قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول للعمليات الأسبق والخبير البترولي، إنه عقب ثورة 25 يناير 2011، والتي انعكست آثارها بالسلب على قطاع البترول المصري بعد انتشار الفوضى في كل الأنحاء، وفي ظل عدم استقرار أمني وسياسي، توقفت عمليات تنمية حقول الغاز المكتشفة في المياه العميقة أمل مصر في تلبية احتياجاتها من الطاقة، علاوة على توقف الاستثمار في مجال البحث والاستكشاف للبترول والغاز بوجه عام، استتبع ذلك انخفاض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي، وعدم كفايته لاحتياجات القطاعات المستهلكة، وتعرض العديد من المصانع الإنتاجية للتوقف أو تخفيض إنتاجيتها، فما كان من قطاع البترول إلا أن اتخذ قرارًا سريعًا موفقًا بالسماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي. وأوضح يوسف، في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز"، اليوم السبت، أن القطاع الخاص لم يتخذ أي إجراء من شأنه الاستيراد بمعرفتهم لعدم جدواه اقتصاديًّا، فالأمر كان يتطلب إنشاء محطات لاستقبال الغاز الطبيعي المسال المستورد من الخارج، ولم يكن القطاع قد أنشأ أيًّا من محطات استقبال وقتها، علاوة على ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي وصولا لمستوى 15-18 دولارًا للمليون وحدة حرارية، وقت أن كان سعر البيع المعلن من قطاع البترول لأعلى شريحة لا يزيد عن 4 دولارات للمليون وحدة حرارية. وتابع: "جاء يوليو 2014 بإعادة تسعير الغاز الطبيعي بشرائح مختلفة تبعا لنوع وكثافة استهلاك الصناعة ليتراوح ما بين 5-8 دولارات للمليون وحدة حرارية، تأثرت صناعة الأسمنت وقتها بارتفاع الأسعار وقررت التوجه لاستخدام الفحم كبديل للغاز الطبيعي ومنها اتجه القطاع الخاص إلى التفكير في استيراد الغاز الطبيعي المملوك لحصة الشريك الأمريكي في الحقول الإسرائيلية باتفاق متعدد الجوانب يشتمل على بيع كميات للقطاع الخاص المصري بأسعار تقل عن الشرائح العليا لأسعار الغاز بمصر شريطة تسييل كميات من الغاز الطبيعي بمحطات الإسالة بدمياط وإدكو وتصديرها للخارج مسالة لحساب الشركة الأمريكية". وأكمل يوسف: "توافق اتفاق القطاع الخاص المصري والشركة الأمريكية بعد انهيار أسعار النفط والغاز عالميًّا بدءا من نهاية عام 2015 ووصول سعر الغاز المسال إلى 4،2 دولار للمليون وحدة حرارية عند مستوى سعر لخام برنت القياسي 30 دولارًا دون احتساب تكاليف النقل من إسرائيل لنقطة الربط مع الشبكة القومية للغاز الطبيعي المصري، دخل الاتفاق مراحل التنفيذ بالفعل على وجه السرعة إلا أن غرفة التجارة الدولية بسويسرا أعلنت حكمها المبدئي بغرامة لصالح إسرائيل على قطاع البترول المصري قدرت 1،988 مليار دولار، والذي على أثره قام قطاع البترول المصري بعدم السماح للقطاع الخاص بالتعاقد مع الجانب الإسرائيلي إلا بعد التنازل عن كل قضايا التحكيم ضد قطاع البترول. وبالتالي توقف القطاع الخاص عن فكرة استيراد الغاز الطبيعي وتداوله داخل مصر أو استيراده، وإسالته بمحطات الإسالة المصرية، وإعادة تصديره لأوروبا لحسابهم". ولفت إلى أن أسعار النفط عاودت الارتفاع مؤخرًا بالوصول لحدود 56 دولارًا للبرميل من خام برنت القياسي، وبالتالي ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال لمستوى 8 دولارات للمليون وحدة حرارية دون حساب تكلفة إعادته للحالة الغازية البالغة 1،3 دولار للمليون وحدة، ومازال مسلسل الزيادة مستمر ومتوقع وصول الأسعار لحدود 11-12 دولارًا للمليون وحدة حرارية إذا نجحت جهود دول منظمة أوبك والدول الكبرى الساندة للقرار كروسيا في الحفاظ على استمرار خفض سقف الإنتاج للحدود المتفق عليها حسب آخر اجتماع للأوبك".