جزى الله فضيلة الأمام الأكبر خير الجزاء، لما قام به من دعوة جميع أصحاب الأديان السماوية والوضعية المتنازعين في مانيمار، وذلك من أجل التحاور البناء بينهم، تحت رعاية فضيلته شيخا للأزهر ورئيسا لمجلس حكماء المسلمين بالقاهرة، وقد أثمرت تلك الدعوة ثمارا إيجابية بين خصوم الأمس جلساء اليوم في مصر الأزهر واستمع كل طرف إلى الآخر، وتناقش كل الفرقاء وأبدى جميعهم رغبة حقيقية في العيش المشترك وطي صفحة الماضي وذلك من منطلقات قانونية وانسانية وشرعية أيضا بناء على المساوات التامة في الحقوق والواجبات وتطبيق مبدأ المواطنة التامة كما شدد على ذلك فضيلة الأمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمدالطيب شيخ الأزهر. إلا أن البعض من أصحاب النفوس المريضة الحاقدين على الأزهر الغامزين لشيخه تارة أخرى حسدًا من عند أنفسهم، حلا لهم أن يتصيدوا كلمات قالها شيخ الأزهر في مناسبة تقتضي تقريب وجهات النظر بين الخصوم، وإن اختلفت عقائدهم وتتطلب من راعي هذا المنتدى أعلى درجات الحكمة ومخاطبة كل الخصوم ممن تابعه في الدين والعقيدة ومن خالفه في أمر الاعتقاد بأحسن الكلمات وأرقاها أدبا لكون الكل منحه الثقة ورضى به حكما في قضية من أخطر القضايا لأنها تتعلق بمصير شعب وحقن دماء أمة بأسرها. فحسنا ما صنع شيخ الإسلام مع الجميع من منطلق شرعي يملي عليه التعامل بكل شفافية. ومتى كان ديننا يحث أتباعه على سب أو شتم الآخر؟ بل إن من محاسن ديننا أنه نهانا عن سب من يستحق السب من الأصنام والأوثان حتى لا يسب من لا يستحق السب، ألم يقل الله تعالى (لا تسبوا الذين يدعون من الله فيسبوا الله عدوا بغير علم)؟ بل إن عظمة ديننا امرتنا ان نقول للناس -كل الناس-حتي من كان بيننا وبينه عداوة (وقولوا للناس حسنا). أكان هؤلاء المتصيدون ينتظرون من شيخ الاسلام ورئيس مجلس حكماء المسلمين في العالم ان يتوجه الي ضيوف مصر وضيوف الأزهر- حتى ولو كانوا خصوما لأهل دينه- بالسباب أو الشتائم؟ أم كانوا ينتظرون منه أن يرمي مخالفينا من البوذيين والسيخ والهندوس بالكفر وتسفيه واحتقار معتقداتهم؟ ما هكذا حكم الشريعة يأمر. أقول لهؤلاء الغوغائيين والسفهاء كفوا عن مهاتراتكم، وكفاكم عبثا، وقدروا الأمور قدرها إن كنتم ممن تحسنون معايير الإنصاف وتعقلون سبيل الحق. فما صنعه شيح الإسلام وإمام المسلمين مع طوائف شعب بورما المتنازعين هو عين صريح الشرع وأسمى تعاليم الدين تطبيقا وتنفيذا لهدى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.