سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نُقاد ومثقفون عن رحيل "نهاد صليحة".. "الخميسي": خسارة فادحة لنموذج جمع العلم والمعرفة والنزاهة.. أمل جمال: بدأبها وتواضعها لا تموت بل تمضي في حرير الزمن.. أشرف زكي: أستاذة كل الاجيال
نعى عشاق المسرح جمهورا وفنانين ومبدعين ونقاد، علما من أعلام النقد الأدبي والمسرحي وسيدةً جليلة من سيدات الفكر والإبداع والثقافة، الدكتورة نهاد صليحة التي رحلت عن عالمنا مساء اليوم، تاركة رصيدا من الكتابات النقدية التي أثرت المكتبة النقدية العربية. وعبر العديد من المثقفين والنُقاد عن الخسارة الكبيرة التي لحقت بالمكتبة النقدية والمسرح العربي لرحيل "صليحة"، ففي البداية قال القاص أحمد الخميسي: رحيل الناقدة الكبيرة نهاد صليحة خسارة فادحة لنموذج جمع العلم والمعرفة والنزاهة. ومن جانبها قالت الناقدة الدكتورة هويدا صالح: فارقتنا الناقدة الجليلة نهاد صليحة التي أسهمت في تشكيل عقول نقدية جادة وتمتلك وعيا نقديا حادا، فارقتنا الحكيمة المتواضعة التي لا تترك فرصة يمكن أن تدعم فيها مبدعا أو ناقدا إلا وتنتهزها، إنها الناقدة المسرحية والمترجمة وأستاذة النقد في أكاديمية الفنون، امرأة في كل محاضرة استمعت لها فيها تعلمت منها قيمة علمية وجمالية جديدة، امرأة صلبة وقوية، ورغم أن المرض هزم جسدها إلا أنها ستظل خالدة بخلود ما تركته من علم، وما شكلته من عقول نقدية ومنهجية. وأضافت: كانت المرة الأولى التي رأيتها قبل سنوات بعيدة في قاعة الدرس في المعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون. أجرت لي الاختبار الشفوي قبل الالتحاق بالمعهد للدراسة، تمهيدا للماجستير، ومن ثم الدكتوراه، حين عرفت إني كاتبة أخبرتني أنها قرأت لي مجموعة قصصية منذ سنوات، وبدأنا نتحدث عن كتابات البنات، وحين استمعت لي قالت: "أنت هتبقي ناقدة نسوية مهمة". وواصلت، حين تجلس إليها في قاعة الدرس بأكاديمية الفنون ثق إنك سوف تتعلم شيئا جديدا: ربما تتعلم منها تاريخ المسرح العالمي والعربي، وربما تعيد قراءة النصوص العالمية لتعلمك كيف تقرأ الخطاب الثقافي وراء النص الأدبي، ولا تكتفي بالحكاية أو السرد والجماليات الفنية. تبحث عما يكمن وراء النص من مقولات تشكل وعينا بالعالم، وتحدد رؤيتنا له، كانت متواضعة ومحبة لطلابها، في السنة الثانية من دبلومة النقد الفني عرضت عليها بحثا شاركت به في مؤتمر أدباء مصر، قرأت البحث وفي المحاضرة التالية قالت: سوف أمنح هويدا صالح امتيازا في أعمال السنة، ولن تكلف بحضور عرض مسرحي والكتابة عنه، ولما رأت الدهشة في عيون الطالب بادرتهم: "لأني قرأت لها بحثا عميقا يوازي رسالة ماجستير". وأوضحت هويدا: حين ناقشتني في رسالة الماجستير قالت وأمام كل المثقفين الذين حضروا المناقشة، وكان يشاركها المناقشة الناقد الجليل عبد المنعم تليمة، وأستاذي ومشرفي صلاح قنصوة، قالت: "هذه رسالة تعلمت منها"، هذه الجملة كفيلة بأن تضعها على رأس قائمة العظماء، لأن العظماء فقط من يعلون من شأن تلاميذهم، والعظماء فقط من يعترفون بجدارة طالب لديهم. وحين أعددت مشروع رسالة الدكتوراه، كانت هي مريضة وتعاني، وأردتها مشرفة علي، لكنها اعتذرت لقسوة المرض، ومع ذلك ظلت تشرف علي وتقرأ وتعدل وتضيف وتحذف كلما طلبت منها ذلك، رغم أن المشرف كان أستاذًا آخر من أساتذة المعهد. إنها هي العظيمة التي لا تتوانى عن مساندة طالبة تتوسم فيها العلم، كان يمكن لها ألا تساعدني، لأني لدي مشرفان على الرسالة، لكنها لم تتركني لحظة، كلما أنجزت فصلا أذهب إليها، تقرأ وتناقش وهي ليس مضطرة لذلك، ولا مكلفة به، إنها العظيمة الناقدة الفذة نهاد صليحة، رحمها الله بقدر ما قدمت للنقد العربي من إسهامات جليلة، وبقدر ما خرجت طلابا وبثت فيهم الوعي.