة.. والاستثمارات الأجنبية قادرة على استيعاب الطروحات الجديدة.. والخبراء يطالبون بتحديد جدول زمني محكم لتنفيذ برنامج الطروحات
اتفق خبراء سوق المال على أن الوقت أصبح مناسبا، لبدء برنامج طرح الشركات الحكومية فى البورصة، فى ظل ارتفاع حجم السيولة، ما يؤكد قدرة السوق على استيعاب الطروحات الجديدة. يأتى ذلك ضمن برنامج بنود الإصلاح الاقتصادى الذى اعتمدته الحكومة مع صندوق النقدى الدولى، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار جنيه لمدة 3 سنوات، وبدأ بتحرير سعر صرف العملة المحلية، ما تسبب فى رفع وتيرة تدفق الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، منذ أكثر من شهرين ونصف الشهر، لتتجاوز حجم استثمارات الصناديق الأجنبية فى البورصة المصرية أكثر من 100 مليار حنيه. وكانت وزيرة الاستثمار، داليا خورشيد، قد أعلنت فى وقت سابق، اعتزام الحكومة تفعيل برنامج طرح الشركات الحكومية من خلال بدء إجراءات طرح شركتى «إنبي» و«أموك» فى عام 2017، وتمت الاستعانة بشركة «إن آى كابيتال» التابعة لبنك الاستثمار القومى المملوك للدولة، للقيام بدور مستشار لوزارة الاستثمار، لإعداد برنامج الطروحات بالكامل، الذى ينتظر أن يجذب نحو 10 مليارات دولار من الاستثمارات غير المباشرة إلى بورصة الأوراق المالية. ويستهدف برنامج الطرح شركات قطاع البترول والقطاع المصرفى على رأسه «بنك القاهرة»، ومن المنتظر طرح 49٪ من رأسماله، بخلاف بنكين آخرين هما العربى الإفريقى الدولى والمصرف المتحد. وقال إيهاب سعيد، عضو مجلس إدارة شركة أصول للسمسرة فى الأوراق المالية: «إن الحكومة تضع خطة محكمة لضمان نجاح الطروحات الحكومية الجديدة، وتنفيذها فى الجدول الزمنى الخاص ببرنامج الإصلاح الاقتصادى، دون الإخلال بمراحل التنفيذ المعلن عنها»، لافتا إلى أن مصر كانت قد تبنت برنامجا لخصخصة الشركات عبر البورصة فى عامى 1997/1998، ولم تتمكن من البدء فيه فعليًا إلا خلال عامى 2004/2005 عند طرح 3 شركات حكومية، هى: «أموك، سيدى كرير، المصرية للاتصالات»، وذلك بالتزامن مع حالة الانتعاش الاقتصادى التى خيمت على الأسواق العالمية فى ذلك التوقيت. وأشار الخبير إلى أن توقيت الإعلان عن خطة الطروحات أصبح ملائمًا فى أعقاب نجاح خطة تعويم الجنيه، الذى كان تحوطه حالة من التخوف، إلا أن القرار جاء قويًا وسريعاً فى توقيت تعانى فيه الاقتصاديات العالمية من حالة تباطؤ، خاصة فى غالبية الدول النامية ودول جنوب شرق آسيا، على رأسها الصين، وكذلك دول الخليج العربى. ويرى «سعيد» أن الحكومة أعدت خطة للإصلاح الاقتصادى تسير فيها بخطوات سريعة، خاصة بعد تحرير سعر الصرف، وكانت النتيجة السريعة والحاسمة هى ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة فى البورصة، التى بدأت منذ نوفمبر من العام الماضى فى استعادة نشاطها، ونجحت فيها مؤشرات السوق، خاصة المؤشر الثلاثينى «EGX30» فى تحطيم مستوياته التاريخية، ما أعاد الأنظار للسوق المصرية كإحدى أهم الأسواق الناشئة الواعدة لجذب استثمارات العرب والأجانب خلال الفترة المقبلة. ويطالب «سعيد» الحكومة بضرورة العمل على الترويج الجيد للطروحات المرتقبة، مؤكدا أن السوق مهيأة لاستقبال الشركات الجديدة، إذ تمر بأفضل فترات نشاطها وانتعاشها، وتحتاج إلى دماء جديدة من خلال طرح شركات قوية وواعدة كشركات البترول الحكومية. وقال شوكت المراغى، العضو المنتدب لشركة «إتش سي» لتداول الأوراق المالية: «إن الهدف من طرح شركات قطاع الأعمال هو جذب استثمارات غير مباشرة، وتوفير عملة أجنبية يمكن أن تدخل إلى شريان الاقتصاد»، مؤكدًا أن قيام الحكومة بالبدء فى تنفيذ برنامج الطروحات هو البداية الحقيقية لإعادة النظر فى ماهية بورصة الأوراق المالية كمصدر لتمويل عمليات التطوير، وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، مؤكدًا أن الأموال المستهدف جذبها خلال ال5 أعوام المقبلة وإن لم تكن كبيرة بالقدر الكافى، إلا أنها سوف تساهم فى تعظيم استخدام الناتج المحلى، إذ سيتم توجيهها لمشروعات تطوير سوف تصب فى النهاية فى منظومة الاقتصاد الكلى. وأكد «المراغي» أن الحكومة تسير بخطوات ثابتة لتنفذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى بدأت فيه بتحرير سعر صرف العملة المحلية والذى تسبب فى إعادة الروح للبورصة، من خلال جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، التى من المنتظر أن تساهم بشكل مباشر فى نجاح خطة طروحات الشركات الحكومية. ويرى «المراغي» أن الشكوك التى كانت تحوم حول قيام الحكومة بالطروحات المرتقبة لتوفير سيولة لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة انتفت، إذ تأكد أن الغرض أكبر من ذلك، وهو تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى على مدار الفترة المقبلة. وقال محمد فؤاد، رئيس شركة جلوبال كابيتال لتداول الأوراق المالية: «إن أبرز ما يزيد من فرص نجاح الطروحات الجديدة، هو عودة الحكومة للنظر إلى البورصة كإحدى أهم الأدوات الخاصة لتمويل المشروعات القومية، ما يعيد الروح لسوق المال، بعد أن سحب القطاع المصرفى البساط من تحت أقدامه خلال السنوات الماضية». وأوضح «فؤاد» أن الحكومة تعمل بحرفية، فلم تتسرع فى طرح شركات فى ظل حالة الركود التى كان تعانى منها سوق المال المصرية قبل تحرير سعر الصرف، مؤكدًا أن توقيت طرح شركات البترول ملائم حاليًا وقادر على التمهيد لنجاح خطة الحكومة، التى تهدف فى النهاية لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، والغرض منه هو إنعاش الاقتصاد المصرى وجذب استثمارات أجنبية غير مباشرة، فى البورصة وكذلك استثمارات مباشرة فى كل القطاعات الاقتصادية الأخرى. ويؤكد نادى عزام، خبير أسواق المال، أن الحكومة مستعدة الآن لاستكمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تمت الموافقة عليه من قبل صندوق النقد الدولى كشرط أساسى لمنح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار، مشيرًا إلى أن القرارات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة خلال الشهرين ونصف الشهر الماضية، كانت بغرض التمهيد لتنفيذ برنامج الطروحات، الذى سبق أن تم الإعلان عنه وتحدد موعد انطلاقه فى بداية عام 2017، مشيرًا إلى أن خصخصة الشركات الحكومية أحد أهم بنود برنامج الإصلاح، ما أدى لقيام الحكومة بالاتجاه للخصخصة بواسطة البورصة، بدلا من بيعها لمستثمر استراتيجى. وأوضح «عزام» أن البدء بشركات البترول لكونها من الشركات القوية والجاذبة للاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، والغرض منه ضمان نجاح المرحلة الأولى من البرنامج، مؤكدًا أن إرجاء طرح بنك القاهرة الذى كان مقررا فى بداية عام 2016، له أسبابه، أبرزها أن هناك مشاكل تعانى منها البنوك حاليا بعد قرار تحرير سعر الصرف، متوقعًا أن يكون طرح البنوك الحكومية مرحلة تالية، بعد التأكد من حل أزمة تعثر عملاء البنوك نتيجة فروق سعر العملة الأجنبية بعد تعويم الجنيه. ويرى الخبير أن البورصة أصبحت جاذبة فى ظل توافر السيولة فى السوق، ما يضمن نجاح الطروحات، وعدم تأجيلها مرة أخرى، منذ أكثر من 10 أعوام عندما أعلنت الحكومة وقتها عن طرح بنك القاهرة وشركة ميدور، وتراجعت لتراجع السيولة فى هذا التوقيت، بالإضافة لبعض الأسباب السياسية، إلا أنه تم تذليل تلك العقبات الآن. أما عن الانعكاسات الإيجابية، فيتوقع الخبير أن تجذب الطروحات المرتقبة المستثمرين العرب والأجانب بصورة غير مسبوقة، إذ تعتبر تلك الشركات من الشركات الرابحة التى يمكن أن تعطى ثقلا نسبيا للمؤشر الرئيسى، خاصة شركات البترول، التى من الممكن أن ترفع من شأن القطاع الذى يعد من القطاعات غير النشطة، رغم كونها تصنف ضمن الأسهم الدفاعية التى تضمن لحملة أسهمها توزيع كوبونات سنوية، وتكون المضاربة عليها محدودة، وهو ما يقلل من التذبذبات السعرية لأسهمها يوميا. ويطالب عزام بضرورة أن تعمل الحكومة على طرح نسبة كبيرة من أسهم تلك الشركات لا تقل عن 49٪ مع ترك نسبة جيدة للتداول الحر، مما يزيد من كفاءة وعمق السوق، على أن يتم وضع قيود على التداولات خلال الجلسات الأولى حتى لا يتكرر سيناريو المصرية للاتصالات، آخر الاكتتابات الحكومية خلال السنوات الأخيرة.